إيلاف من باريس: يرى الكاتب ميشال كيلو، عضو اتحاد الديمقراطيين السوريين، في حديث لـ"إيلاف"، أن روسيا تريد اليوم تطبيق ما رفضت تطبيقه قبل عام حول وقف إطلاق النار نظرا لإمساكها خيوط النزاع في سوريا.

كيلو أقر بأن هناك مشكلة كبرى بين روسيا وإيران، مؤكدًا بأن طهران ومعها النظام السوري ليسا موافقين على الدور الروسي، وهما يعتقدان أن الحل العسكري هو الحل السياسي، وأنه لا يوجد حل وسط، وأن كل من يحمل السلاح هو إرهابي، وهذا ما تعارضه روسيا. مشيرًا إلى أن قبول روسيا وتركيا بمشاركة ايران في محادثات أستانة هو بسبب ضعفهما ميدانيًا لصالح حزب الله وطهران.&

إلى ذلك، كشف كيلو عن معلومات نُقلت عن أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي يقول فيها إن حزب الله سيبقى في سوريا بعد التوصل الى حل سياسي، مشيرًا إلى أن دور إيران المعطل للتوصل الى حل سياسي سيفقدها ما اكتسبته في سوريا منذ عام 1980.

ضمن هذا السياق، دعا ميشال كيلو المعارضة السورية إلى التعامل مع الدور الروسي الجديد من أجل التوصل الى حل سياسي.

إليكم نص الحوار:

هل ما خرجت به محادثات أستانة يتناسب وحجم توقعات المعارضة السورية؟&

تمثل محادثات أستانة، بضمانة روسية تركية وإيرانية، تطبيق البنود 12 &و 13 و 14 من القرار الأممي حول سوريا 2254 التي كان يجب أن تطبق منذ عام تقريبًا، لكن النظام رفض أن يطبقها بدعم روسي و إيراني، ولم يجر شيئًا في محادثات استانة سوى وقف إطلاق النار، وهو كان مقررًا في القرار 2254، واعتُبر تنفيذُه تمهيدًا للوصول إلى حل سياسي كما هو الحال الآن، ورفع المظالم التي انزلها النظام بالشعب السوري من حصار وقصف واعتقال ومنع وصول مساعدات غذائية ... ومن هنا تم الإلتزام في محادثات أستانة بما تم اقراره منذ عام تقريبًا.&

مقدمة للحل السياسي&

كيف انعكست تشكيلة الوفدين المشاركين في محادثات أستانة على مجريات المفاوضات؟&

في قراءتي الشخصية، اعتقد ان الموضوع كان متعلقًا بتطبيق وقف إطلاق النار وحل المشاكل الإنسانية التي اعتُبرت في القرار 2254 مقدمة ضرورية لفتح باب الحل السياسي، لذلك فإن محادثات أستانة لم تكن مهمتُها مناقشة الموضوع السياسي و إنما إقرار تطبيق هذين البندين بصورة نهائية وبضمانات دولية روسية إيرانية وتركية تمهيدًا لفتح باب الحل السياسي، والسؤال الأساسي يبقى اليوم: هل سيتم الإلتزام هذه المرة بوقف إطلاق النار وفق الجدول التقني الذي وضع، والذي يفصل بدقة المراحل الواجب اتباعها في تطبيق وقف إطلاق النار، من رفع الحصار عن الناس ووقف التهجير ومنع التجنيد الإجباري كما يقول القرار في بنوده التفصيلية، وإن حدث هذا فسيكون الباب فُتح أمام الحل السياسي وبدون أي شك سيشارك فيه السياسيون، وهذه المرة ذهب العسكريون للإتفاق على ترتيب عسكري، وكان معهم سياسيون من الإئتلاف ومن الهيئة العليا للمفاوضات، وإن لم يلعبوا دورًا اساسيًا.&

تزامنًا مع محادثات أستانة، شهد الميدان السوري اشتدادًا للقتال بين فتح الشام وفصيل جيش المجاهدين في إدلب وحلب، لماذا؟

أعتقد ان جبهة فتح الشام، النصرة سابقًا، قررت ان تتخذ اجراءات بحق الذين وافقوا على استانة لعلمها أن هذا الخط لو نجح فهو سيقصيها تمامًا عن الحياة العامة في سوريا، وبالتالي تقوم بضربة استباقية، &وعلى الأغلب لن تنجح، لأن القوى المناوئة لها هي فعليًا بقية اطراف العمل المقاوم والعمل المسلح في سوريا، وهي لمسألة مؤسفة أنه في اللحظة التي يتقرر فيها بقرار دولي وقف اطلاق النار بين النظام والمعارضة، يتم فيها فتح واطلاقُ النار بين اطراف معارضة بسبب قرارات فتح الشام التي لم تعد تمت بصلة لا للمقاومة ولا للمعارضة، بل ولعبت دورًا اسياسيًا بعملية تسليم حلب للنظام.&

أليس اقصاء أطراف اقليمية ودولية داعمة لفصائل مسلحة في سوريا عن محادثات أستانة هو السبب الرئيسي وراء اشتداد القتال بين هذه الاطراف؟&

لا. لأن الإقتتال بين الفصائل هي مسألة أعقد وأكبر بكثير من مسألة اتفاق جزئي كما حدث في استانة، وهو الإجتماع الذي كان يجب ان يتم قبل عام، بموافقة سعودية وقطرية، وليس هناك شيء تم الإتفاق عليه دون موافقة دول عربية بشكل اساسي، وأعتقد ان هناك نهجًا رُسم لفتح الباب أمام حل سياسي، لكن النصرة ضد الحل السياسي. &

ومن الواضح أنه ليست هناك دول عربية ضد الحل السياسي، وإن كانت روسيا وإيران قد وافقتا اليوم على ما رفضتاه خلال عام كامل، فهذا في الحقيقة شهادة لصمود الشعب السوري وليس شهادة لا لإيران ولا لروسيا، و من هنا أنا لا اعتقد أن الدول العربية تعارض هكذا اتفاق.&

انطلقت محادثات أستانة على وقع خلاق روسي- &إيراني، كيف يمكن لتناقضات الدول الراعية لوقف إطلاق النار بسوريا أن تضمن تنفيذه؟

روسيا تعتقد انها وصلت لمرحلة باتت فيها متمسكة بكل خيوط اللعبة واللاعبين في سوريا، ومن هنا قبلت روسيا اليوم تطبيق ما رفضت تطبيقه قبل عام، فهم امسكوا كما يعتقدون بكل خيوط اللعبة، ولكنني ارى ان ما أُعلن عن إدارة ترامب حول اقامة مناطق آمنة في سوريا يخربط الدور الروسي ويُفشله في سوريا.

امتعاض من الدور الروسي&

ماذا عن الخلاف الروسي الإيراني؟&

أعتقد أن هناك مشكلة كبرى بين روسيا وإيران، مع العلم أن هناك إجراءات كبيرة تم الإتفاق عليها بين النظام وإيران وكلاهما ضد الدور الروسي اليوم، أو ليسا موافقين على الدور الروسي، وهناك مجموعة من الإجراءات تمت فعليًا لإحباط قدرة روسيا أن تفرض عليهما حلاً سياسيًا في سوريا، والذي سيكون في طبيعة الحال حلاً وسطيًا، لأن إيران والنظام يعتقدان أن الحل العسكري هو الحل السياسي، وأنه لا يوجد حل وسط، وان كل من يحمل السلاح هو إرهابي، وهذا ما تعارضه روسيا وتقول إنه يجب أن يكون هناك حل وسط، وأعتقد ان هذا الحل الوسط سيكلف بشار الأسد رأسه وسلطته وحكمه. ومن هنا فإن إيران والنظام يحاولان إفشال ما تم التوصل اليه، وهناك معلومات نُقلت عن أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي يقول فيها إن حزب الله سيبقى في سوريا بعد التوصل الى حل سياسي، ومن هنا نرى بوضوح دور إيران الذي يقوم على التعطيل، ونحن كمعارضة لا نوافق أن تكون إيران دولة ضامنة، لأن ذلك يُعطيها حقا في الإشراف، ونحن لا نريد لإيران أن تلعب دورًا في بلادنا، لا نريدها لا ضامن ولا وجود ولا اشراف على حل، وعليها أن تغادر سوريا كقوة احتلال، وأهلا بها كدولة تريد أن تقيم علاقات طبيعية مع الشعب السوري.

ستحاول إيران افشال المسعى الروسي، وهناك مشكلة كبرى بين روسيا وإيران ظهرت جليًا في تراجع روسيا وتركيا أمام إيران وقبول أن تكون إيران دولة ضامنة، وسبب ذلك أن روسيا على الأرض ضعيفة، وتركيا لم تتدخل في كامل قوتها بسوريا، والسؤال الآن: هل يتطلب كسر الدور الإيراني أن يؤسس الروس لأنفسهم على الأرض قوة تستطيع أن تردع الإيرانيين وتقف بوجههم &كما فعل الروس في حلب، هذا سؤال كبير، وأعتقد ان ما أُعلن عن قبول إدارة ترامب بإقامة مناطق آمنة بسوريا سيكون له اثر كبير.&

ما هي المشكلة الكبرى لإيران في سوريا؟&

المشكلة الكبرى لإيران في سوريا أن أي حل سياسي مهما كان لا يُمكن أن يُعطيها ما تمتلكه منذ عام 1980 حتى الآن، وإن أي حل سياسي سيعطي إيران أقل بكثير مما تملك، أي انها ستخرج خاسرة، لذلك لن توافق إيران على حل سياسي في سوريا وهي ماضية في العمل من أجل حل عسكري وتحاول تلمس الإتجاهات التي سيذهب فيها التطور بغية تعقيد الأمور ووضع عوائق أمام الحل السياسي، كما وتحاول أن تخلق وقائع على الأرض كي تُجبر الروس على أخذها&في الإعتبار، وبالتالي تقديم حل سياسي تكون خسارتها فيه محدودة، اما ان حلا سياسيًا يُبقي لإيران ما تمتلكه الآن في سوريا فهذا مستحيل، وهذه مشكلة إيران الأساسية، وهي مشكلة روسيا في الحل القادم، وربما مشكلتنا نحن كمعارضة، لأننا لا يُمكن ان نوافق أن يكون لإيران في سوريا نفوذٌ و سيطرة وسطوة وتحكم كدولة تستعمر بلادنا.&

الإستفادة من الموقف الروسي&

ما الذي دفع روسيا لتغيير نهجها في سوريا؟&

روسيا قررت ان تغيّر دورها في سوريا لأنها لم تعد مقتنعة ان الذهاب إلى النهاية، أي تحقيق انتصار للنظام، سيكون لصالحها، وإنما سيكون لصالح إيران، وسيخلق لها متاعب كبرى، وسيعقد مشروعها للإنتشار الإقليمي في المنطقة بعد حل الموضوع السوري. هناك رغبة روسية في الإستقواء بالمعارضة على الدور الإيراني، ولكن هذا لا يعني ان روسيا صارت مع المعارضة، لكن هذا يعني &أن مكان المعارضة في السياسة الروسية تغيّر كثيرًا، وبالتالي فإن روسيا تريد إقامة علاقات شبه طبيعية مع المعارضة المسلحة، وتريد ان ترتب أمورها مع المعارضة السياسية كي يكون هناك موقف موحد تجاه الدور الروسي القادم، وهذا يعطينا فرصة كبيرة للضغط بإتجاه الوصول إلى حل سياسي يُشبه كثيرًا ما نريده نحن، أي إقامة نظام ديمقراطي او نظام قائم على اسس ديمقراطية ينتقل تدريجيًا إلى الديمقراطية ويخلو من آل الأسد وليس فقط من بشار ومن كل العصابة التي تسمى اسرة الأسد وشبيحة الأسد، وأتصور ان هذا هو طموح روسيا وهي فرصة علينا ان نستغلها كي نصل مع الروس إلى تفاهم جدي حول نمط الحل الذي نريده لسوريا، وأعتقد أن ورقتنا لدى روسيا اصبحت أقوى بكثير مما كانت عليه قبل ذلك.&

هل تطور الموقف الروسي وفقًا للتطورات الميدانية في سوريا؟&

نعم، إن روسيا بين&سبتمبر عام 2015 و&سبتمبر عام 2016 لم تستطع ان تقدم للنظام شبرًا واحدًا زيادة عن أقل من 3 بالمئة من الأرض التي كانت بيد الثوار، وبالتالي هناك حسابات روسية تقول إن روسيا عليها ان تقاتل 25 سنة في سبيل القضاء على الثورة، وروسيا ليست جاهزة لذلك، وكما هو واضح انجزت ما هو ضروري كي تمسك بالخيوط المختلفة وتصل الى حل سياسي يأخذ&في الإعتبار مطالب الشعب السوري وتنطلق من سوريا لبناء نظام إقليمي تحدثت عنه اكثر من مرة، بإعتبار أنه أساس خروجها من وضعها الراهن كدولة محصورة ومعزولة إلى وضع جديد يشبه ما كان عليه الإتحاد السوفياتي سابقا، فالرهان في سوريا كبير جدًا بالنسبة لروسيا، وهو أكبر بكثير من علاقاتها مع النظام وإيران، بإعتبار أن النظام و إيران اقنعا روسيا أنه ليس هناك إلا الحل العسكري، وروسيا اصبحت اليوم مقتنعة انه ليس هناك حل عسكري، فأنا أعتقد ان هذا التناقض لعب دورًا كبيرًا في اقناع الروس بضرورة ان يعيدوا النظر بعلاقاتهم مع الدول الفاعلة في الساحة السورية.&

تتخلى عن النظام&

هل هذه الرؤية الروسية مضمونة بمسودة الدستور التي سلمتها موسكو للمعارضة في أستانة؟ وما هو مصير بشار الأسد فيها؟&

القيت نظرة على ما قيل إنه ينتمي إلى مسودة الدستور التي وزعتها موسكو في استانة وأرى أن هناك مجموعة من العيوب فيها، منها انه ما زال يأخذ بنظام رئاسي يشبه النظام القائم بروسيا ونحن دمرنا النظام الرئاسي، نظام الفرد الواحد والقائد الواحد والفكرة الواحدة والكلمة الواحدة، حيث كنا بمرحلة حافظ الأسد الذي يمتلك خبرة وحنكة فغدونا بمرحلة ابنه بشار الذي لا يمتلك لا الخبرة ولا شيء واصبحنا خاضعين لنفس الشخص المتأله في رئيس الجمهورية ومن هنا نحن لن نقبل بنظام رئاسي ونريد نظامًا برلمانيًا، والنظام الذي قدمه الروس لنا قائم على شكل من أشكال النظام الرئاسي الذي يشبه نظام بوتين في روسيا وأقول إن هذا لن يكون مقبولاً ويجب أن يعاد النظر فيه وسيكون موضوعًا لحوار طويل وليس فقط مسألة قبول ورفض وهذا يطرح إشكالية: هل يحق لروسيا ان تقدم لنا دستورًا؟ ونحن من أقدم الدول التي كان لديها خبراء دستوريون وقانونيون دستوريون ولدينا خبرة دولية وعالمية وصلات مع كبار رجال القانون الدستوري في العالم ونحن كسوريين نضع دستورنا بأنفسنا لكنني أعتقد أن لهذا الدستور وظيفة هي إقناع المعارضة السورية بأن روسيا ستتخلى عن النظام القائم، وهذه الوظيفة علينا ان نقبلها، لأن&ذلك واضح تمامًا في نصوص الدستور والمتمثل بعبارة: ستتخلى روسيا عن النظام بشكله الحالي.

بالنسبة للموقف الأميركي، هل من اتصالات بين المعارضة وإدارة دونالد ترامب، وهل تلقيتم اشارات منها؟&

صدرت إشارات عامة غير مباشرة عن الإدارة الأميركية، وما أعرفه انه في فترة سابقة طلبنا ان يكون هناك اتصال مع الإدارة الأميركية الجديدة، ولكن ترامب نفسه قال بأنه لا يريد قبل ان يصبح رئيسًا ان ينسج علاقات تلزمه بشيء في وقت لاحق مع المعارضة او غيرها، ولكن تقدم ترامب بمقترح لإقامة مناطق آمنة في سوريا، وروسيا قالت إنه لم يتم إبلاغها رسميًا، ولكنه سيخلق تعقيدات وسيخربط كل المواضيع التي تعمل عليها روسيا وإيران في سوريا، ونحن سنترقب ما سيحدث والإشارات والدلائل التي تأتي من واشنطن واضحة تمامًا بأن هناك نزعة إلى تسوية بعض المشكلات التي كانت فيها الولايات المتحدة الطرف الأضعف، وبالتالي استعادة الدور الأميركي، ولو تطلب الأمر التدخل عسكرياً ضد النظم الإستبدادية التي تسببت بنشوء الإرهاب، أي ضد نظام بشار الأسد الذي تنسب إليه وثيقة أولبرايت - هادلي &السبب الرئيسي في نشوء الإرهاب، وهذا يعني أن أميركا ستدخل من جديد الى الأزمة السورية بقوة وستخربط من جديد الأوراق الموجودة على الطاولة.&
&