الأطلال في حلب

آثار الدمار جراء القتال في مدينة حلب

إنشغل العديد من الصحف العربية بمتابعة تطورات الأوضاع في مدينة حلب السورية في ظل تقدم القوات الحكومية وفرض سيطرتها على أكثر من ثلث المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في شرقي المدينة.

وقد أشاد عدد من هذه الصحف بما وصفه بأنه "انتصار للجيش السوري" و"ضربة لفصائل المعارضة وجماعات الإرهاب والقوى الداعمة لها"، بينما رأى بعض الكتاب أن "النظام السوري" أحرز تقدماً عسكريا بمعاونة حلفائه ولكنه افتقد "المكتسبات السياسية".

"محرقة للإرهاب"

ويحتفي محرز العلي في صحيفة الثورة السورية ﮨما سماه "إنجازات حلب" قائلا : "الإنجازات الكبيرة والمتسارعة التي حققها الجيش العربي السوري في معركة حلب والتي تجلت بتطهير نحو 16 حياً من أحياء حلب الشرقية والتقدم مازال مستمراً لتطهير ما تبقى منها والذي رافقه انهيار كبير في صفوف التنظيمات الإرهابية التكفيرية أصابت القوى الداعمة للإرهاب بصدمة قوية لم تكن تتوقعها على الإطلاق، وجعلتها تتصرف بحالة هستيرية في محاولة منها لرفع معنويات أذرعها الإرهابية المنهارة".

وعلى المنوال ذاته، ترى لميس عودة أن المسلحين يلفظون أنفاسهم الأخيرة في حلب التي تحولت إلي "محرقة للإرهاب". وتضيف: " في خضم التسارع الكبير واللافت لإنجازات الجيش العربي السوري في أكثر من مكان على الأرض السورية، يبقى المشهد الحلبي مستأثراً بفرادة خصوصيته لجهة انعكاسات نتائجه وتداعياته الثقيلة على الدول الداعمة للإرهاب، فهم أرادوا أن تظل حلب على صفيح من بارود مشتعل ومنطلقاً لإرهابهم، لكن الشهباء أبت إلا أن تُسقط على جنباتها كل أحجار الدومينو الصهيو-غربية وأن تُكسّر على عتباتها كل المشاريع التآمرية التفتيتية".‏‏

لا يمكن الحديث عن انتصارات نهائية في سوريا. حلب ليست كل الحرب على رغم أنها معركة دقيقة ومهمة وتشكل منعطفاً حاسماً في موازين القوى.

راجح الخوري

ويشيد محمد خروب في صحيفة الرأي الأردنية بقدرة الجيش السوري على "كسر شوكة" المجموعات الإرهابية في حلب، قائلاً: "بعد أن تهاوت خطوط دفاع المجموعات الارهابية وانكسرت شوكتهم في شرقي حلب، وخصوصا بعد الانهيارات المُتسارِعة التي اعقبت مواجهات الايام الاخيرة وسيطرة الجيش السوري على اثني عشر حيّاً من الأحياء الشرقية، ارتفعت نبرة جوقة داعمي هؤلاء الارهابيين في المنطقة وعبر المحيطات، وراحوا يُحذِرون من مجزرة تُرتكَب في المدينة بحق المدنيين".

ويوجه الكاتب هجوماً لاذعاً ضد من وصفهم بأنهم ّيذرفون دموع التماسيح" وﺑ "عصابات مرتزقة ومأجورة لعواصم في الإقليم وعبر المحيطات" إضافة إلى من أسماهم بمعارضة الفنادق.

"منعطف حاسم"

وفي صحيفة النهار اللبنانية كتب راجح الخوري : "لا يمكن الحديث عن انتصارات نهائية في سوريا. حلب ليست كل الحرب على رغم أنها معركة دقيقة ومهمة وتشكل منعطفاً حاسماً في موازين القوى، لكن ما قد يراه النظام على الضفة الأخرى بعد السيطرة على المدينة المدمرة يختلف بالتأكيد عما يراه الروس الذين يقاتلون من الفضاء بعدما تعهدوا بإصرار وعناية بقلب الأوضاع لمصلحة النظام".

فارون من شرقي حلب

مواطنون يفرون من مناطق سيطرة المعارضة شرقي حلب

ويضيف: "يعرف فلاديمير بوتين أن انتصار النظام وحلفائه في حلب لن يحسم فصول الحرب، يمكن حروب العصابات أن تستمر عقداً من الزمن وأكثر، خصوصاً أن المعارضة ليست ميتّمة وستجد دائماً في الإقليم من يحركها، على الأقل في محاولة لوقف الاختراق الإيراني الشيعي المتنامي".

وفي الجريدة نفسها، تحذر رندة حيدر من تبدل سياسة إسرائيل حول التطورات الأخيرة في سوريا، قائلة: "للمرة الأولى منذ وقت طويل شنّ الطيران الإسرائيلي غارتين استهدفتا مخازن لصواريخ متطورة تقول مصادر صحافية في إسرائيل إنها تصنع بالقرب من دمشق وتخزن هناك قبل شحنها إلى حزب الله، بالإضافة إلى غارة استهدفت على حد زعم هذه المصادر قافلة كانت تنقل صواريخ متطورة من سوريا إلى لبنان".

وتتساءل جريدة القدس العربي في افتتاحيتها: " هل انتصر النظام السوري في حلب؟" مشددة على ما تسميه "استهتار النظام بالحياة البشرية للمدنيين".

إذا كانت الحرب هي شكلٌ من أشكال السياسة، فإن أي إنجاز عسكري ميداني، مهمَا كان مهمّاً، يبقى عاقرا إذا لم تخصّبه مكتسبات سياسية ولم تباركه تسويات معيّنة.

محمد القواص

وتجيب : "دخول النظام إلى حلب، بهذا المعنى، هو تكريس لأمثولة تسليم البلاد للأجنبيّ للقضاء على أبناء البلد، ودفن فكرة الثورات العربية في ̕المقبرة السورية̔، وسيادة التوحّش في العالم، وهي قصة لا يمكن أن تنتهي كما يأمل الوريث الدكتاتور بشّار الأسد، لأن الحياة، ببساطة، أقوى من ماكينة الموت".

وينتقد محمد القواص في جريدة العرب اللندنية المكاسب العسكرية السورية ٌقائلاً: "ستكتشف موسكو أن سقوط مدينة حلب المحتمل كاملة بيد النظام السوري قد لا يشكّل إنجازاً مفصلياً في تاريخ الصراع السوري المنفجر منذ عام 2011. وستكتشف موسكو أن اندفاعها لفرض أمر واقع في حلب يعيد المدينة إلى داخل حدود "سوريا المفيدة"، لن يكون إلا تفصيلاً عسكرياً في غابة التفاصيل العسكرية المتشابكة داخل الخارطة العامة للبلاد. فإذا كانت الحرب هي شكلٌ من أشكال السياسة، فإن أي إنجاز عسكري ميداني، مهمَا كان مهمّاً، يبقى عاقرا إذا لم تخصّبه مكتسبات سياسية ولم تباركه تسويات معيّنة".