كوتاباتو: دعي حوالى ثلاثة ملايين فلبيني إلى التصويت الإثنين في استفتاء حول إقامة منطقة للحكم الذاتي في جنوب البلاد بموجب اتفاق السلام، الذي تم التوصل إليه في 2014 مع المتمردين المسلمين، لطيّ صفحة عقد من حركة التمرد التي أوقعت قتلى.

وكان مسلمون حملوا السلاح في سبعينات القرن الماضي للمطالبة بحكم ذاتي أو بالاستقلال في المنطقة التي يعتبرونها أرض أجدادهم في جنوب الفلبين، الأرخبيل الذي يشكل المسيحيون الكاثوليك غالبية سكانه. وأدت حركة التمرد إلى سقوط حوالى 150 ألف قتيل.

وقعت أكبر حركة تمرد جبهة مورو الإسلامية للتحرير في 2014 اتفاق سلام مع الحكومة ينص على منح الأقلية المسلمة حكما ذاتيا في بعض مناطق جزيرة مينادناو الكبيرة وجزر في أقصى جنوب غرب البلاد.

ويصوت 2,8 &مليون ناخب في المنطقة على إنشاء أو عدم إنشاء "منطقة بانغسامورو ذات الحكم الذاتي" بدلًا من منطقة الحكم الذاتي الحالية، التي أقيمت بموجب اتفاق وقع بين مانيلا مع حركة تمرد أخرى منافسة لجبهة مورو الإسلامية للتحرير، وهي "جبهة مورو الوطنية للتحرير". ويفترض أن تكون المنطقة الجديدة للحكم الذاتي أكبر وتتمتع بصلاحيات أوسع.

قال جيمبرا عباس (22 عامًا) لوكالة فرانس برس "سئمت أعمال العنف، وأبي كان من ضحاياها"، موضحًا أن والده كان ناشطًا سلميًا اغتيل قبل عشرين عامًا. أضاف إن "هذه الانتخابات تجري في يوم الذكرى العشرين لمقتله".

نشر حوالى عشرين ألف شرطي وعسكري خوفًا من محاولة مجموعات متمردة أخرى الإخلال بسير الاقتراع. ومع بدء التصويت في وقت مبكر من الاثنين، ألقيت قنبلة يدوية على أحد مراكز الاقتراع في كوتاباتو، لكنها لم تنفجر. قالت ليتيسيا مانغارال باكية "شعرت بالخوف، وفكرت في التراجع" عن التصويت. أضافت "لكن ذلك لن يمنعني" عن ذلك.

خطر على الصعيد الأمني
يتوقع أن تعلن نتائج التصويت خلال أربعة أيام لهذا الاقتراع، الذي لم يشمل عددًا من المناطق الصغيرة بسبب مشاكل إدارية. وسيجري الاستفتاء في هذه المناطق في السادس من فبراير لمعرفة ما إذا كانت ترغب في الانضمام إلى بانغسامورو.

لم تشمل عملية السلام، التي بدأت في تسعينات القرن الماضي، التنظيمات الإسلامية، التي ما زالت ناشطة في جنوب الفلبين، بما فيها تلك التي بايعت تنظيم الدولة الإسلامية. وتأمل الحكومة وجبهة مورو الإسلامية للتحرير في أن تتكون منطقة تتمتع بحكم ذاتي ومستقرة، قادرة على جذب المستثمرين في قطاع شكل فيه الفقر دافعًا للتطرف.

ينص القانون المتعلق ببانغسامورو، الذي يحدد معالم المنطقة الجديدة، ويفترض أن يدلي الناخبون بآرائهم فيه، على أن تتلقى هذه المنطقة في السنوات العشر المقبلة 950 مليون دولار من مساعدات التنمية، إلى جانب جزء من الضرائب التي تجبى فيها.

ويؤيد الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، الذي يتحدر من مدينة دافاو كبرى مدن ميندناو، إقامة هذه المنطقة. وينص القانون أيضًا على تسريح ثلث مقاتلي جبهة مورو الإسلامية للتحرير، الذين يقدر عددهم بنحو ثلاثين ألف رجل. وستشمل منطقة الحكم الذاتي مدينة مراوي، التي سيطر جهاديون أعلنوا انتماءهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية، على أحياء كاملة منها لخمسة أشهر في 2017.

أكد مراد إبراهيم، زعيم جبهة مورو الإسلامية للتحرير، لصحافيين في مقر الحزب في مدينة كوتاباتو، "هذا ليس نهاية كفاحنا". أضاف إن "هذا (الانتقال في الحكم) يشكل مرحلة جديدة من الكفاح ستكون أصعب، لأن عدونا قد يكون نحن أنفسنا".

ويعتقد خبراء أن إقامة منطقة في الجنوب تتمتع بدرجة من الحكم الذاتي هي واحدة من أكثر المحاولات المقنعة لإعادة الاستقرار إلى المنطقة. لكن في الوقت نفسه، يشكل الفساد واحدة من أكبر المشاكل التي يعاني منها الأرخبيل، بينما سيكون نجاح مشروع منطقة الحكم الذاتي مرتبطًا خصوصًا بدفع المساعدات الموعودة كما يجب.

وحذر غريغوري ويات من مركز "بي آي إيه فلبين كونسالتنسي" أنه "في الأمد القصير يمكن أن تخسر مجموعات وسياسيون كثر من إقامة هذه المنطقة". وأضاف "لذلك هناك خطر حقيقي على صعيد الأمن على الأمد القصير".
&