فيما يستعد البرلمان العراقي لمناقشة مشروع قانون جرائم المعلوماتية غدًا السبت، فقد حرّم السيستاني اليوم النشر الالكتروني الذي يثير الفتنة الطائفية والقومية، قائلًا إنه سيكون كالرصاصة الطائشة أو القنبلة التي تخطئ الهدف وتقتل أمة.&

إيلاف: قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني خلال خطبة الجمعة في كربلاء (110 كم جنوب بغداد) إن ضوابط النشر الالكتروني من الناحية الدينية تستدعي مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي والنشر عبر الانترنت إلى التفكير جيدًا في ما ينشروه قبل التسرع في ذلك، والتأكد من كون المنشور لا يصيب بالضرر حياة الآخرين. وشدد على ضرورة التأني في النشر لسلامة المستخدم والمجتمع والملايين من المتلقين.. منوهًا بأنه قد تظهر نتيجة منشور واحد عواقب يندم الناشر عليها لاحقًا.&

وشدد على حرمة الإبتزاز الالكتروني للفتيات، مؤكدًا أنه مخالف للشرع والأخلاق. واعتبر نشر الأسرار وسقطات الآخرين هي الأخطر في مواقع التواصل الاجتماعي.. لكنه أشار إلى أن كشف من ثبت فسادهم عبر مواقع التواصل مستثنى من الموانع الدينية. & &&
ووصف معتمد السيستاني النشر الالكتروني السيئ بالرصاصة الطائشة أو القنبلة التي أخطأت هدفها، حيث لم يحقق الرامي في تصويبه، وربما تقتل الصديق وتقتل الأخ والعشيرة والأهل، وربما تقتل أمة.. وأكد على ضرورة التأني والتفكر والتأكد من المعلومة قبل نشرها.. منوهًا بأن مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالآراء والأفكار والمقالات، وبعضها مجهول المصدر أو وهمي أو بعناوين براقة أو من ذوي نوايا سيئة، وهو ما يستلزم تدقيق الأمر قبل نشره.

وأوضح أن هناك الكثير من الأسر والأشخاص، نساء ورجالاً،&وخاصة الفتيات ممن تعرّضن للهتك والفضح، بسبب عدم الحذر والحيطة منهن أو من عوائلهن، ما سبب هتكًا لسمعتهن وسمعة عوائلهن، حتى أصبح البعض لا يتمكن من مزاولة عمله أو البقاء في مدينته، فحرم من رزقه ومنزله وأهله وأرحامه، واضطر للهجرة إلى مكان آخر، بعدما وقع فيه من حرج اجتماعي كبير.

وشدد على أنه على الإنسان الواعي أن يفكر في ما يريد نشره من آراء أو مقالات أو أي شيء آخر هل هو حق أم باطل خير أم شر، وهل فيه إساءة إلى طائفة أو دين أو أي مجموعة بشرية، وهل سيشعل فتنة طائفية أو قومية، وهل يحمل مضامين أخلاقية أم لا.

وأشار الكربلائي في الختام إلى أن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي سرعان ما يتحوّل من نعمة إلى نقمة إذا لم تكن مؤطرة بضوابط ومعايير دينية وأخلاقية يمكن من خلالها استعمال هذه المنظومة النفعة.. مؤكدًا على ضرورة التعريف بالضوابط المحددة لهذا الاستعمال، والتي ستوفر لو تم العمل بها ومراعاتها الأمن الأخلاقي والثقافي والاجتماعي وكذلك الأمن الوطني للمجتمع.
&
معارضة محلية ودولية لقانون جرائم المعلوماتية العراقي
وفي منتصف الشهر الماضي، وصفت منظمات حقوقية دولية وعراقية مشروع قانون جرائم المعلوماتية الذي يناقشه البرلمان بأنه يمثل تراجعًا خطيرًا لحرية التعبير في العراق، داعية إلى سحبه وتنظيم مشاورات مع المجتمع المدني لإعداد تشريعات جديدة تتناول جرائم الإنترنت تضمن احترام حقوق الإنسان الأساسية.

وطالب مركز حقوق العراقي لدعم حرية التعبير في بيان صحافي مجلس النواب بعدم تمرير قانون جرائم المعلوماتية، محذرًا من أنه سيقيّد حرية التعبير في البلاد بسبب بعض مواده التي لا تتناسب مع حجم الأفعال التي قد ترتكب في مواقع الإنترنت.

وأشار المركز الى انه في الوقت الذي يسجل فيه الكثير من الملاحظات الكثيرة على مشروع قانون جرائم المعلوماتية، فإنه يخشى من تشريع القوانين المبطنة بعقوبات شديدة وبمواد ذات &تفسير متعدد تهدف لإنهاء الأصوات التي تنتقد أداء السلطات أو توقف حرية التعبير في مواقع التواصل الإجتماعي وشبكة الإنترنت.

ودعا إلى إخضاع مشروع القانون إلى النقاش العام من قبل قادة الرأي والمتخصصين ليكون موافقًا للدستور والقوانين الدولية، وأن لا يتخطى حدود الديمقراطية.

كما حذرت منظمات حقوقية دولية ومحلية ممّا ووصفتها "انتكاسة مفجعة" لحرية التعبير في العراق في حال تشريع قانون جرائم المعلوماتية، مؤكدة أن القانون يفرض عقوبات شديدة بالسجن وغرامات باهظة ضد المنتقدين السلميين، الذين يعبّرون عن أنفسهم عبر الإنترنت.

وقع البيان الذي تابعته "إيلاف"، كل من: منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش والمعهد الدولي للصحافة والجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحافيين والشبكة العراقية للإعلام المجتمعي ومنظمة إكسس ناو والمرصد العراقي لحقوق الإنسان اضافة الى منظمة منَا لحقوق الإنسان ومنظمة القلم الدولي ومركز القلم العراقي.

عبّرت هذه المنظمات في رسالة الى البرلمان العراقي عن قلقها العميق بشأن إعادة عرض مشروع "قانون الجرائم المعلوماتية" على مجلس النواب علمًا بأنه سبق وأن طرح على المجلس لقراءة أولى في 12 يناير 2019.&

أشارت هذه المنظمات الى انها تدرك "ضرورة تبني تشريع بشأن الجرائم الإلكترونية" إلا انها نبهت "إلى أنه في حال سنّ هذا القانون في صيغته الحالية يمثل في الأصل تراجعًا خطيرًا لحرية التعبير في العراق، ويؤسس للرقابة الذاتية في البلاد".

واعربت عن انشغالها "خصوصًا بشأن المواد 3 و 4 و 6 التي تنص على معاقبة أفعال مبهمة وغير واضحة والتي يمكن أن تندرج في إطار الحق في حرية التعبير وذلك بالسجن مدى الحياة وغرامات مالية ثقيلة". واكدت معارضتها لاحكام أخرى صيغت بطريقة مبهمة من شأنها أن تمنح سلطة تقديرية واسعة للسلطات، مما يسمح لها بقمع الحق في حرية التعبير.&

واشارت الى ان الحق في حرية التعبير مكفول بموجب المادة 38 (1) من الدستور العراقي وكذلك المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي دولة العراق طرف فيه.

ودعت مجلس النواب العراقي إلى سحب مشروع قانون الجرائم الإلكترونية في صيغته الحالية، وتنظيم مشاورات، بما في ذلك مع المجتمع المدني لإعداد تشريعات جديدة تتناول جرائم الإنترنت مع ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية وحريات الجميع في العراق.

أهداف فضفاضة وتعبيرات ركيكة
يتضمن مشروع القانون الذي حصلت "إيلاف" على نصه فقرة ختامية حول الاهداف من تشريعه جاءت فضفاضة وعمومية وركيكة العبارات.

وتشير مسودة المشروع في هذا الصدد الى انه يهدف الى " توفير الحماية القانونية وإيجاد نظام عقابي لمرتكبي جرائم الحاسوب وشبكة المعلومات التي رافقت نشوء ونمو وتطور نظم الحاسوب والشبكات وثورة تقنية المعلومات واجراءات جمع الادلة والتحقيق لما تنطوي عليه من مخاطر عدة تلحق بالمؤسسات والافراد خسائر كبيرة باعتبارها تستهدف الاعتداء على البيانات والمعلومات وتمس بالحياة الخاصة للافراد وتهدد الامن الوطني والسيادة الوطنية وتضعف الثقة بالتقنيات الحديثة وتهدد ابداع العقل البشري ومن اجل توفير الحماية القانونية لنظم الحاسوب التي تعمل الدولة على تشجيع الاعتماد عليها في الانشطة كافة".

يحتوي المشروع اربعة فصول ضمت 31 مادة.. حيث تضمن الفصل الاول التعريف والأهداف والثاني الاحكام العقابية والثالث اجراءات جمع الادلة والتحقيق والمحاكمة، فيما تضمن الفصل الرابع احكامًا عامة وختامية.
&


&