الرباط: بحضور العديد من الفعاليات الفنية والأدبية، احتفلت شبكةالمقاهي الثقافية بالمغرب بالفنان الشعبي حجيب، في أمسية خاصة بمساره الفني، مساء الأحد، بالرباط.

وعبر الفنان المغربي عن امتنانه لهذه المبادرة التي تشكل مناسبة للاحتفاء بفنانين يمثلون مختلف المجالات.

وحول كيفية الحفاظ على فن العيطة كموروث يشكل الهوية المغربية للأجيال الصاعدة، قال حجيب لـ"إيلاف المغرب" إن توثيقها أمر ضروري من خلال الكتب و الوسائل المرئية والمسموعة، بهدف إبرازها بشكل واسع و حصولها على قيمة أكبر، مما يتيح المحافظة على المثل الشعرية للعيطة، وهو ما يفرض وجود متخصصين و مهتمين بالمجال، برعاية وزارة الثقافة.

ونفى حجيب إمكانية وجود"شيخة" ( مغنية شعبية) جديدة بعد مرور 10 أو 15 سنة، يمكنها أن تقدم"تاشياخت" بقواعدها وأصولها كما دأب على ذلك جيل الرواد، خاصة أن"المشيخة" لم يعد لها أثر في الوقت الحالي.

وأوضح أن العيطة لا يمكن تأديتها من طرف شخص واحد، بل تتطلب فردين أو ثلاثة أفراد، حيث تتضمن أساليب و رموز، تسمح بوجود ألحان موسيقية خاصة.

وحول رأيه في مستوى الفنانين الشعبيين الشباب و إمكانية حفاظهم عليها، قال حجيب:"هناك صراعات مع التيارات الشرقية والغربية، سمح بدخول موجة جديدة من الأغاني لم نفهمها، و نحن نتوفر على تراث مهم و إيقاعات متفردة لكن تم تجاهلها، هدفنا حاليا هو ربط الشباب بتراثه الأصيل بشكل تدريجي، أرى عموما أن العيطة أصبحت في أياد أمينة، بفضل وجود الباحثين والمهتمين و وسائل الإعلام".

وبشأن إقبال البعض على الغناء الشعبي من أجل الشهرة والمال دون تمكنهم من قواعده و درايتهم بالمجال، قال حجيب لـ"إيلاف المغرب" إنه لا مجال للمقارنة بين فنانين حقيقيين بدؤوا مشوارهم الفني منذ 30 سنة بالجدية والمثابرة والعمل و آخرين تعرضوا لأضواء الشهرة عبر"يوتيوب ".

وأفاد أن الطريقة التي تؤدى بها العيطة تشمل النداء بحروف وأدوات معروفة، حيث يبذل"العياط" أي (المنادي) جهدا، بتوظيف طاقته الصوتية الصادحة، إضافة إلى"الندهة" وهي طريقة"شياخية" تقليدية تحترم معايير العيطة، أو ما يصطلح عليه ب"رفود العيطة".

وأكد على ضرورة الحفاظ على هذا الموروث الفني المغربي دون إضافات، باستثناء السماح بتغيير الآلات المستخدمة، دون المس بالمثل و الموسيقى الأصلية.

وطالب بإحداث قناة فنية تدرج النمط الشعبي وتشجع إنتاجه بغزارة، في مواجهة الفوضى و العشوائية و القرصنة التي يتعرض لها الفنانون.

وأفاد بوجود اهتمام كبير بالعيطة من طرف باحثين أوروبيين، مما يدل على أنها تجاوزت حدود المغرب.

وقال حجيب: "العيطة كبيرة في السن حديثة الميلاد، فالباحثون توصلوا لكونها ظهرت في القرن الثاني عشر ميلادي ، ونحن نسمعها كأنها لحنت بالأمس، هي تعبر عن تاريخ المغرب الداخلي، الاستعمار والعلاقة بين القبائل والقياد، تتكلم عن القمع والجوع والقهر، ولا وجود للحب و الغرام في هذا الفن، إضافة إلى كون المرأة دخيلة على الأغنية الشعبية والعيطة، ساهمت في تقريبها للمتلقي بشكل أكبر بخلاف الرجل الذي كان يؤديها بصوت خشن".