حاوره في لندن معد فياض: يعود السياسي العراقي المخضرم الدكتور عدنان الباجه جي الى بغداد لمواصلة مشواره السياسي الجديد الذي بدأه قبل اكثر من عام من خلال مجلس الحكم السابق حيث ترك آثاره الملموسة في كثير من القرارات التي اتخذت في هذا المجلس، ولعل ابرزها قانون ادارة الدولة الذي حرص فيه الباجه جي على صياغة قوانين حقوق الانسان والحفاظ على الحريات. قبل عودته الى وطنه التقت «الشرق الأوسط» الباجه جي في لندن وقد بدا متفائلا للغاية بمستقبل العراق السياسي، وقال «يجب ان نتفاءل، اذ لا يوجد أي بديل عن التفاؤل. نتفاءل لنعمل ما هو لصالح شعبنا ووطننا». وغير التفاؤل نقرأ في طروحاته لغة واثقة لما يريد ان يحققه من خلال حركته «تجمع الديمقراطيين المستقلين» التي تضم نخبا سياسية وفكرية عراقية متنوعة وتعكس صورة فسيفساء المجتمع العراقي في تنوعها الطائفي والقومي.
وعودة الباجه جي بعد ان امضى اجازة قصيرة، لا تعني بأي حال من الاحوال رغبته بتجديد الصراع حول ابعاده عن منصب الرئاسة في العراق، فالرجل نسي او تناسى هذه القصة، بل ويرفض الحديث عن الماضي ولكنه يحرص على الحديث عن المستقبل. فعودته، كما يرى، تعني اولا واخيرا حرصه على المشاركة في العملية السياسية لتحقيق الديمقراطية وما جاء في قانون ادارة الدولة.
* لماذا انت عائد الى بغداد؟
ـ انا عائد الى بيتي واهلي ووطني وشعبي، ما الغريب في ذلك.
* اعني هل ستعود لمواصلة العمل السياسي هناك؟
ـ بالتأكيد، انا عائد من أجل الانتخابات، وسأرشح نفسي للرئاسة. من المهم جدا اجراء الانتخابات في العراق وفي موعدها المقرر، وان تكون هناك حكومة منتخبة ودستور ثابت، لقد مللنا صيغة الدستور المؤقت والحكومة المؤقتة. كل شيء في العراق صار مؤقتا منذ تخلصنا من النظام السابق.
* ما الذي يجعلك متفائلا بإجراء الانتخابات في موعدها؟
ـ هناك اولا، اصرار الشعب العراقي وتعطشه لاجراء هذه الانتخابات، ثم هناك قانون ادارة الدولة الذي يشدد على اجرائها في موعدها، وهناك اصرار الامم المتحدة على تقديم الدعم اللوجستي لاجراء هذه الانتخابات وتوفير كامل الفرص لانجاحها.
* وماذا عن الاوضاع الامنية السيئة، هل تعتقد ان الانتخابات ستجري في اجواء حرة وشفافة في ظل هذه الاوضاع؟
ـ نضع في حساباتنا هذه المسألة ونحن نتمنى ان تكون الاوضاع الامنية افضل. واقول لك ان هناك دولا اجرت الانتخابات في ظل الحرب وفي ظل حروب اهلية وفي ظل اوضاع امنية اكثر سوءا مما نحن عليه الان. نعم قد تحدث بعض الاعمال التخريبية او الارهابية هنا وهناك خلال الانتخابات حيث ستكون هناك المئات او الالوف من مراكز الاقتراع وقبلها مراكز الدعاية الانتخابية، وأنا سأكون سعيدا اذا نجحت الانتخابات بنسبة 70%.
* اعتقد ان هناك أكثر من عملية انتخاب ستجري خلال هذا العام والعام المقبل؟
ـ المرحلة المقبلة ستشهد انتخابات ومرحلة كتابة الدستور الدائم ثم الاستفتاء الشعبي على الدستور، وهذه العمليات مرتبطة بجدول زمني دقيق ينتهي في 15 أغسطس (آب) العام المقبل، عندها ستجري انتخابات برلمانية وفق الدستور الدائم.
في الواقع ستجري بين هذا العام والعام المقبل اربعة انتخابات هي اختيار الجمعية الوطنية، اذ تجري الان دعوة الف عراقي يمثلون شرائح مختلفة من المجتمع العراقي، حيث سترشح المحافظات ممثليها، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني، واعني بها النقابات والجمعيات المهنية، وكذلك الأكاديميون من اساتذة الجامعات وغيرهم من رجال الدين والنساء. هؤلاء الالف شخص سيختارون 80 ممثلا عنهم يضاف اليهم 20 هم اعضاء مجلس الحكم السابق الذين لم يترشحوا للحكومة المؤقتة، وبالتالي سيكون مجموع اعضاء الجمعية الوطنية 100 شخص. ولا ادعي ان هؤلاء المائة شخص يمثلون العراقيين تماما بل بنسبة تقترب من الـ80%.
* هل ستكون عضوا في هذه الجمعية؟
ـ نعم بحكم عضويتي في مجلس الحكم السابق.
* ماذا سيكون عمل هذه الجمعية؟
ـ ستتولى الجمعية الوطنية كتابة الدستور الدائم واجراء الاستفتاء الشعبي عليه واختيار حكومة انتقالية غير هذه الحكومة المؤقتة، والتحضير للانتخابات البرلمانية وفق الدستور الدائم التي تسبقها انتخابات المجلس الوطني الكردستاني ومجالس المحافظات.
* وماذا عن التحضير للانتخابات، من سيتولى ذلك؟
ـ تم تأليف لجنة مستقلة تماما مسؤولة عن الانتخابات حتى اني لا اعرف اعضاءها، لجنة نزيهة وغير منحازة لأي حزب او طائفة او قومية.
* ومتى سيصدر قانون الانتخابات؟
ـ خلال الفترة الانتقالية سيصدر قانون الانتخابات وكذلك قانون الاحزاب كما سيتم استكمال عملية الاحصاء العام وتسجيل اسماء الناخبين. اعتقد ان هذه الانتخابات ستكون نزيهة للغاية.
* نفهم من هذا انكم سترشحون انفسكم للانتخابات المقبلة؟
ـ نعم وبالتأكيد، الانتخابات المقبلة مهمة جدا بالنسبة لي، اريد ان اضع صوتي في صندوق الاقتراع وبطريقة ديمقراطية حرة، كما ان الترشيح سيتم وفق قوائم حزبية وليس باسماء اشخاص، أي ان القائمة تضم اسماء عدة. وسنشهد تحالفات حزبية لضمان الوصول الى البرلمان والحكومة.
* هل ستتحول حركتكم الى حزب سياسي؟
ـ هي الان بمثابة الحزب وعندما يصدر قانون الاحزاب سنسجل تجمعنا الديمقراطيين المستقلين حزبا.
* هل تأمل فوزكم في الانتخابات؟
ـ اولا انا سعيد بما لمسته من العراقيين من دعم ومحبة ومؤازرة، وهذا راجع باعتقادي إلى انهم يعرفون انني عدت للعراق بعد سنوات طويلة من اجل خدمتهم وليس طمعا بمنصب، فلرجل في مثل عمري لا تهمه المناصب، انا تنازلت عن منصبي كوزير في دولة الامارات لعشرين عاما من اجل خدمة العراقيين الذين يعرفون انني لن اتمسك بالمنصب، ثم اني ساكون سعيدا جدا لمجرد اجراء الانتخابات وتأسيس نظام ديمقراطي حتى اذا لم افز يكفيني فخرا انني عملت مع بقية العراقيين المخلصين على تأسيس النظام الديمقراطي، حيث ستكون هذه اول حكومة منتخبة تستمد قوتها من الشعب وليس من دعم هذه الدولة او تلك، اول حكومة منتخبة في العراق الجديد.
* منذ تأسيس مجلس الحكم تم اعتماد الحصص الطائفية والدينية والقومية والحزبية وبقي هذا النظام معمولا به خلال تشكيل حكومتين مؤقتتين وكذلك في توزيع الوظائف الحساسة، والان خلال تعيين سفراء العراق الذي تم كذلك بترشيحات شخصية من قبل الرئيس ورئيس الحكومة، ترى متى تعتمد الكفاءات العلمية والتجربة العملية والخبرات الحياتية كمعيار للتعيين؟
ـ للاسف هذا ما حدث في مجلس الحكم وما كنت اتمناه او اريده وقد اجبرنا على اعتماده مثلما ذكرت في تشكيل الحكومة والتعيينات، بالنسبة لقائمة السفراء فمن رشحناهم نحن يتمتعون بخبرات علمية ومن حملة الشهادات العليا ولهم خبرات في العمل في وزارة الخارجية والعمل الدبلوماسي. وكسفير سابق للعراق اقول ان الدبلوماسية العراقية كانت واحدة من افضل الدبلوماسيات في العالم وكان السفير يتعرض لعدة اختبارات حتى يحتل هذا المنصب الرفيع، وأحد هذه الاختبارات امتحان نقدم من خلاله اطروحة تشبه اطروحة الحصول على شهادة الدكتوراه. واذكر اني عندما كنت سفيرا للعراق في واشنطن قدمت اطروحة عن نظام الرئاسة في الولايات المتحدة وتم طبع الاطروحة. والجدير بالذكر ان الاطروحة كانت تكتب باللغة الاجنبية التي يجيدها السفير وليس باللغة العربية. وعلى العموم اتمنى للسفراء الجدد التوفيق في عملهم.
* هل سيتم الاستفتاء على طبيعة نظام الحكم؟
ـ بالتأكيد وانا استبعد ان يكون هناك استفتاء في ما اذا الحكم سيكون ملكيا ام جمهوريا، ذلك ان نصيب الحكم الملكي ضعيف جدا في العراق الجمهوري، ولكن الاستفتاء سيكون على طبيعة النظام في ما اذا سيكون برلمانيا ام رئاسيا، وانا ارشحه برلمانيا كي لا تمنح للرئيس صلاحيات مطلقة.
* ماذا سيكون برنامجكم الانتخابي؟
ـ نبذ الطائفية وافساح المجال امام الكفاءات للعمل في اختصاصاتها واعتماد العلاقات العربية وتوثيقها، والاعتراف بحقوق الاكراد في ان يقرروا مصيرهم وفق مصالحهم، فالاكراد هم القومية الثانية في العراق ومن حقهم ان يقرروا حقهم في الحكم والمصير ضمن حكم فيدرالي جغرافي لا قومي.