لم يعد السماع بالجينات غريباً، فالناس في كل هذا العالم باتوا يلمون بشيء من المعرفة عن الجينات مع اختلاف في درجة المعرفة، فهناك من يظّن أن تسميتها تعود إلي (الجن) وعالمه الخفي، والخفاء يرتبط بالعتمة وهذا ما تدّل عليه عبارة: فلّما جنّ الليل.. وجنّ هنا بمعني أرخي سدوله أو هبط كثيفاً ثقيلاً وهو ما يشيع حالة من الغموض والرهبة، فالعتمة جهل والإنسان عدو ما يجهل، وقد يكون عدوه ما يجهله، ولذا فعدونا يعرف عنّا الكثير ولا نعرف عنه سوي القليل والذي لا يوظّف في مواجهته.
الجينات أو (المورثات) صرنا نسمع عنها الكثير منذ تمّ تعميم (الخارطة) الجينية للإنسان، وتحديد وظائف كل (جين) إذ لايوجد، أو توجد (جين) ـ علي فكرة: هل (جين) مذكّر أم مؤنث؟ لم يفت سدنة اللغة العربية بالأمر حتي اللحظة ولذا أنا أكتب اسم (جين) خبط عشواء وأقيس الأمر علي اسم ممثلة الإغراء الأمريكية جين مانسفلد الشقراء، وليس الممثلة الرصية جين سيمونز، التي كانت توصف بقطعة المارون غلاسي السائحة علي بعضها ـ يتحكّم أو تتحكّم بكل شيء كالحاكم العربي الذي هو الكل في الكل، والذي لا يسمح حتي لابنه بمشاركته في السلطة واتخاذ القرار رغم أنه يعدّه لتورّث الحكم بعد عمر طويل.
كل جين أو جيــنـــة لــــه أو لها وظيفة، وكل مجموعة جينات لها عمل ودور لا يمـــكن مصادرته، وآخر مكتشفات بعض العلماء الألمان في عالم الجيـــنات أن هـــناك جينات ربّما تكون مسؤولة عن الخيانة !...
نعم الخيانة ولكن حتي لا تذهب بكم الظنون بعيداً خّاصة وروائح الخيانة تزكم الأنوف في بلاد العرب، فالخيانة المقصودة هنا هي الخيانة الزوجية !.. اللعب بالذيل نسبة إلي الفأر، مع أن الفأر الذي يشتم في أمثالنا وكلامنا العادي يقدّم خدمات جلّي للبشر، فهو حاضر في كل التجارب المخبرية وبفضل تضحياته، أو التضحية به كما لو أنه مواطن عربي فإن اكتشافات طبيّة علاجية تتوفّر للبشر. بعض الجينات يمكن أن تكون هي سبب الخروج عن الاتفاق المبرم بعقد زواج شرعي في المحكمة أو في الكنيسة وإهمال الشريك الوحيد في عملية الزواج التي تصير مسيرتها كمسيرة عملية السلام في (الشرق الأوسط)، وتؤول أمورها إلي تراشق الاتهامات والقصف المتبادل أو غير المتبادل يعني القصف من طرف واحد يمارسه صاحب اليد الطولي والسلاح الأفتك...
إذا ما ثبت بعد إجراء التجارب علي الفئران بأن الجينات المكتشفة هي التي تدفع بالزناة إلي اقتراف أفعالهم وخيانة شركائهم في المسيرة الزوجية فسيكون ممكناً إجراء عمليات تؤدي إلي انتزاع تلك الجينات بحيث يعود الزوج، أو تعود الزوجة ـ الخيانة ليست ذكورية دائماً ـ إلي السراط المستقيم ، وتسود قيم الوفاء العائلي، وتصير نظرات (الخائن) أيّا كان بريئة ويصبح الشريك (دايت) أو بلا دسم، منزوع الجينات ومضمون الانسجام والرضي!
هل من الممكن أن يكون الشرط الأول للزواج والقبول بالشريك في آتيات الأيام هو إبراز تقرير طبّي ممهور بتوقيع الطبيب الذي أجري عملية نزع جينات الخيانة ومختوم من نقابة الأطباء تصديقاً لما جاء في التقرير؟ وهل يا تري ستكون نظرات الشريك بريئة نقيّة عندما يتفرّج علي حركات روبي ونانسي وأخواتهما من دلوعات التقصّع العربي المبالغ والغناء الإغوائي بأعضاء الجسد المتناغم أكثر من أعضاء الجامعة العربية؟
أشك أن يحسم هذا الاكتشاف خيانات الأزواج، وتعلّقهم بأخريات وآخرين، ليس لأن الإنسان (خائن) بطبيعته وعينه فارغة وزائغة فهذا الحكم تعسّفي ولا ينطبق علي جميع الأزواج، فالتربية لها دور، والثقافة لها دور ـ مع أن المثقفين فيهم خونة من كل صنف ولون وبكل أنواع الجينات وخياناته تبّز خيانات الجهلة والبسطاء وطيبي النوايا والسرائر ـ وكذا التحسّب للعقاب الدنيوي، والديني، والاجتماعي.
بمقدور كل متفلّت ومنحرف أن يدّعي أنه شريف ونزيه ونواياه طيبة لكنه يسقط في (الخيانة) بسبب (الجينات) ليس إلاّ، وهذا ما لايصدّق فالإنسان مخيّر وليس مسيّراً ولهذا يرغّب بالثواب ويتوّعد بالعقاب، وتحميل (الجينات) مسؤولية الفلتان الأخلاقي لا تنطلي علي عاقل إذ لماذا تمارس (الخيانة) مع هذا أو هذه وليس مع ذلك أو تلك؟! يبدو أن (الجينات) صاحبة مزاج ورغبات ولها شروط للخيانة.
في الصين التي تقفز بأسرع من (الكنغر) الأسترالي لتتربع علي عرش المركز الأول العالمي علماً وصناعةً وعملاً وتجارةً وسياحةً وليس عدد سكّان ـ نحن العرب سكّان في بلاد بينما هم هناك مواطنو أمّة واحدة في وطن ودولة ـ تمكّن العلماء من تحديد الخلايا المخيّة المشتبه بأنها مسؤولة عن الإدمان، وقد أجروا عدّة عمليات لمدمنين وأزيلت (الخلايا) المتهمة بأنها سبب الإدمان، وهكذا شفي المدمنون وعادوا لممارسة حياتهم الطبيعية كبشر أسوياء لهم دور في الحياة غير شرب الخمر والعيش علي حساب الآخرين!
البروفسور الصيني (قاو قو دونغ) صرّح بأن العمليات تتم بعد تحديد الخلايا المخيّة المشتبه بإدمانها علي المخدرات باستخدام تكنولولجيا القطب الكهربائي الدقيق ثمّ إزالتها باستخدام تكنولوجيا حرارة التردد اللاسلكي (علاج معقّد لم أفهمه مثلكم تماماً).
في بلاد العرب الكثيرة الهّم الأول للسلطات (المعنية) هو ملاحقة (خلايا) الإرهاب، واستخدام الكهرباء في تعذيب أعضاء تلك الخلايا المشتبه بها لانتزاع الاعترافات، وليس معالجة خلايا الإدمان بسبب الفقر والجهل والإحباط...
نحن العرب بتنا بحاجة إلي أبحاث طبيّة يقوم بها علماء وأساتذة في علم الجينات علي حكّامنا وبطاناتهم ليستخلصوا لنا أسباب تشبّثهم بالحكم، وطبيعة العلاقة بين مؤخراتهم والكراسي التي يجلسون عليها. هل مثلاً هناك (جينات) مسؤولة عن العلاقة بين مؤخراتهم وكراسي الحكم تنجم عنها رغبات إدمانية بين مؤخراتهم وكراسي السلطة، والتطيّر من كل مطالب بالتداول واعتباره متداولاً عليهم كأولي أمر؟!.
إذا اقتنعنا بالشطحات ـ ربّما تكون حقيقة. ألم نقرأ عن أبحاث يجريها خبراء في الكيان الصهيوني علي أسلحة تشّم رائحة العرب وتقتلهم من بين خلق الله، كل العرب مسلمين ومسيحيين، يساريين ويمينيين،متدينين وملحدين أو بين بين لا ادري ـ التي نقرأها عن الجينات فإن هذا يعني التخلّي عن التحليلات الطبقية وغيرها التي تسعفنا في فهم أسباب استبداد حكّامنا وسنقتنع أنهم أبرياء وأنهم مرضي بالفطرة.. تري: هل هناك جينات إدمانية للولاء لأمريكا، وجينات لنهب ثروات البلاد وإذلال العباد؟
إذن لا بدّ أن تكون لدينا جينات تحّضنا علي تنظيم أنفسنا و..عليهم يا شباب فلنعالجهم علي الطريقة (الشعبية) في طرد الجّن من الأجساد والرؤوس..ولنجّن فيهم فهذا ما تركوه لنا.