القاهرة من جمال شاهين، واشنطن من محمد منشاوي، موسكومن سامي عمارة: علمت «الشرق الأوسط» أن وزير الخارجية الأميركي كولن باول وعد المسؤولين المصريين بعدم اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية لحل قضية دارفور. وأكد أن واشنطن تدرس عدة خيارات اخرى بعيداً عن الحل العسكري. وحسب مصادر أميركية مطلعة رافقت باول في زيارته للقاهرة فإن التراجع سيكون مؤقتاً وسيتم إعطاء وقت للسودان بعدها سيتم البحث في الإجراءات الواجب اتخاذها. وأضافت «من الصعب جدا العمل على الحل العسكري، لكن التهديدات تجعل الحكومة السودانية تأخذ الأمر على محمل الجد». وقالت المصادر الاميركية إن باول ابلغهم على متن الطائرة الاميركية المتجهة الى القاهرة «صعوبة اللجوء لاستخدام القوة العسكرية». وأضافت ان واشنطن تخشى من التورط مجدداً في صراع مع العالم العربي في دارفور بعد العراق، وهو ما يمثل خطورة شديدة على المصالح الأميركية ليس في العالم العربي بل ستمتد آثاره إلى العالم الإسلامي، وقد يحدث نوعاً من التأثير السلبي علي الانتخابات الأميركية. وتشير مصادر دبلوماسية في القاهرة الى ان «الدول العربية ربطت بين المساهمة في تحسين الأوضاع في العراق، وارسال قوات عربية لحفظ الأمن هناك بالتخلي عن استخدام القوة العسكرية في دارفور وعدم التدخل فيهاً او حتى اللجوء الى فرض حصار او عقوبات على الخرطوم».
وقال مصدر مصري مطلع ان تنسيقاً مصرياً ـ سودانياً على مستوى عال كان وراء التراجع الأميركي، حيث تم الاتفاق بين الرئيس المصري حسني مبارك ونظيره السوداني عمر البشير على أن تعتبر القاهرة قضية دارفور شأناً مصرياً وحيوياً بنفس الدرجة مثل السودان.
وأضاف المصدر ان الرئيس السوداني البشير طلب من نظيره المصري التدخل لدى واشنطن ولندن والدول الأوروبية لوقف التصعيد ضد الخرطوم، وهو ما حدث بالفعل، حيث احتلت قضية دارفور وقتاً طويلاً في مباحثات مبارك وباول. وأضاف المصدر أن القاهرة أكدت ان البشير تعهد لمبارك بحل الازمة قبل انقضاء الفترة التي طلبتها الخرطوم وهي تسعون يوماً. ومن جانبه أكد السفير السوداني في القاهرة الدكتور احمد عبد الحليم صحة هذه المعلومات.
من جهة ثانية قال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن الولايات المتحدة قدمت الى مجلس الامن نسخة جديدة معدلة من مشروع قرارها حول دارفور وتأمل في ان يجري التصويت عليه اليوم او غدا. وأضافت المصادر ان الاعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن ناقشوا هذه النسخة الجديدة المعدلة امس على مستوى الخبراء، ثم بعد الظهر على مستوى السفراء لمتابعة مناقشاتهم حول المشروع. وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية آدم ايريلي أمس «نرغب في ان يجري التصويت قبل نهاية الاسبوع».
وتختلف النسخة الجديدة لمشروع القرار ، اختلافا طفيفا عن النسخة السابقة التي طرحت الخميس الماضي، وأدخلت عليها تعديلات لغوية تلبية لطلب مختلف الدول الاعضاء. وبقيت في النسخة الجديدة جميع العناصر الاساسية الواردة في النسخة السابقة، وخصوصا المطالبة بأن تعتقل الخرطوم وتحاكم الاشخاص المسؤولين عن الفظائع في دارفور، وإلا فان مجلس الامن قد يناقش تدابير جديدة بما فيها فرض العقوبات على الحكومة السودانية. وما زالت هذه النقطة الاخيرة، أي الاشارة الصريحة الى امكان فرض عقوبات على الخرطوم، تطرح مشاكل لبعض الوفود وخصوصا الصين، كما قال دبلوماسي. وأعلنت مصادر الخارجية الروسية ان موسكو لا ترى ضرورة لفرض العقوبات ضد السودان. وحول مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة إلى مجلس الامن نقلت وكالة أنباء «انترفاكس» عن نائب وزير الخارجية الروسي قوله ان روسيا تقترح اتاحة الفرصة الكافية امام الحكومة السودانية من اجل تنفيذ الالتزامات التي اخذتها على عاتقها حول تسوية الاوضاع في دارفور، واشار الى ضرورة ألا تطول المدة اللازمة لذلك.
- آخر تحديث :
التعليقات