الأمير فيصل بن سلمان*: "رحم الله الأمير عبد الرحمن بن سعود واسكنه فسيح جناته" هذه العبارة هي ما استطعت قولها حينما نزل عليَّ خبر رحيل أخي الكبير العزيز الأمير عبد الرحمن بن سعود بن عبد العزيز.
لقد كان خبر رحيله عن هذه الدنيا الفانية خبراً مؤلماً أليماً، وكان وداعه حزيناً وفراقه عسيراً، وعزائي بلطف ربي ورحمته، وبما تركه الفقيد الراحل من ذكرى حسنة وأثر طيب وأخلاق حميدة محمودة، عرفها كل من جلس بقربه أو زامله في عمل.
وماذا عساي أن اكتب أو أن أقول، في هذه العجالة، عن أخي الكبير الأمير عبد الرحمن بن سعود، الذي عرفته وعرفت عنه الطيبة والسماحة والخلق النبيل والابتسامة المشرقة والأمل، لقد عرفت الأمير عبد الرحمن وعرفت من خلال عمله وأعماله الصبر والمثابرة والتضحية وبذل المزيد من الجهد والوقت وعدم اليأس.
لقد عمل الأمير عبد الرحمن بن سعود في مسيرته الرياضية حتى الرمق الأخير من حياته، وقد أجهد نفسه وحملها الكثير من التعب والجهد من أجل وطنه، إذ كان رحمه الله أحد رواد ورموز الحركة الرياضية والشبابية في المملكة العربية السعودية، وقد عمل طيلة خمسة عقود على إرساء وتوطيد دعائمها.
لقد بذل الأمير الراحل كل ما في جهده من أجل تطوير الكرة السعودية والنهوض بها في كافة المحافل، من خلال ترؤسه لنادي النصر السعودي طيلة خمسة وأربعين عاما، وان المتابع للحركة الرياضية السعودية لا بد أن يقف منصفا للدور الذي مثله ويمثله نادي النصر في دعم الرياضة السعودية بكافة ألعابها بالخبرات الرياضية المميزة، التي ساهمت في تحقيق منجزات رياضية محلية وعربية ودولية، وكان يقف خلف إعداد وتجهيز هذه الكوادر الأمير الراحل الذي صرف جل وقته واهتمامه من اجل الرياضة السعودية.
لقد عاصر الأمير الراحل بدايات الحركة الرياضية والشبابية في السعودية، وعمل مع روادها، جنبا إلى جنب، بكل جد وإخلاص ومثابرة، وكان طيلة السنوات التي قضاها في الرياضة السعودية مثالا حيا على الإخلاص والتضحية والوفاء والعطاء، وقد أهلته هذه السنوات الطويلة في خدمة الرياضة والرياضيين ليكون شاهدا على التطورات والتغيرات التي واكبت الحركة الرياضية في السعودية.
لقد عرفت أخي الكبير الأمير عبد الرحمن وعرفت عنه وطنيته الغيورة المخلصة، فرغم حماسته ومحبته الكبيرة لناديه النصر، إلا أن الوطن لديه يسمو فوق ناديه، إذ كان يقف ويشجع ويؤازر المنتخب السعودي في كل مشاركاته، وكان يقف مع كافة الفرق السعودية في مشاركاتها الخارجية، لا يفرق بينها وبين ناديه النصر، وينطلق بذلك، رحمه الله، من مشاعره الوطنية الغيورة من أجل تحقيق مكتسبات رياضية تضاف لرصيد الوطن وأنديته.
لست وحدي من أبكاه وآلمه رحيل الأمير الفقيد، إذ سيبكيه وسيعزُ رحيله على كل مَن عرفه وعمل معه، من قريب أو بعيد، وسيترك رحيله فراغا كبيرا لا يعوض في الأوساط الرياضية السعودية والعربية، وأجدها فرصة في هذه المقالة أن أتوجه إلى كُتاب التاريخ الرياضي السعودي كي ينظروا إلى عطاءات عبد الرحمن بن سعود فينصفوها والى مسيرته الرياضية فيقيّموها وليكتبوا تاريخه بكل إنصاف على انه أحد الرواد الذين ساهموا وعملوا بكل ما لديهم من جهد من أجل تطوير الرياضة والنهوض بها.
رحم الله الأمير عبد الرحمن بن سعود وغفر له وأسكنه فسيح جناته وتجاوز عنا وعنه.


* رئيس مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق
الشرق الأوسط اللندنية