كتب طارق الحميد: ما ان اعلنت السعودية مبادرتها لتشكيل قوة حفظ سلام اسلامية وعربية للمساعدة في تحقيق الاستقرار في العراق من غير دول الجوار حتى خرج المنتقدون لينافسوا «الملثمين» في وسائل الاعلام.
ولان الاوضاع في العراق اليوم لا تحتمل المواربة، خصوصا ونحن نرى ضحايا التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة ما هم الا العراقيون الابرياء، ومع اتضاح الرؤية في ان العراق بات نقطة التقاء لتنظيم «القاعدة»، حيث بات يتوافد عليه الارهابيون من كل مكان، فيجب ان تكون مواقف المنتقدين واضحة.
لذا يجب على المنتقدين ان يعلنوا بكل صراحة، هل هم مع الزرقاوي، ام مع بغداد؟ فمن يريد افغنة العراق كل ما عليه فعله هو ان يتلثم ويقف في صف الزرقاوي. ومن يريد الاستقرار لبغداد فعليه ان يؤيد كل مبادرة تهدف الى استقرار العراق.
مع مبادرة السعودية الاخيرة لارسال قوات عربية واسلامية للعراق، عادت لنا صورة ليست بجديدة لعقول واصوات تكرر نفسها في كل ازمة. فهذا يطوع الدين لتحليله، وذاك ينظر من منطلق قومي، وهكذا.
ولهؤلاء نقول، المسألة لا تحتاج لكل هذا التحليل، والتنظير. السياسة مصالح! وعلى السعودية ان تراعي مصالحها. استقرار العراق، وعودته للحياة ليس استقرارا اميركيا، وحماية العراقيين الابرياء وحقن دمائهم والحفاظ على منازلهم واطفالهم، ليس حماية للامن الاميركي، بل هو للعراق، وكذلك المنطقة. وقبل هذا وذاك السعودية.
فالرياض معنية باستقرار العراق امنيا، لتؤمن حدودها، وبدلا من ان تنشغل في مطاردة من يريدون القتل والهدم، يفضل ان تتفرغ لدعم من يريدون الحياة والبناء. بكل بساطة من مصلحة السعودية ان ترفل بغداد بالامن والاستقرار.
ومع تكرار نفس الاصوات التي نسمعها في كل نازلة وهي تنتقد السعودية على مبادرتها الأخيرة بارسال قوات للعراق. اقول ان قناعتي هي ان السعوديين تأخروا في الدخول الى بغداد، رغم انهم تقدموا بنصائح ثمينة للاميركيين كان اهمها عدم حل الجيش العراقي، وراى الاميركيون بأعينهم الثمن الذي دفعوه بسبب تجاهل تلك النصيحة.
الذين ينتقدون ارسال قوات اسلامية لبغداد تحل محل 160 الف جندي تقودهم الولايات المتحدة الاميركية بات وضعهم محيرا. فهم لا يريدون القوات الاميركية، ولا يريدون قوى التحالف، ولا يريدون كذلك القوات العربية الاسلامية. اذا ما الذي يريدونه؟ هل يريدون انتصار ابو مصعب الزرقاوي؟ ام انهم يمنون النفس بعودة رجل الكوبونات صدام؟! وظني ان هذا بيت القصيد.
من يعطل استقرار العراق هو في كهف واحد مع الزرقاوي، أو حالم بعودة صدام. فليس من المنطق في كل ازمة تمر بنا ان نضرم النار في مبنى من عدة طوابق، فقط لان «العدو» يحتل غرفة فيه!