دمشق- ابراهيم حميدي: طالما ان 19 عربياً تدربوا لسنوات على قيادة الطائرات للقيام بعمليات ارهابية في 11 ايلول (سبتمبر) العام 2001, لمَ لايكون 14 سورياً تدربوا لسنوات على عزف الموسيقى لـتنفيذ عمليات انتحارية وسط آلاف الاميركيين الذي سيأتون لحضور حفلاتهم؟
انت هذه "خلاصة" ما تفتقت عنه مخيلة احد الاميركيين في تعليقه على مقالة كتبتها الصحافية الاميركية انا جاكوبسون عن "رحلة الخوف" التي عاشتها لساعات على رحلة 327 لشركة "نورث ويست" بين ديترويت ولوس انجليس في 29 حزيران (يونيو) الجاري.

بنت جاكوبسون هذه "النظرية" لا على "شعور عنصري تجاه العرب والمسلمين" بل على ما لاحظته خلال رحلتها من "ادلة" تقنع بأن الـ14 شخصاً ذوي "ملامح شرق اوسطية" كانوا يقومون بكل ما يدفعها الى الاعتقاد انهم على وشك تنفيذ "مخطط ارهابي". هذه "الادلة" شرحتها تفصيلاً في مقال من 3300 كلمة بعنوان "ارهاب في السماوات مرة ثانية" في صحيفة "وول ستريت جورنال", بينها (الادلة) قيام السوريين بـ"اشارات بالرأس" و"غمزات بالعين" و"دخول متكرر الى التواليت". لكن "اهم الادلة" على الاطلاق, ان "قائد الخلية" شبيه محمد عطا ذي الكنزة الصفراء الفاقعة نقل في "شكل سري" بين المقاعد كيساً مملوءاً بمأكولات"ماكدونالدز" ثم دخل به الى التواليت لفترة طويلة اشبه بالدهر بالنسبة الى الخائف قبل ان يخرج به فارغاً. وعندما تشجعت وابلغت طاقم الطيران, اكتشفت ان الـ14 تحت مراقبة الكاميرات و7 من ضباط الامن الاميركيين الموجودين في الطائرة.

بعد اربع ساعات من "رحلة الخوف", خضع السوريون لتحقيق مكثف مباشر وخلفي عبر بنك المعلومات الامني مع "تبرع" الصحافية وزوجها بوصف الحركات الغريبة خصوصاً كيس "ماكدونالدز", قبل ان تدخل في عملية بحث لمعرفة: من هؤلاء؟ وكيف يسمح بأن يكون 14 شرق - اوسطياً على طائرة واحدة؟ وبعد "البحث" وجدت الصحافية جاكوبسون ان هذه التحركات المريبة جاءت في وقت اعلنت اجهزة امن مختلفة عن وجود "معلومات" عن هجمات قريبة لارهابيين, وان السوريين اعضاء في فرقة "كلنا سوا". لكن عندما "اكتشفت" لاحقاً ان اعضاء الفرقة لا يزالون في سورية اعلنت "حالة الطوارئ": من انتحل صفة الفرقة؟ ومن سيقوم بعمليات ارهابية قبل السباق الانتخابي الاميركي؟

كل هذا اثار جدلاً كبيراً في الصحف الاميركية والبريطانية وعلى الانترنت وخصوصاً مواقع الدردشة بآلاف الوصلات الالكترونية, وكشف مدى "الخوف والرعب" اللذين زرعتهما تفجيرات واشنطن ونيويورك قبل ثلاث سنوات. وفيما اقترح احد الاميركيين "وجوب منع عدد غير محدود من الشرق اوسطيين من السفر على طائرة واحدة", اعتبر آخر ان "مجرد ان يتمكن 14 مسلماً من الوجود في طائرة واحدة دليل على مدى رداءة النظام الامني الاميركي". لكن ثالثاً نشر صور اعضاء فرقة "كلنا سوا" الى جانب صور الانتحاريين الـ19 كـ"دليل" على الشبه بين مخططيهما: 14 سورياً تدربوا على الموسيقى لسنوات كي يفجروا انفسهم في موسم الانتخابات, كما فعل الـ19 شرق اوسطيا بالتدرب على الطيران.

لكن الطريف ان اعضاء الفرقة الموسيقية الـ14 للمطرب الحلبي نور مهنا كانوا متوجهين للقائه في لاس فيغاس حيث كان مهنا ينتظرهم لاحياء حفلات طرب. اما اعضاء فريق "كلنا سوا" فلا يزالون في سورية, وسيسافرون الى اميركا في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لاحياء 22 حفلة موسيقية في 20 مدينة اميركية تلبية لدعوة من "الكلية الملكية للعلوم" بهدف "تعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب".

لم تعرف جاكوبسون والمتطرفون والخائفون ان اعضاء "كلنا سوا" الـ12 هم من خلفيات دينية وطائفية ومناطقية مختلفة. وقال مدير الفريق بشار موسى لـ"الحياة" امس ان المقال "اشعل ردود فعل عنصرية ضد كل عربي بصرف النظر عن دينه" قبل ان يجدد تصميمه على "خوض المعركة الفكرية في عقر دار اميركا" والقيام بالجولة لأن "هدف الفن هو السلام وجسر الهوة بين شرق وغرب العالم بعيداً عن السياسة".