عمان: شهد الاردن منذ انتشار المخدرات علي نطاق واسع في اوائل التسعينات تزايدا ملحوظا في أعداد المتعاطين والمدمنين علي المخدرات بأنواعها المختلفة، رغم أنه ما يزال مصنفا كممر وليس مقرا لها، كما أكدت الاحصائيات والارقام الجديدة حتي فترة انعقاد المؤتمر الوطني لمكافحة المخدرات الذي عقد بمناسبة اليوم العالمي لمكافحتها وصادف في السادس والعشرين من الشهر الماضي، اضافة الي ما اكدته مصادر طبية مطلعة ومشرفة علي علاج بعض حالات الادمان من داخل الاردن ومن خارجه.
ففي احصائيات تقتصر علي حالات الادمان المتواجدة في احد مراكز التوقيف والمعالجة الاردنية التابع لادارة مكافحة المخدرات الاردنية، تشير الي أنه منذ عام 94 وحتي نهاية ايار (مايو) عام 2004 بلغ مجموع الحالات 1183 حالة، منها 649 ادمان هيروين، و50 حشيشاً و6 كوكايين و405 حبوب و73 مواد أخري، تركزت فئاتها العمرية بين سن 20 ـ 40 عاما وتجاوزت الخمسين، حيث شملت 50 حالة أقل من 20 سنة، و602 حالة بين 20 ـ 30 سنة، و422 حالة بين 30 ـ 40 سنة و102 حالة بين 40 ـ 50 وسجلت سبع حالات فوق سن خمسين سنة، ليكون بذلك قد قفز عدد الحالات من 58 حالة عام 94 الي 141 حالة عام 2003 مضافا لهما 65 حالة حتي آخر ايار (مايو) الماضي. أما عدد القضايا المضبوطة حتي الرابع والعشرين من الشهر الجاري والتي سجلتها ادارة مكافحة المخدرات فتوزعت علي 615 حالة تعاطي وحيازة، و181 اتجارا و12 مجهولة ليكون المجموع 798 قضية.
وبينما تتنوع المخدرات غير القانونية من حشيش وهيروين وحبوب او المهلوسات والامفيتامينات والمهدئات والمنومات بين حالات المدمنين، يعتبر تعاطي الكحول التي يسمح ببيعها وشرائها من خلال محلات خاصة في الاردن بوابة رئيسية من بوابات الادمان علي المخدرات. وهو ما حصل لأحد الشباب الخاضعين للعلاج في احد مراكز تأهيل المدمنين ويبلغ من العمر 19 عاما عندما تحدث عن تجربته الاولي في شرب الكحول ولم يتجاوز حينها من العمر 15 عاما، والتي بدأت خلال سهرة جمعته بمجموعة من رفاق السوء أغروه خلالها بخوض مغامرة شرب الكحول لتمنحه جرعة من الانبساط والسعادة والفرح والنشوة كما ذكر له الرفاق.
ويتابع الشاب حديثه بالقول أنه بعد تلك التجربة بعام فقط قدم له احد المعارف نوعا من الحبوب اضافة الي الحشيش، وفي السابعة عشرة بدأ يتعاطي الكبتاغون والهيروين بمعدل نصف غرام يوميا عن طريق الحرق، وعن الطريقة التي كان يحصل من خلالها علي المخدرات اشار الي ان زميله او من كان زميله كما قال، كان يؤمن احتياجاته اليومية دون ان يدفع اية مبالغ تذكر رغم ان تكلفة نصف الغرام لبعض انواع المخدرات تبلغ 35 دينارا، وشكلت منطقتا سحاب والعقبة المصدران الرئيسيان لها كما ذكر.
أما حالات المدمنات من الفتيات الاردنيات فقد أكدت مصادر مطلعة لـ القدس العربي أنه تمت معالجة 18 فتاة مدمنة منهن من عملن بالدعارة ومنهن من تعلمن علي ايدي ازواجهن، بينما خلت مصحات معالجة المدمنين الاخري في المملكة من تسجيل اي حالات ادمان بين الفتيات رغم شيوع تعاطي المخدرات بينهن حسبما اكد احد الشباب المتعالجين الذي قال ان فتاتين من جامعة أردنية حكومية في العاصمة قد تعرفتا عليه وعلمهما التعاطي حتي أدمنتا ثم خرجت احداهما للعلاج خارج البلاد وعادت لحياتها الطبيعية في الاردن كأن شيئا لم يكن.
وقد يكون حال ابو بهاء ليس أسوأ عن سابقه ويبلغ من العمر 18 عاما المقيم في احد مراكز علاج المدمنين وهو من سكان محافظة المفرق، وقد ترك المدرسة في الصف الخامس ليلتف علي شلة سوء ثم بدأ اغراؤهم له بتجربة شرب الكحول في احدي زياراته الي العاصمة. وبعد عودته الي اهله علم والده بالأمر وانهال عليه بالضرب مما دفعه للهروب من المنزل والغياب عنه فترة طويلة رافقها في احدي المرات، استئجار منزل من مال اخذه عنوة من محل خضار والده، وتناول ما يزيد عن 20 لترا من البيرة مضافة اليها حبة واحدة مخدرة ولم يتجاوز عمره حينها الحادية عشرة من العمر، لتكون هي بداية المشوار مع الادمان التي تطورت فيما بعد الي درجة اضطر علي اثرها الي سرقة مصاغ والدته وبيعه وشراء روشيتة دواء تشمل نوعا من المهدئات لأحد الاشخاص بمبلغ 500 دينار، وصرفها من الصيدلية.
ولم تنته الرحلة عند هذا الحد بل كان سفره برفقة احدهم الي اللاذقية بابا جديدا لتعاطي الحشيش، وفي الوقت الذي يخضع فيه الان للعلاج اشار ابو بهاء الي ان عددا من اصدقائه ماتوا نتيجة تعاطي المخدرات ولم يعلن عنهم كما حصل لاحد زملائه الذي قضي غرقا في البحر الميت تحت تأثير المخدر، وزميل آخر انتحر من أعلي بناية، وفي السياق ذاته أكد الشاب معرفته ببعض بنات المتنفذين اللواني يروجن المخدرات.
وتؤكد مصادر طبية ان تعاطي المخدرات لا يرتبط بالطبقات الاجتماعية والاقتصادية والدرجات العلمية لمختلف أنواع المخدرات غير القانونية من حشيش وهيروين وحبوب اضافة الي المواد القانونية التي يساء استخدامها احيانا كالمواد الطيارة والمهدئات، والتي قد تؤدي الي اعراض متباينة في شدتها تصل لدرجة الوفاة، خاصة في حالات الجرعات الزائدة وفي حالات تعاطي مخدرات مضروبة .
وذكر عناين ان المواد من حيث تأثيراتها تصنف الي المؤثرات العقلية والمواد المثبطة كالكحول والمهدئات ومواد منشطة مثل حبوب الكبتاغون والمهلوسة مثل الـL.S.D.. ويستعين احد مراكز العلاج في الاردن بمجموعة من الاشخاص المتعافين من الادمان في تدريب وتأهيل المدمنين الخاضعين للعلاج حديثا، كما ان مركزا آخر تابعا للقطاع الخاص يشكل غالبية مرضاه من المدمنين من منطقة الخليج العربي.
وفي الوقت الذي تحتفظ كل جهة معنية بقضايا المخدرات بسجلات المعلومات الخاصة بها، يصعب التوصل الي احصائية شاملة للأردن، كما لا يشمل علاج أي من مراكز المعالجة التحقيق مع أي مدمن حول مصادر المخدرات التي حصل عليها او الاشخاص الذين وردوها له باعتبار ان هذا الدور مناط بدائرة مكافحة المخدرات. أما عن حجم المشكلة في الجامعات الاردنية فتشير الارقام الرسمية الي انه تم ضبط نحو 350 حالة من أصل مائة وثمانين ألف طالب جامعي غالبيتهم أيضا من جنسيات غير أردنية، بينما أكد أحد الطلبة تفشي الظاهرة في الجامعات في الخفاء مع وجود مروجين داخل الجامعات بأسماء حركية متعارف عليها.
وعن حالات الوفيات الناتجة عن الادمان بسبب الجرعات الزائدة، تشيرالارقام الرسمية ايضا الي أنه سجلت أكثر من 30 حالة وفاة لشباب تعاطوا جرعات زائدة. أما عن أكثر المناطق انتشارا للمخدرات فقد تركز حجم القضايا المضبوطة في شمال المملكة ثم العاصمة وخاصة عمان الغربية الراقية تليها الزرقاء ثم العقبة ثم المفرق، اضافة الي تفشيها في المناطق الفقيرة والمزدحمة بالسكان كمخيم الحسين. وفي سياق مشابه ذكرت مصادر طبية ان مشروبات ما يعرف بالـ طاقة والتي انتشرت في العاصمة الاردنية منذ سنوات قليلة قد تم ترخيصها من قبل دائرة الغذاء وليس الدواء مع العلم ان هذه الانواع من المشروبات قد حظرت في عدد من الدول الاوربية والغربية ولا تصرف الا بوصفات طبية تؤدي الي حالة شديدة من الارق والصداع والسهر حتي اربع وعشرين ساعة وقد سجلت بسببه عدة وفيات في العام نتيجة تعاطي كميات كبيرة.
من جهة أخري كشفت دراسة لباحث أردني النقاب عن ارتفاع أعداد الاصابات بالأمراض المنقولة جنسيا في الاردن بما في ذلك مرض نقص المناعة المكتسبة الايدز ، حيث أشارت الأرقام إلي أن نحو 45 بالمئة من مجموع الاصابات بين الاردنيين بتلك الأمراض والالتهابات ناتج عن المخالطة الجنسية غير الشرعية منها 34.6 بالمئة اصابات لأفراد تتراوح اعمارهم بين 15-29 عاما، ومما فاقم انتشارها تزايد اعداد بيوت الدعارة بشكل ملحوظ حيث سجل نحو 70 بيتا عام 1990 ليصل في العام 2000 إلي نحو 106 بيوت.
وتنضم مجموعة من المومسات اللواتي يعملن بشكل منفرد ويتخذن الهواتف الخليوية وسيلة سريعة للاتصال المباشر لتقديم الجنس بسهولة كما تشير الدراسة. وقد أظهرت أيضا دراسة أجرتها وزارة الصحة الأردنية علي مجموعة من المومسات في وقت سابق من العام 1998 بأن 20 بالمئة منهن يتردد عليهن نحو ثلاثة أفراد، بينما يتردد شخصان يوميا علي ما نسبته70 بالمئة منهن إضافة إلي ان 56 بالمئة منهن أميات. وفيما يتعلق بمرض نقص المناعة المكتسبة الايدز كشفت آخر احصائيات عن ما نسبته 12 بالمئة من الحالات حدثت داخل الأردن، بينما بينت احصائية أخري من العام 1996 ان 6 بالمئة من الأزواج الاردنيين يمارسون الجنس خارج إطار العلاقة الزوجية وان 3 بالمئة من طلبة الجامعات والكليات يمارسونه بطرق غير شرعية.