ربما بات واضحا ومعروفا ومؤكدا ان الاردن ينحاز الى اي طرف من اطراف الصراع الفلسطيني المحتدم والمتأجج الآن، فالهم الرئيسي بالنسبة لهذا البلد هو القضية الفلسطينية وهو كل ما يهدد أمنه في فلسطين وبالطبع فإنه يدرك ان هذا الصراع الذي لا يزال مفتوحا على شتى الاحتمالات يأتي على رأس هذه التهديدات الامنية لكن ومع ذلك فانه يفضل ان تبقى اصابعه بعيدة عن نيران الوضع الفلسطيني المشتعل وان لا يتدخل وبأي صورة من الصور في الشؤون الداخلية الفلسطينية.
هناك آراء متضاربة، عربيا وفلسطينيا، بالنسبة لهذا الصراع الذي لا يستطيع احد ان يتكهن بما سينتهي اليه واي طرف سينتصر فيه وهناك دول عربية، غير مصر والاردن، تحاول حشر انفها بين المتصارعين وهناك مسؤولون فلسطينيون يحاولون الهروب الى الامام بالسعي لاحياء تحالفات قديمة لم تجر عليهم وعلى قضيتهم سوى الويل والثبور وعظائم الامور.
قبل نحو اسبوعين ذهب بعض هؤلاء المسؤولين الى دمشق للترويج لاقامة «جبهة صمود» على غرار «جبهة الصمود والتصدي» العتيدة التي انتهت نهاية مأساوية والتي أنشئت بدعم من الجماهيرية الليبية وعراق صدام حسين لمواجهة عملية السلام التي كانت بدأتها مصر باتفاقيات كامب ديفيد وتوقيع معاهدة السلام المصرية- الاسرائيلية.
لقد قال هؤلاء لبعض المسؤولين السوريين ولقادة الفصائل المتمركزة في دمشق، والتي لم تكن في اي يوم من الايام على وئام مع القيادة الفلسطينية (الشرعية)، انه لا بد من مواجهة مخطط هدفة عودة الاردن الى الضفة الغربية وعودة مصر الى قطاع غزة باقامة جبهة مناهضة لهذا المخطط مركزها دمشق وتضم بالاضافة الى منظمة التحرير وحركة «فتح» والسلطة الوطنية كل الفصائل «الشامية» بالاضافة الى حركتي «حماس» و«الجهاد».
وبالطبع فان سوريا التي استمعت جيدا الى هذه الرسالة، التي وصلت اليها عبر هؤلاء المسؤولين، والتي تعتبر الاكثر خبرة وقدرة، ومن بين كل الدول العربية، على التعاطي والتعامل مع الفسيفساء التنظيمية الفلسطينية بادرت وعلى الفور الى ابلاغ مصر بكل ما وصل اليها ولقد قامت مصر لاحقا بوضع كل ما وصلها بين يدي رئيس الوزراء الفلسطيني خلال زيارته الاخيرة الى القاهرة .
ان من حق القيادة الفلسطنية ان ترفع راية عفا الله عما سلف وان تسعى لتحسين علاقاتها مع سورية فهذا شأن يخصها ولا يجوز الاعتراض عليه لكن الاعتراض هو على سعي البعض الى افتعال خلافات وهمية والى النفخ في رماد نار تم اطفاؤها منذ فترة بعيدة فالاردن يتعامل مع الاشقاء الفلسطينيين ومع غيرهم بوجه احد وهو قد حسم امره وبشكل نهائي اذ لا عودة الى الضفة الغربية حتى ولو قدمت اليه على طبق من ذهب وهنا فان اغلب الظن ان ما ينطبق على الاردن بالنسبة للضفة الغربية ينطبق على مصر بالنسبة لقطاع غزة.