قبل تقديم تقرير تيري لارسن للامين العام للأمم المتحدة، حول lt;lt;التنبيهgt;gt; لمصير lt;lt;السلطةgt;gt; الفلسطينية، بما يزيد عن شهر، عقد في رام الله وعلى بعد مرمى حجر من مبنى المقاطعة، اجتماع أكاديمي بحضور شخصيات عامة، لها اتصالاتها المباشرة مع السلطة، حمل عنوان lt;lt;السلطة الفلسطينية: الأداء والمالgt;gt;. وبعد سلسلة لقاءات، خلصت الى ما يشبه تقرير لارسن، لكن بصيغة تحذيرية واقتراحات lt;lt;وعظيةgt;gt; بالرغم من العناية الفائقة التي عولج بها النص، لان المشتركين في النقاش كما الصياغة، هالهم هذا الكم من الاسباب التي ترجح الانهيار، كما راعهم مجرد التصور بأن المآل سيكون فوضى، لصالح شارون وخططه الهادفة الى التأكيد ان الفلسطينيين، لم يصلوا بعد الى سن الرشد لإدارة حياتهم اليومية.
التقرير الذي أعده الاجتماع سلم بتفاصيله الى رئاسة السلطة، ونشر عنه في الصحف المحلية، وبعض العربية جزء يشير الى lt;lt;الاحتمالاتgt;gt; والتي جاءت بمثابة قرع الاجراس، على مسمع من كل الذين يعنيهم الامر، بأن مركبة السلطة فقدت المكابح كلها عند منعطف الانزلاق الحاد نحو المجهول، الذي بدايته الفوضى.
lt;lt;السلطةgt;gt; كسلطة، على أرض الواقع، هي اسم بلا مسمى، اصطلاح هلامي، لا هيكلية له ولا مرجعية كل شيء منفلش وكل شيء الى انفلات.. وهذا يزيد من التكتلات، ويحوّل الاجهزة الامنية الى ميلشيات والى مراكز فوق المراقبة والمساءلة، يشكل كل فيها lt;lt;سلطةgt;gt; قائمة بذاتها لا تشكل دعائم lt;lt;للسلطةgt;gt; الاساس بل تعمل على تقويضها، كي تستمر في سطوتها، ولو عبر دورها كأجهزة لخدمة مصالح ذاتية لكبار قادتها الذين يحتمون بادعاء الولاء لlt;lt;الرئيسgt;gt;، ومع ذلك، فالأساس الملحي، بدأ بالتهاوي رغم المقويات والمسكنات.
كانت شكوى التفرد، والاستئثار، والاستحواذ، ولا تزال، حكرا على شكاوى الفصائل الفلسطينية، سواء منها الموالية أو المعارضة.. وهذا أمر اعتادت عليه الساحة الفلسطينية، أما حين تنتقل هذه الشكوى الى داخل تركيبة السلطة، ثم الى داخل lt;lt;الحزب الحاكمgt;gt;، فإن الامر يختلف.. من حيث أدوات الصراع، التي تستقوي بالسلاح والاستزلام، بالمناطق، وبالاستيلاء على المقرات، تحت ذريعة اقتسام lt;lt;ممتلكاتgt;gt; الحزب الحاكم.
هذا جانب من الصورة، وهو جانب أساس، أما الجانب الآخر، فهو الدور الخارجي الضاغط.. وهو لم يهدأ منذ ما بعد فشل مباحثات كامب ديفيد الثانية أيام حكومة الجنرال ايهودا باراك وصار يوميا حين أطبق الحصار على مبنى المقاطعة في رام الله، وتحول كثيفا، عند تعاطي الاطراف العربية مع الرغبة الاميركية التي عنوانها، بأن مرحلة عرفات قد انتهت، وان الامر يستلزم تعيين رئيس للوزراء، ثم الى مطالبة بوجود وزير داخلية قوي، ثم الى المطالبة بتوحيد الاجهزة الامنية.. وسلسلة المطالب باتت معروفة لدى الجميع.
يذكر معظم الذين يتابعون تطورات الساحة الفلسطينية، بأن البيت الابيض، عندما وضع ورقة التعاطي مع السيد عرفات جانبا، اتصل مع معظم المرشحين ليأخذوا دوره، وفي معظمهم أبدوا الاستعداد بأن يكونوا lt;lt;خليفةgt;gt; خليف عرفات.. وليس بعده مباشرة، إلا ما ذكر حول إبداء السيد دحلان الاستعداد لتسلم الامور، فورا.
قد يكون هذا الحديث، وهو من أوساط فتح، أي الحزب الحاكم، يحمل أكثر من دلالة، لكنه في العمق.. يدل على ان الدوائر الخارجية، وجدت أرضا داخلية خصبة، لنبتة مهجنة، وكذلك وجدت الآذان التي تصغي لحديث التبديل والتغيير، والاشخاص والاسماء الجاهزة للتعاون، بعضها بعد خطوة.. وبعضها يستبق الخطوات.
قد ينشأ هنا سؤال ساذج.. ملخصه: أيهما أسبق، وأيهما مهد للآخر.. الاسباب الداخلية، ام التداخل الخارجي؟
والجواب الاولي، ان المسألة بقدر ما هي شديدة التعقيد، بقدر ما تكون الاجوبة مركبة، لان علاقة جدلية تربط بين الداخل والتداخل ما بين صراع الحزب الحاكم وان وصف بأنه صراع داخلي، فمعظمه إرث الخارج، وتطوره نحو الازمة، له أسبابه الداخلية والذي تغذيه الرغبة الخارجية.
 الحزب الحاكم: بالرغم من حالة الالتباس القائمة، بين السلطة الفلسطينية التي جاءت إنفاذا لاتفاقية اوسلو وما تلاها من اتفاق طابا وبروتوكول الخليل.. وما بينها من مفاوضات متوزعة الامكنة والتواريخ.. وبين الاحتلال الشريك الموقع على اتفاقية اوسلو وما تلاها.. هذا الاحتلال الذي قضم lt;lt;سلطةgt;gt; السلطة والارض التي كانت تحمل اسم lt;lt;أgt;gt; أو تلك التي حملت اسم lt;lt;بgt;gt; وصولا الى إعادة الاحتلال الكامل والاحتفاظ lt;lt;بحقgt;gt; الاقتحام والاعتقال والقتل والهدم والاذلال.. بالرغم من حالة الالتباس هذه.. فقد استمر الحزب الحاكم.. فتح.. سلطة.. يعتبر نفسه، حاكما، يتمتع أفراده بكل مميزات lt;lt;الحكمgt;gt; حتى لو كان هذا الحكم بين أقواس الكتابة كما أقواس الاذلال الفعلي.. وتاليا.. فقد نشب بين زملاء الامس، ومعظمهم، كما ذكر، جاء من الخارج، لا محررا بل على ظهر اتفاقية اوسلو، أما تزويق بعض المناصب، من أهل الداخل، فقد جاء بمعظمه كعملية lt;lt;تجميلgt;gt; ضرورية، ثم ان نشطاء الانتفاضة الاولى 1987 من الحزب الحاكم شعروا بأنهم لم يعطوا ما يستحقونه، وهم في أكثريتهم من جيل الشباب الذي كان ينظر الى القيادة التاريخية وهي في تونس، وقبلها في بيروت وقبلهما في دمشق وعمان نظرة التقديس المحاطة بهالة الهيبة والاعجاب.
لكنهم، اكتشفوا، بالاحتكاك المباشر، ان الامور لا تسير كما كانوا يأملون، وهذا جعلهم يتشبثون بتشكيلات فرضتها الضرورات قبل قدوم السلطة وهي تشكيلات اللجان الحركية العليا، في الضفة، وفي قطاع غزة، ولهذه اللجان امتداداتها في المدن والمخيمات، مما جعلها تنظيميا، ضمن التنظيم، ومراكز قوى، إضافية، شبابية، ضمن مراكز القوى سواء داخل الحركة أو داخل السلطة، وبالمختصر، ضمن الحزب الحاكم.. نشأ جيل، أطلق على نفسه صفة عابر لحواجز التنظيمات، ورث عن الانتفاضة الاولى، وعن الانتفاضة الثانية معنى تضافر الجهود في مواجهة العدو، وان العدو يستهدف الكل من الناس ونشطاء الفصائل.. بينما الذين تولوا مقاليد الامور في السلطة يحملون بطاقات المرور والتسهيلات والاتصالات، والزيارات الليلية لمناطق 1948 تفاوضا، أو نسجا لخيوط يمكن ان تنفع في يوم من الايام في ترشيحات القبول.
وهكذا تعددت أسباب الازمة داخل الحزب الحاكم، وفي كل مرة، كان السيد عرفات lt;lt;سيد اللعبةgt;gt; يصرف أو يقتر، يسمح أو يمنع، يرقي أو يسرّح، يقرب أو يجمد.. فهو الممسك بخيوط اللعبة الداخلية لكونه ثلاثي الصفات القائد التاريخي الابرز في فتح، رئيس السلطة المنتخب، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فضلا عن كونه القائد العام، ورئيس مجلس الامن القومي.
 العامل الخارجي: لا يزال الحديث عن العامل الخارجي يفتقر الى توثيق.. ويعتمد الحديث عنه والى حد بعيد على تزامن ظرفي، يحاول ان يربط بين التمهيد للاحداث، وتوقيت الاحداث، وتصريحات الاطراف أثناء الاحداث.
تقرير تيري لارسن، صار نقطة زمنية.. ما قبله تمهيد، وما بعده أحداث.. وقيل في هذا المجال، ان تقرير لارسن، ليس بعيدا عن تحليلات محمد الدحلان، أما مرتكزاته السياسية فليست بعيدة عن رؤية محمود عباس lt;lt;ابو مازنgt;gt; السياسية، سواء تلك التي ضمها كرّاسه حول أيامه في وزارته المستقيلة، أو ما طرحه بعد ذلك، في عمان، أو مع القليل الذين يلتقيهم.. لأنه، فرض على نفسه عزلة شديدة لمنع القيل والقال.. وقطع الاتصال الهاتفي بينه وبين مبنى المقاطعة حتى في الاعياد الدينية والمناسبات الوطنية.. لكنه لا يمتنع عن المقابلات ذات الطابع التحليلي.. موضحا ودائما، انه لا يسعى الى عودة، لكنه يحذر من الانهيار، ويحدد معالمه، ويكاد ان يحدد مراحله.. شرارته والحريق.. أما محمد دحلان فالحديث عنه يطول.. بعض الحديث يؤكد ان الخطوط بينه وبين الولايات المتحدة مفتوحة منذ تأسيس الامن الوقائي، ومن يومها لم تتوقف عنه الميزانية الخاصة والتي تكبر أرقام أصفارها بين رواية واخرى.. فرواية تقول انه يتلقى مبلغ 20 مليون دولار شهريا، ورواية ثانية تجعل نفس الرقم كل شهرين مع إضافة انه تلقى مبالغ اخرى لتأسيس دار إعلامية كبيرة: جريدة يومية، إذاعة مسموعة، واخرى فضائية.. فضلا عن انه استطاع تأسيس قاعدة عريضة lt;lt;فتحاويةgt;gt; في الاساس وأمنية بالحشد وانه يتمتع lt;lt;بحديث مقنعgt;gt; استطاع استقطاب قيادات ورموز فتحاوية، وقيادات أمنية، ووجوه في البلدات والمخيمات وانه بدأ تحركه اعتمادا على عوامل متعددة منها:
قراءة للموقف الاميركي: ونقول lt;lt;قراءةgt;gt; لأننا ننقل عن آخرين يرون فيها أكثر من ذلك، والى ما يقترب من التنسيق مع أميركا، محمد دحلان قرأ lt;lt;الوقتgt;gt; الاميركي الرئاسي، بأنه بحاجة الى عامل دفع، وان سباق الرئاسة، وقد دخل وقته الاخير، تقريبا، حيث مؤتمر الحزب الجمهوري، وحيث كلمة الرئيس المرشح جورج بوش الابن بحاجة الى مادة في اتجاه اللوبي اليهودي.. وباختصار قرأ دحلان الحاجة الرئاسية الاميركية الى وجود lt;lt;شريك لشارونgt;gt; يتساوق معه في مشروع فك الارتباط من طرف واحد.. من قطاع غزة.. أما السيد عرفات، فقد قرأ سباق الرئاسة الاميركية.. وخلص الى ان الوقت لم يعد يسمح للرئيس المرشح.. بممارسة المزيد من الضغوط عليه وان بإمكانه المماطلة في الرد على lt;lt;المطالبgt;gt; التي وردت اليه من غير طرف والمكررة بإلحاح، لتوحيد الاجهزة الامنية، لإعطاء المزيد من الصلاحيات لرئيس الوزراء أحمد قريع، ولوزير الداخلية.. ولهذا كانت إجاباته على هذه الطلبات، كلمات حمالة أوجه، وتحمل أكثر من تفسير.. وكان كل ظن عرفات انه استطاع المماطلة سابقا، وانه يستطيع الاستمرار بها، اعتمادا على قراءته لمسار السباق الرئاسي الاميركي.. والتي تميز الاشهر الاخيرة فيه، عادة، بأنها اللعب في الوقت الضائع، والدوران في حلقة اللاقرار أعلن في 27/7/2004 عن تنازل عرفات عن بعض صلاحياته .
قراءة لجهود الرباعية: الى عهد قريب، كان السيد عرفات يستند الى حيادية نسبية في تحرك اللجنة الرباعية.. خاصة الجانب الاوروبي فيها فضلا عن الجانب الروسي.. أما هذه الفترة، فقد اجتمعت اللجنة الرباعية في رام الله قبل تقرير تيري لارسن الشهير.. وقد أتيح للسيد محمد دحلان الاطلاع على محضر لقاء الرباعية لأحمد قريع.. ووضع خطوطا حمراء تحت بعض الاسطر يعرضها على من يلتقي به.. هذه الاسطر، تشكو باسم أطراف اللجنة الرباعية للسيد احمد قريع، عدم تعاون السيد عرفات معهم، أو الجهود المبذولة لكسر حالة الجمود.. وانسداد أي كوة يحاولون فتحها لإحياء lt;lt;العملية السلميةgt;gt; وان الفساد قد عم وانتشر، ولم يعد بإمكان اللجنة الرباعية العمل بمثل هذه الاجواء.. وهذا يهدد المساعي التي تبذلها لجعل مشروع شارون، كجزء من خارطة الطريق.
محمد الدحلان.. يعتبر ان الفساد أشكال وألوان، وان أحد أهم ألوانه.. هو الفساد السياسي، الذي يفوت الفرصة من الاستفادة من بعض المساعي.. وان بقاء الحالة السياسية جامدة، يجعلها جامدة على جانب السلطة، بينما شارون يتحرك وفي كل الاتجاهات، أميركيا، أوروبيا، وعلى الارض، قضما، واقتحاما، واحتلالات وبناء الجدار.
قراءة لوضع الحركة: الدحلان أحد المطالبين بضرورة إجراء انتخابات حركية مقدمة لمؤتمر حركي عام.. وقيل انه بلا منافس جدي يقف في وجهه.. فيما اذا جرت الانتخابات في قطاع غزة.. والى حد ما في الضفة.. وانه يمثل تهديدا جديا لكثيرين في اللجنة المركزية لحركة فتح، وتهديدا جديا لوجوه فتحاوية استطاعت خلال انتفاضتي 1987 وانتفاضة الاقصى، ان تبلور مواقفها كوجوه شابة واعدة.
في lt;lt;قراءةgt;gt; الشهر الماضي، جعلنا العنوان lt;lt;صرخة استهجان قبل فوات الاوانgt;gt;، أما اليوم.. فنطرح بهدوء وروية.. فكرة lt;lt;طائف فلسطينيgt;gt;. ان صراع lt;lt;الحزب الحاكمgt;gt;.. وان كان يشكل دعما لصدقية المعارضة، لكنه لا يجعل هذه المعارضة بمنأى عن الاخطار.. وكذلك، فإن تنامي تداخل العامل الخارجي بما يجعل هذه الاحداث تتزامن مع كثافة الضغط الاميركي، وكثافة أعمال القتل الذي تمارسه حكومة شارون حيث بات القتل بالجملة.. وlt;lt;اصطيادgt;gt; النشطاء بالجملة.. والهدم بالجملة لا يقتصر على طرف دون طرف بل يطال الكل.. وبالمقابل.. فإن lt;lt;التفردgt;gt; بالقرار، وتوزيع العواطف ومعسول الكلام على قادة الفصائل من قبل السيد عرفات، لم تعد عملية مجدية. لم تعد مقبولة والتهديد بتصفية القضية الفلسطينية ماثل للعيان.. عودة الاحتلال للضفة كلها.. احتلال معظم القطاع.. تدمير البنية التحتية، وفرض الحصار والأسر على القرى والمدن.. مع حركة دائمة لشارون وعلى غير صعيد لإظهار الشعب الفلسطيني.. بأنه غير مؤهل لحكم ذاته.
ومنذ مدة، وفصائل المقاومة، والشخصيات الوطنية، تنادي بتشكيل قيادة وطنية موحدة، مرجعيه وطنية يشترك فيها الكل، ولا يملك طرف فيها حق الفيتو، أو حق الاستفراد في القرار، وقد جاء هذا المطلب في حوار القاهرة الاول، وتبلور أكثر في حوار القاهرة الثاني.. لكن هذا المطلب قوبل بالتجاهل تحت عذر ان هناك ما هو عاجل: الهدنة، ثم التفويض للسلطة.
الآن، وقد جاءت الاخطار، لتجعل من هذا المطلب الوطني بتشكيل قيادة وطنية مطلبا ملحا لظهور مرجعية سياسية فلسطينية تتولى القيادة السياسية والتهيئة لإعادة النظر في بناء منظمة التحرير، وكذلك في إعادة اللحمة للساحة الفلسطينية لتجنب أخطار تحدق بها أقسى وأمر من قوات الاحتلال.. فالعدو، عدو.. لكن خطر التمزق الداخلي هو الذي يفتت البنيان.
الطائف اللبناني.. شكل بداية لإعادة بناء الوطن اللبناني. lt;lt;الطائف الفلسطينيgt;gt; المقترح، هو دعوة لتحمل بعض من يعنيهم الامر من العرب.. بعض من يعنيهم الهم الفلسطيني، مسؤولية إتاحة المكان والزمان، لحوار فلسطيني جاد وعميق.. للوصول الى ما يجنب القضية الفلسطينية الاخطار.