بداية، علينا التوضيح والتبيان أننا ضد الارهاب بكل اشكاله وانواعه، ولدينا في هذا المجال كتابات كثيرة ومواقف معروفة، كما اننا ضد الاسلام السياسي واستغلال الدين الحنيف في كسب النفوذ والمواقع السياسية، وفي هذا المجال ايضا لدينا كتابات كثيرة ومواقف معروفة، اهمها فصل الدين عن السياسة، وعلمانية الاسلام، والفكر المتطرف ودعاوى الجهاد المشبوهة.

هذه المقدمة لم تكن ضرورية، لو كان عندنا ديموقراطيون حقيقيون يتفهمون ويقبلون الرأي الآخر في حدود المتاح والمسموح قانونا، ولا اقصد العنف والارهاب.. انه رأي آخر يجب تفهمه وتقبله، لانهما خارج القانون، وبالتأكيد فهو خارج نطاق التفهم والتقبل، وهكذا اجدني بحاجة الى تبيان وتفسير كل جملة وكل مفردة، حتى لا يتهمنا الديموقراطيون بتأييد الارهاب او تشجيعه، ولو ضمنا.

لقد كتبنا عن الحوادث الارهابية العديدة التي حدثت في الكويت، وقلنا ان هناك فكرا اسلاميا متطرفا، وهناك من يدفع بالشباب ويغرر بهم، ويفرش لهم طريق الجنة بقتل الابرياء بدعوى الجهاد والاستشهاد، هذا الفكر هو الذي يجب ان يحاسب ويناقش ويوضح، كما فعلت الحكومة المصرية ونجحت كثيرا في الحد من هذا الفكر والقضاء على الارهاب.

لكن حكومتنا الرشيدة غضت الطرف طويلا وتساهلت في تطبيق القوانين، واتخذت من القرارات الكثير دون ان تقوم بتطبيقها على ارض الواقع، عجزا او ممالأة او خوفا او لأسباب وحسابات اخرى لديها هي، وهنا ايضا نوضح اننا فقط نطالب بتطبيق القوانين وليس اجراء آخر غير قانوني.. والآن تشكل الحكومة لجانا لدراسة الظاهرة الارهابية وتنادي بتعديل المناهج الدراسية، ولا نعلم اذا كانت هذه القرارات سوف تجد طريقها للتنفيذ والتطبيق، أو تكون كحال سابقاتها..؟

وبخصوص قضية الشباب الاحداث الذين يتم غسل ادمغتهم وتجنيدهم وارسالهم للجهاد في العراق، فانها نتاج ثقافة الغلو والتطرف، وهي بحاجة الى معالجة علمية بجانب العلاج العقابي والمحاكم كما طالبنا دائما.. ولكن ما نود الاشارة اليه في هذا الشأن، هو القراءات التي نقرأها لمن يزعمون انهم ديموقراطيون، حيث يكتبون بشيء من الانفعال والتشنج في الموضوع، ويطالبون الحكومة بالضرب بيد من حديد، وعدم الاجتهاد في هذه القضية او الحديث عنها في الصحف، والتشويش على الاجهزة الامنية واثارة التعاطف الشعبي، او استنكار تطوع احد المحامين للدفاع في هذه القضية، وكأنه لا توجد قوانين في البلد بتاتا، وكأن الاجهزة الامنية لا تعرف كيفية التعامل مع القضية، او ان المحاكم والقضاة ليسوا في المستوى المطلوب.. او كأن ذلك المحامي اعلن تطوعه للدفاع عن المتهمين خارج نطاق القانون.

هذا طعن في القوانين والاجهزة الامنية والنيابة والقضاة، الى جانب انه يخرج عن نطاق الممارسة الديموقراطية، التي يجب، على كل الديموقراطيين الحقيقيين في الكويت، ممارستها فعلا وقولا، ليتعلم الآخرون منهم الممارسة الديموقراطية، حتى ولو كانت ضد رغباتهم وآمالهم، وهذه هي الديموقراطية، وليس فقط ما يتناسب مع رغباتنا وطموحاتنا، وهذه هي مهام الديموقراطيين ورسالتهم، وهذا ما يجب ا ن يقوموا به ويشيعوه وينشروه، وفي قضية الاعتقالات الاخيرة وغيرها.. عليهم ان يشددوا على تطبيق القوانين في كتاباتهم، ويستنكروا اي فعل او اجراء خارج حدود القانون، واذا كانت القوانين قاصرة وغير صالحة، فان عليهم المناداة بتغيير القانون وفق الاسس الديموقراطية والنصوص الدستورية.

وقد لاحظنا ايضا الاتهام المتبادل بين الكتاب «الاسلاميين» والليبراليين في هذه القضية.. «الاسلاميون» يتهمون الليبراليين باستغلال هذه القضية ضدهم، ويصبون جام غضبهم بالنقد والتجريح خارج مفاهيم الحوار المنطقي، والليبراليون او الديموقراطيون يتهمون «الاسلاميين» بالدفاع والتشجيع على الارهاب، كل هذا يتم بعيدا عن الممارسة الديموقراطية الحقيقية ومقارعة الحجة بالحجة، وتبيان مواقف ومساوئ كل طرف بالادلة والاثباتات، كي يقرر المواطن او القارئ ايهما على حق او على خطأ، لان اسلوب الاتهامات والنقد والتجريح لا يشجع القارئ على تبني موقف محايد وفق قناعاته، التي تتكون بعد قراءة منطقية لحجج كل طرف، وانما يتعاطف في الغالب مع الذي يتلقى الهجوم والتجريح، ونقصد غير المنتمين لاي طرف، وهؤلاء هم الذين يهموننا.

وختاما نحن مع تطبيق القوانين ومحاسبة المتهمين ومعاقبتهم وفق القانون، ونثق بالاجهزة الامنية والنيابة والقضاة، وان امن الكويت واستقرارها فوق كل اعتبار آخر، ولا ندعو الى غلق الحوار والكتابة، ولكن نطالب ان يكون باسلوب ديموقراطي ومنطقي، ومقارعة الحجة بالحجة، لنساهم في تعليم جيل الشباب ممارسة الديموقراطية الصحيحة، وهذا هو مقصدنا، ونعلن مجددا اننا ضد ثقافة الغلو والتطرف وضد الارهاب بكافة اشكاله وانواعه، ونضع ثقتنا في الحكومة لمعالجة هذا الموضوع، ونناشدها تفعيل قراراتها، وعدم الانتظار لحين حدوث قضية مشابهة حتى تتحدث مرة اخرى عن تشكيل اللجان.