إسلام أباد من سامر علاوي: أكد وزير الداخلية الباكستاني فيصل صالح حيات ل”الخليج” أن إسلام أباد لن تسلم المعتقلين المشتبه بانتمائهم الى تنظيم “القاعدة” الى الولايات المتحدة. وقال في مقابلة خاصة مع “الخليج” إن المعتقلين في غضون الأسابيع الثلاثة الماضية بلغ عددهم 20 شخصا من الأجانب والباكستانيين، ويتم التعامل معهم وفقاً للقوانين الباكستانية، ولا حاجة الى تسليمهم الى الولايات المتحدة.

وأوضح حيات أن المعتقلين الأجانب في عملية غوجرات وهم من أصول افريقية، وبينهم أحمد خلفان الجيلاني العقل المدبر لهجمات نيروبي ودار السلام العام 1998 على سفارتي الولايات المتحدة، يخضعون للاستجواب لمعرفة صلاتهم بالمنظمات الإرهابية العالمية والمحلية.

وأكد الوزير أن الحكومة الباكستانية اتخذت إجراءات أمنية جديدة، بينها تشديد إجراءات منح التأشيرات في السفارات الباكستانية للحيلولة دون دخول إرهابيين للبلاد، بعد أن تبين أن من تم اعتقالهم أخيراً من الأجانب يحملون تأشيرات نظامية سارية المفعول، وتقرر تشديد الحراسة على الشخصيات المهمة في البلاد بتزويدهم سيارات مصفحة وسترات واقية من الرصاص، وتوفير غطاء أمني لتحركاتهم، وذلك بعد محاولتي الاغتيال اللتين تعرض لهما وزير المالية الحالي رئيس الوزراء المرتقب شوكت عزيز ورئيس حكومة إقليم بلوشستان جام محمد صادق.

وقال حيات إن خمسة أجهزة أمنية تشارك في التحقيقات حول محاولة اغتيال عزيز قبل عشرة أيام. ولم يحدد عدد المعتقلين على ذمة القضية، لكنه قال إن التحقيقات توصلت لخيوط، والعمل جار للتوصل إلى من يقفون وراء محاولة الاغتيال.

وانتقد الوزير الباكستاني التصريحات الأمريكية المتقلبة في شأن دور باكستان في مكافحة الإرهاب. وقال ان المسؤولين الأمريكيين يتبنون مواقف مختلفة من عاصمة لأخرى، كما حدث مع نائب وزير الخارجية الأمريكي ريتشارد آرميتاج الذي ثمن موقف إسلام أباد في الحرب على الإرهاب عندما زارها الشهر الماضي، لكنه بدل أقواله في نيودلهي وكابول. وأضاف: “ان ما قدمته باكستان وحققته في مجال مكافحة الإرهاب منذ أحداث 11 سبتمر/أيلول لا يمنح المسؤولين الأمريكيين أو غيرهم مبرراً للإعراب عن آراء ذات طبيعة سلبية لا تنطبق على باكستان، ولا نقبل مثل هذه الآراء، وباكستان تقدمت ميلاً أبعد مما كان مطلوبا منها في محاربة الإرهاب، وتفكيك المنظمات الإرهابية في مناطقها وفي نطاق صلاحياتها”.

وزاد حيات: “لا يوجد أي مبرر لهذه الاتهامات، وباكستان ترفضها لأنها لا تعدو أن تكون إثارة”، كما انتقد تقرير الكونجرس الامريكي الخاص بالتحقيق في أحداث سبتمبر/ايلول حين زج باسم باكستان وغيرها من الدول من دون دليل. وقال: “التقرير يمكن اعتباره متناقضاً بحد ذاته وبطرق مختلفة، وبالتأكيد لا يحمل أدلة على الادعاءات التي حاول الصاقها بالسعودية وباكستان في ما يتعلق بما حدث في الولايات المتحدة في ذلك اليوم”.

وعن الوضع الأمني في باكستان، قال حيات إن باكستان ما زالت تواجه عدداً من التحديات بعد أن غيرت المنظمات الإرهابية من شكلها وطريقة عملها، وتكيفت مع الظروف الأمنية الجديدة في ظل التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، وهذا يوجب على باكستان ودول التحالف ضد الإرهاب أن تعي هذه الحقائق، وأن تطور آلياتها للتغلب على أساليب المنظمات الإرهابية التي أظهرت قدرة كبيرة على المواجهة والاستمرار. وأوضح أن باكستان انتهجت استراتيجية حذرة منذ انضمامها للتحالف الدولي ضد الإرهاب. وقال: “التحدي الأكبر الذي تواجهه باكستان اليوم ينبع من الداخل بعدما اتحدت كل القوى التي تستند إلى أفكار طائفية وتنظيمات متشددة وغيرها، وانتشرت في أنحاء باكستان، في مناطق القبائل في المناطق الحدودية، وفي شمال وجنوب باكستان”.

وأشار الى العمليات العسكرية الجارية في إقليم السند، وقال: “إذا أردنا أن نقيم مجتمعا آمنا مستقرا في باكستان، فعلينا أن نخلص أنفسنا من هؤلاء المارقين”. وأكد أن باكستان تسعى إلى “تحييد” المنظمات الإرهابية إذا لم تكن قادرة على “تفكيكها”.

ووصف وزير الداخلية الباكستاني مقتل الرهينتين الباكستانيين في العراق بأنه مدمر لباكستان والعالم الإسلامي. ورأى أن من أقدموا على هذا العمل ليسوا أصدقاء لباكستان ولا للعراق. وأضاف: “أساء ذلك للعالم الإسلامي، ولابد من جهود إسلامية مشتركة للعمل من أجل وقف تداعيات مثل هذه الحوادث، والشعب العراقي يتطلع للعيش بأمان واستقرار ووئام”. ورفض حيات تحويل العراق ساحة لتصفية الحسابات والانتقام، في إشارة إلى أن مقتل الرهينتين قد يكون انتقاما من سياسة الرئيس الباكستاني برويز مشرف المتعلقة بالتحالف مع الولايات المتحدة والحرب على الإرهاب.

وقال إن باكستان دولة مستقلة ذات سيادة لها الحق في انتهاج السياسات التي تناسبها. وذكر أن “السياسات التي اتخذها مشرف والحكومة الباكستانية هي من أجل المصلحة الوطنية ومصلحة المنطقة والعالم الإسلامي بأسره. وموقف باكستان اليوم هو السلام الكامل، ومنطقة متوائمة خالية من التوترات، وهي المنطقة التي تعيش الآن حالة من التهديد بالاضطراب في العراق والشرق الأوسط ومنطقتنا. واستبعد حيات أن يؤثر ذلك في موقف باكستان تجاه إرسال قوات للعراق. وقال إن أعمال المنظمات الإرهابية لن تؤثر في سياسات باكستان. “وأي دولة متحضرة في العالم لا يمكنها تقديم تنازلات مهما كان حجم التهديد”.

وشدد وزير الداخلية الباكستاني على ضرورة التعاون بين بلاده وجارتها أفغانستان في المجالات كافة مبديا استعداد إسلام أباد للمساهمة في إنجاح الانتخابات الرئاسية الافغانية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل والانتخابات التشريعية الربيع المقبل، والمساهمة في عملية إعادة التأهيل والإعمار، وضبط الأمن من خلال تدريب الشرطة الأفغانية، والتعاون مع قوات “التحالف” الدولي والقوات الأفغانية. وقال إن بلاده قدمت 10 ملايين دولار لأفغانستان للمساهمة في مشاريع ومؤسسات أمنية أفغانية. وأكد أن باكستان تبذل جهداً لضبط الحدود، لكنه طالب الطرف الأفغاني بفعل الشيء نفسه، مع تفهمه للوضع الحالي في أفغانستان، “حيث لا تبسط الدولة سيطرتها على أجزاء ليست قليلة من أراضيها”. ودعا إلى تفكيك أمراء الحرب في أفغانستان، وبذل المزيد من الجهود لتجريدهم من أسلحتهم، وتوسيع دائرة انتشار قوات المساعدة في حفظ الأمن والسلام (إيساف) وقوات منظمة حلف شمال الأطلسي.

وبالنسبة إلى اللاجئين الأفغان في باكستان، أكد وزير الداخلية الباكستاني أن إسلام أباد سوف تعمل ما يسعها لتسهيل مشاركتهم في الانتخابات الأفغانية، ولن تضطرهم للعودة إلى بلادهم بالقوة، بل تأمل أن تتوفر الأجواء المناسبة في بلادهم بما يسهل عودتهم.