واشنطن ـ سلامة نعمات: رأى نائب وزير الخارجية الأميركي ريتشارد ارميتاج ان "التحدي الأمني الأساسي الذي نواجهه في العراق هو من العناصر المتمردة". وأقر بطول الحدود السورية وايران مع العراق, لكنه توقع من البلدين جهداً أكبر في ضبطها, معتبراً ان الاتهامات لسورية وايران تتعلق بالسماح لمقاتلين بعبور الحدود وعدم ضبطها بالشكل الكافي.
وشدد في مقابلة مع "الحياة" على أن المبادرة الاميركية للاصلاح في الشرق الأوسط "لم توضع على الهامش اطلاقاً". وقال ان الادارة الأميركية لن تؤجل الانتخابات حتى في حال وقوع هجوم. وأضاف: "واضح من مواقع الجماعات الجهادية في شبكة انترنت انها تعتزم ضربنا وتكرار سيناريو مدريد لزعزعة العملية الانتخابية".

وفي ما يأتي نص الحديث:
أين أنتم من الوضع في العراق؟ هل خسرتم السلام؟ وما التحـــديات الرئيســية من وجهة نظركم؟
ـ المشكلة الأساسية هي من الناحية الأمنية عموماً, والتحديات تتمثل في تحقيق استتباب الأمن في ما نسميه المثلث البعثي. الوضع مختلف ومستقر في بقية المناطق. وعلى رغم ان صعوبات تواجهنا في الموصل والنجف, انما البشرى هي أن العراقيين أنفسهم يعملون لاسترداد أمنهم ويخوضون المعركة من أجل العراق ضد المتمردين.

ماذا عن التدخل الخارجي؟ وجهتم في الآونة الأخيرة اتهامات الى سورية وايران بارسال مقاتلين ومتــفجرات لزعــزعة الأمــن في العراق؟
ـ أعتقد بأن الاتهامات لسورية وايران تتعلق بالسماح لمقاتلين بعبور الحدود وعدم ضبط هذه الحدود بالشكل الكافي. نحن نعي ان الحدود طويلة بين البلدين, انما نتوقع بذل جهود أكبر في ضبطها. وأود التأكيد ان التحدي الأمني الأساسي الذي نواجهه في داخل العراق هو من العناصر المتمردة والتي تأتي بشكل أساسي من الموالين للنظام السابق.

هل حصل أي تقدم على صعيد تنظيم الجيش العراقي وتسليحه لمواجهة هذه التحديات؟
ـ نعم, قام العراقيون بالمهمة الأساسية وحملوا العبء في النجف والموصل في المعركة ضد المتمردين. وفي مراجعتي اليوم للأخبار, قرأت خبراً عن جنرال عراقي وليس أميركيا يحيي لواءه الذي تدرب على أيدي عراقيين ويصف الجيش العراقي بأنه الحجر الأساسي لبناء الوطن والدفاع عنه.

ما موقفكم اليوم من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر؟ لماذا حاصرته القوات الاميركية اخيراً؟
ـ قامت عناصر من جيش المهدي بخرق الهدنة واطلقت النار على شاحنة عسكرية أميركية, ورد الجيش الأميركي. وهناك عراقيون شاركوا في المهمة لفرض نفوذهم في النجف.

عدت أخيراً من جولة شملت المنطقة, ما انطباعك؟
ـ اجتمعت مع رئيس الوزراء العراقي أياد علاوي, ولمست خلال الزيارة الكثير من الأمل وسررت لرؤية الدعم الذي تحظى به حكومة علاوي من البلدان المجاورة.

هل تعتبرون مبادرة السعودية لارسال قوات اسلامية وعربية دعماً سياسياً أم تعبيراً عن وجود نية لإرسال قوات بالفعل؟
ـ انها تعبير صادق ودلالة حقيقية على نوايا الحكومة السعودية بتحقيق السلام والاستقرار في العراق. انما لا أرى هناك الكثير من التجاوب لدى بعض الحكومات في المنطقة وفي غير المنطقة لارسال مثل هذه القوات الى العراق, ونحن نناقش هذا الأمر.

هل وافقت الحكومة العراقية؟ انها لا تبدو متحمسة لهذه الفكرة؟
ـ لم تبد الحكومة العراقية تحفظات على ارسال قوات اسلامية للعراق, انما عارضت ارسال قوات من الدول المجاورة وهنا يكمن الاختلاف.

جرى الحديث عن احتمال ارسال تونس والمغرب قوات الى العراق. هل ما زال الأمر في اطار البحث؟
ـ هناك حديث مع الكثير من الدول. الملك محمد السادس لا يرى الأمر مناسبا اليوم, انما البحث جار مع باكستان وبنغلادش وحتى مع دول الاتحاد السوفياتي سابقا والتي قد ترسل قوات قليلة العدد لحماية الشخصيات العليا في الأمم المتحدة.

تأجلت الانتخابات في افغانستان, هل من الممكن أن نرى أمرا مماثلا في العراق؟
ـ هناك احتمال, انما الأمم المتحدة والهئية العراقية للانتخابات تعملان على الالتزام بالموعد في كانون الثاني (يناير). تأجيل الانتخابات في أفغانستان ساعد في تسجيل 90 في المئة من الناخبين, وهذا انجاز تاريخي لأفغانستان التي عاشت طوال عقدين تحت ظلم حكم الطالبان ومتعطشة للديموقراطية.

مدير الأمن القومي في البيت الأبيض اليوت ابرامز يجري محادثات مع الفلسطينيين والاسرائيليين, هل تتوقع عقد لقاء امني بين الطرفين؟
ـ لم أطلع على نتائج المحادثات بعد, انما عقدنا الكثير من المحادثات مع الجانبين, ونحن بصدد الوصول الى حل لأزمة معبر رفح ورأينا في الصحف أمس أن الاسرائيليين سيسمحون للشرطة الفلسطينية بحمل السلاح وهذا تقدم في حد ذاته.

هل تخشون انهيار السلطة الفلسطينية؟
ـ هل تمزح, طبعا أنا خائف, الكل خائف من انهيار السلطة الفلسطينية. انما على هذه السلطة ترتيب بيتها الداخلي, وهذا محور النقاشات. وفي شأن استقالة أبو علاء, كل الجهود مطلوبة لترتيب الوضع كي يكونوا شركاء للاسرائيليين.

أين وصلتم في محاولات معالجة الأزمة في السودان؟
ـ الاتحاد الأفريقي يعمل على ارسال قوات لحماية المراقبين وسيرسل الاتحاد الأوروبي مساعدات مادية. وقامت الحكومة السودانية ببعض الخطوات استجابة لطلب الأمم المتحدة في شأن المآسي الانسانية, لكنها فشلت حتى الآن في الضغط على الجنجاويد, وعليهم معالجة هذه المسألة.

هل وضعتم مبادرة الشرق الأوسط الاوسع على الهامش, ام انكم ما زلتم تتمسكون بها؟
ـ ليست على الهامش اطلاقا. وأنا تباحثت في شأنها مع المسؤولين في المنطقة, وهناك متابعة لخطوات التقدم والاصلاح. أنا أعتبر اعلان الحكومة السعودية اجراء انتخابات بلدية انجازاً مهماً. أجريت محادثات ممتازة مع الكويتيين والأردنيين في شأن تعزيز الشفافية والاصلاح والتعليم, والموضوع ليس على الهامش.

هل تلقيتم أي تأكيد محدد من قيادات عربية للمضي بخطة الاصلاح؟
ـ ليس ضمن صلاحياتي أن أتلقى التزامات, نحن لا نفرض الاصلاح, والحكومات لها اليد الطولى بتطبيقه. العمل جار على تطبيق الاصلاح من الداخل, ونحن نشجع هذا الأمر.

الى اي مدى تشعرون بالقلق ازاء التحذيرات الأخيرة من عمل ارهابي في الولايات المتحدة عشية الانتخابات؟
ـ طبعاً, نحن قلقون ومتنبهون. انما نحن ايضا مسرورون بتعاون باكستان وبريطانيا في هذا الشأن. نجحنا في القبض على عناصر في منطقة ألباني في مدينة نيويورك. واضح من مواقع شبكة انترنت للمجموعات الجهادية أنهم ينوون ضربنا وتكرار سيناريو مدريد لزعزعة العملية الانتخابية.

جرى كلام عن تأجيل الانتخابات في الولايات المتحدة في حال وقوع هجوم, هل ما زال الأمر مطروحا؟
ـ هذا الطرح ليس جديا. لن نوقف العملية السياسية.

أين يقف الاتحاد الأوروبي مقارنة بأميركا من مسألة العراق والملف النووي الايراني والسودان؟
ـ القرار الأخير لحلف شمال الأطلسي بارسال فرق تدريب الى العراق يضمد بعض جراحات الماضي وليس كلها. بالنسبة الى ايران قرار ثلاثة وزراء أوروبيين من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا المساعدة من خلال الأمم المتحدة في الضغط على ايران والسعي للمزيد من الشفافية في ما يتعلق بترسانتها النووية امر ايجابي أيضا. وفيما يتعلق بالسودان, كلنا نعي البعد الانساني للقضية, ومن هنا تم التصويت بالاجماع على قرار الأمم المتحدة, مع تغيب اثنين: الصين وروسيا. انما الاتحاد الأوروبي, فهو يتحرك معنا.

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في لبنان, تتساءل أوساط لبنانية هل ستسمحون بتكرار ما تعتقد بأنه تدخل سوري في تقرير مجرى الانتخابات؟
ـ الأمر يعود الى الحكومتين اللبنانية والسورية. نحن سنبتهج في حال تم التوصل الى علاقة ثنائية طبيعية بين البلدين. فالحرب اللبنانية انتهت منذ عقد من الزمن, ونحن نؤمن وبقوة بضرورة بسط الجيش اللبناني سلطته على كامل الأراضي اللبنانية وانسحاب الجيش السوري وتوجهه الى سورية. هذا ما نص عليه اتفاق الطائف في 1989. وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية, نحن لا نختار مرشحين, انما نؤكد موقفنا من الالتزام بالنص الدستوري الموضوع في 1926.

طبقتم عقوبات على سورية. هل ستتخذون أي خطوات اضافية في حال عدم استجابة دمشق لدعواتكم ؟
ـ ربما. انما قانون محاسبة سورية الذي وقعه الكونغرس ووافق عليه الرئيس يأتي على مراحل. المرحلة الأولى هي في الضغط وتوضيح المطالب وبحثها مع الحكومة السورية, وفي حال عدم التزام هذه الحكومة, ستفرض سياسة العقوبات. اليوم نحن في المرحلة الأولى.

هل لمستم التزاما من جانب الحكومة السورية؟
ـ كلا. الحكومة السورية لم تظهر تجاوبا, ولم تتعلم من درس العراق وسقوط حزب البعث هناك. أعتقد بأن هناك حواراً داخلياً مقبلاً, ونرجو أن يحرز تقدماً.