سامي الزبيدي: تصاعدت في الآونة الأخيرة الأصوات الداعية إلى إعادة النظر في أسس إدارة الثروات الاستراتيجية في البلاد خصوصا في ظل تراجع نسب رفدها للخزينة حتى أصبحت بعض الثروات التي كانت عنوانا للنجاح الاقتصادي في العقود الماضية مبعث قلق ومحل شك في طرق إدارتها الأمر الذي وضع على كاهل صانع القرار الاقتصادي عبء البحث عن أسباب التراجع أكانت في طريقة إدارة الموارد أم لأسباب متصلة في التغيرات في السوق الدولية وجدية مواكبة متطلباتها.
وعلى راس هذه القطاعات قطاع التعدين الذي تراجعت نسبة مساهمته في الاقتصاد الوطني إلى نسب غير مسبوقة حتى أن بعض شركات القطاع التعديني أصبحت عرضة لسهام الشك في كفاءة إداراتها.
الفوسفات التي كانت ذهب الأردن لعقود مضت أضحت الان في مرمى سهام الشك وقراءة متأنية لبياناتها المالية وبعض قرارات إدارتها تدفع باتجاه اتساع دائرة الشك وما هو اكبر من الشك البريء.
أربعة عناوين فرعية هي : عطاء بيع سيارات «المان» وعطاء إعادة تأهيل وحدات الغسيل والتعويم, العمولات الخاصة وأخيرا اثر تخفيض ضريبة التعدين على نسب الأرباح.

*عطاء بيع شاحنات المان
قرار بيع الشاحنات كان أثار لغطا كبيرا داخل أروقة الشركة لجهة الأسباب التي دفعت بالشركة لإتمام الصفقة رغم أنها في غير مصلحتها بحسب اللجنة الدارسة للعطاء.
وكان القرار كما ورد في الوثائق على النحو التالي:
1: قرر مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات بتاريخ 22/1/2003 بخصوص العطاء رقم 22ف 2002 إحالة العطاء على شركة(...) المتضمن بيع شاحنات المان وتوابعها على النحو التالي:
أ: بيع كافة الشاحنات والمقطورات وعددها 48 رأس شاحنة و52 مقطورة بمبلغ إجمالي 630 ألف دينار .
ب: بيع قطع الغيار العائدة للسيارات بمبلغ إجمالي 380 ألف دينار , ليكون المبلغ الكلي مليونا وعشرة الاف.
ج: الموافقة على تفويض المدير العام بتأجير مشاغل الصيانة للشاحنات للمشتري وبالأجرة التي يتم الاتفاق عليها.
د: توقيع اتفاقية بيع وشراء.
2: تفويض المدير العام تثبيت السوقين بما يتفق وحاجة الشركة
3: توقيع اتفاقية نقل ما بين شركة مناجم الفوسفات والشركة المشترية لنقل كمية 8ر1 مليون طن....... وبسعر 5ر20 فلس طن/كم ولمدة سنتين.
المعلومات تفيد بان توصيات اللجنة الدارسة للعطاء أكدت عدم مصلحة الشركة في بيع الشاحنات كما أن الصفقة تناقضت مع الشروط المرجعية للعطاء إذ كانت الشروط تلزم الشركة المشترية بتحمل تعيين السواقين وتلزيم المشتري بكافة الرسوم.
إلا أن السيارات حتى اللحظة لا زالت مسجلة باسم شركة مناجم الفوسفات بسبب رفض المشتري دفع بدل البيع للخزينة وباقي الرسوم.
بقي أن نشير في هذا الصدد إلى أن عملية البيع تمت بتاريخ 24-2-2002 أي قبل قرار مجلس الإدارة بالبيع بنحو عام.

*عطاء إعادة تأهيل وحدات الغسيل والتعويم
تفيد المعلومات انه كان من المؤمل أن يتم رفع مستوى الإنتاجية من خلال إنشاء وحدة لغسيل وتعويم مادة الفوسفات بحيث تتخلص من الأتربة العالقة ليجري بيعها بضعف الأسعار فيما لو بيعت دون إزالة الأتربة العالقة إلا أن المشروع رغم الصرف الباهظ عليه كان «under design» حسب وثائق الشركة الأمر الذي دفعها إلى طرح عطاء إعادة تأهيل وحدات الغسيل و التعويم لقد كان المنتظران يتم افتتاح أسواق دولية جديدة لو أن وحدات الغسيل والتعويم إشتغلت بطاقتها الإنتاجية لكن فشل تلك الوحدات في الإنتاج كما تم التخطيط لها افقد الشركة الميزة النسبية في السوق العالمي خصوصا وان العديد من المستوردين الدوليين باتوا يرفضون استيراد الفوسفات ما لم يتم غسله من الأتربة لأسباب متصلة بالشروط البيئية.
وكانت لجنة العطاءات الرئيسية قررت دراسة وتقييم العروض الفنية المقدمة لاختيار المستشار الفني لمشروع إعادة تأهيل وحدات الغسيل و التعويم في منجم الشيدية إلا أن أحدا لم يناقش بجدية أسباب فشل المشروع الأمر الذي استدعى طرح عطاء تأهيل وحدات الغسيل والتعويم.

*العمولات الخاصة
تشير المعلومات إلى أن الشركة وعلى مدى سنوات طويلة انتهجت أسلوبا غير خاضع لأسس الشفافية يتصل في تخصيص بند للعمولات الخاصة يجري صرفها دون توثيق مالي من اجل جلب زبائن دوليين لشراء الفوسفات ورغم أن هذا الأسلوب متبع في العديد من الشركات المماثلة دوليا كاعتراف ضمني بوجود حاجة «لشراء الزبائن» إلا أن غياب الشفافية في إدارة تلك الأموال قد يلقي بظلال من الفساد على العملية برمتها.
مجلس إدارة الشركة كان قرر في ربيع هذا العام وقف صرف العمولات الخاصة وجاء في القرار الذي يحمل الرقم 19 :«إيقاف العمل بمبدأ العمولات الخاصة على اعتبار أن الاتفاق على هذه العمولات ودفعها يجب أن يكون من خلال الوكيل الرسمي المعتمد لدى الشركة على أن تنظم هذه العملية من خلال اتفاقية وكالة M.A.A بصيغة مناسبة وبإطلاع مجلس الإدارة إذا كان هناك ما يبرر دفع مثل هذه العمولات.
ضرورة الحرص على أصولية كافة إجراءات اعتماد ودفع عمولات البيع وبشكل خاص ما يتعلق منها بأصول العمل المصرفي وضوابطه من حيث ضرورة وجود مطالبة أصولية معتمدة بشأن هذه العمولات مع مراعاة اقتران تحويل اية عمولات تستحق لوكلاء البيع باسم واضح للمستفيد منها ورقم حسابه لدى البنك الذي يتم اعتماده لتنفيذ الحوالة».
القرار وفق خبراء في الشأن الإداري تؤكد أن القرار قد اتى على خلفية ضبط عملية العمولات الخاصة ويبرز السؤال كيف كانت تصرف هذه العمولات قبل تاريخ 19/4/ 2004 تاريخ اتخاذ القرار.

*اثر تخفيض ضريبة التعدين على نسب الأرباح
لم تجد الحكومة مناصا من استيعاب ديون الشركة المستحقة للخزينة سوى الدعم المتمثل في رسملة الديون المستحقة على الشركة لصالح الخزينة والتي تشمل رصيد رسوم التعدين لسنوات خلت وقرار لجنة الأمن الاقتصادي المتعلق بتحويل 15% من صافي أرباح وحدة الأسمدة إلى الخزينة. ولم يقف الدعم الحكومي عند هذا الحد بل تجاوزه إلى تخفيض رسوم التعدين من خمسة دنانير للطن الواحد إلى 42ر1 دينار وإعفاء الشركة من خمسة ملايين من اصل رسوم التعدين كل هذه القرارات التي حلت جزئيا مشكلة الشركة على حساب الخزينة خلال العام 2001.
بيانات الشركة أكدت أن صافي الأرباح المحققة خلال الأعوام 2001، 2002، 2003 هي على التوالي: 004ر4، 518ر5، 064ر5 مليون دينار وهذا يعني أن الأرباح في ضوء الرسملة والإعفاء والتخفيض أصبحت مستدركة لكن الخزينة أضحت هي الخاسر جراء هذه القرارات المالية التي اتخذتها الحكومة السابقة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد اتخذ مجلس الإدارة قرارا يحمل الرقم 3/2003 تاريخ 22/1/2003 تخفيض على مشروع UPPER-HORIZON بمبلغ 5 ملايين دينار وإلغاء النفقات المتعلقة بقطع غيار الغارفات عي الشيدية بمبلغ 692ر2 مليون دينار وعدم تخصيص مبلغ نصف مليون دينار كحوافز للعاملين رغم أهميته باعتراف نص القرار والسبب بحسب الإدارة هو تخفيض النفقات
أخيراً فان ثمة أسئلة لا زالت بانتظار الإجابة سواء لجهة المياومات التي وصلت إلى نصف مليون على خلفية التفاوض مع شركة «هايدر اجري» النيرويجية التي أبدت رغبة في الشراكة الاستراتيجية مع «الفوسفات» لكنها عدلت عن الفكرة وهو سؤال اخر,او لجهة الاسباب التي دفعت المجمع الصناعي الى التوقف عن العمل لأيام بسبب نقص المواد الداخلة في مثل الكبريت والامونيا.