ياليت الشيخ صباح كان محقا عندما قال ان المناهج لم تتغير منذ عهد المرحوم الشيخ عبد الله الجابر. وليت مناهجنا ومدارسنا ومعلمينا ظلوا كما هم عليه منذ عهد المرحوم أيضا. في الخمسينات والستينات وهي الفترة التي ازدهر فيها التعليم كانت «التربية» اي الوزارة تُعرِّف الطلبة بما يحيط بهم، وكانت تكسوهم وترعاهم صحيا وبدنيا. نعلم ان «الماء زاد على الطحين» وان تعداد السكان بفضل مناهج وزارة التربية المتخلفة وبفضل التشجيع الاعمى لمجالس الاسكان قد أصبح فوق طاقة الحكومة واكبر من ان تستوعبه الوفرة النفطية. لكن نعلم ايضا ان المعارف تحولت تعليما وان التعليم «تطور» ليصبح تربية دينية - وطنية - بدنية .
كان عندنا معارف فأصبح عندنا تربية، وكان عندنا اجتماع فتحولنا الى تربية وطنية، وكان عندنا درس مبسط في الدين فأصبح لدينا تربية اسلامية، وكان عندنا نشاط والعاب وفرق مدرسية تهز الدنيا فأصبح لدينا تربية بدنية. العيب كل العيب ـ كما يرى الشيخ صباح في هذا العرض ـ هو في «التربية» كوزارة وكمنهج أصرت عليه الفلول الهاربة من الاخوان المسلمين والتي تربعت على عرش وزارة التربية منذ نهاية الستينات و حتى الآن.
«التربية» كما حددها العهد الدولي لحقوق الانسان هي شأن أسري لا يجب على الحكومة اي حكومة، حكومة فيديل كاسترو أو صباح الاحمد، ان تتولاه، خصوصا بالقوة ورغم انف الاهل والوالدين. دستورنا ، وليس دستور الواق الواق او يأجوج ومأجوج حدد ان التربية هي مسؤولية الاهل وليست من مسؤوليات السلطة أو دراويشها. دستورنا حدد ذلك بوضوح، حيث نص على ضرورة الا يتجاوز التعليم الالزامي المرحلة المتوسطة.. «لأن فى هذا التجاوز مساسا بحرية الوالدين فى توجيه أولادهم..» الوالدان احرار في توجيه أولادهم ويجب على حكومة صباح الاحمد الا تمس هذه الحرية أو تقترب منها. هذا ليس قانونا، يبدله دراويش وزارة التربية او يسلقه اعضاء الحكومة.. هذا نص دستوري يحتاج تجاوزه او القفز فوقه الى اجماع ثلثي اعضاء مجلس الامة وقبل ذلك موافقة سمو امير البلاد.. لكن دراويش وزارة التربية وفلول الاخوان المسلمين الذين سيتحفوننا بمؤتمرهم «الوطني» بعد حين، ضربوا بذلك عرض الحائط وفرضوا «تربيتهم» ورؤاهم الخاصة في التخلف على خلق الله .
حكومة الشيخ صباح ليست بريئة من فرض التربية القسرية على أبناء الغير ، ووزير التربية ادعى ان وزارته تعمل على استراتيجية تربوية الى عام 2025، وهي من اصدر تعميما قبل اسابيع يلزم المدارس الخاصة بتكثيف حصص «تربيتهم الاسلامية» ولو تم ذلك على حساب إلغاء حصص الموسيقى والالعاب!
حرص حكومة صباح الأحمد على توجيه الناس دينيا امتد ولأول مرة الى التعليم الخاص. و«التربية» الاخوانجية بفضل سياسة الحكومة الاصلاحية صارت تلحق الناس حتى المدارس الخاصة وفكر سيد قطب أصبح بفضل رشيد الحمد يُموّل من جيوب الاهالي ومن حر مالهم وليس مال أو ميزانية الحكومة.. والله يرحمك يا عبد الله الجابر، والله يرحمك يا عبد العزيز حسين.
التعليقات