رام الله ـ يوسف الشايب: وسط ردود فعل إيجابية، اختتم مسرح وسينماتك القصبة في رام الله، مؤخراً، الأسبوع السينمائي «صورة الفلسطيني في السينما الإسرائيلية»، الذي تضمن عروضاً لأفلام إسرائيلية، وندوات متخصصة في صورة الآخر في الثقافة الإسرائيلية .. ويقول د. عزمي بشارة، العضو العربي في الكنيست: من المهم تنظيم مثل هذه التظاهرات في رام الله وغيرها من المدن الفلسطينية .. معرفة الآخر ضرورية. وخصوصاً في الحقل الثقافي، صحيح أن السينما لا تحدث التأثير الكبير في الثقافة الإسرائيلية كالأدب والمسرح، لكنها، على أقل تقدير، تعكس الطريقة التي يفكر بها صانعوها، وفي هذه التظاهرة عكست الأفلام المعروضة الطريقة التي تتعامل بها الصورة المنتجة إسرائيلياً مع الفلسطيني، وهي تتقاطع بشكل أو بآخر مع النظرة التي بلورتها مكونات الخطاب الثقافي الإسرائيلي الأخرى.
ويقول المخرج جورج خليفي، عضو اللجنة المشرفة على التظاهرة السينمائية: في رأيي مهم جداً معرفة كيف تنعكس صورتنا في ضمير الآخر.. في واقع الأمر من الصعب تخيل نظام علاقات، مهما كانت طبيعته، بين جانبين أحدهما يعرف عن الآخر كل شيء، والآخر تخلى عن معرفته .. أعتقد أنه اختيار موفق يتيح لنا المجال أيضاً، للتعرف على الطريقة التي يرى فيها الإسرائيلي نفسه أيضاً.
وترى المخرجة وفاء جميل أن المهرجان أفاد الكثير من العاملين في القطاع المرئي الفلسطيني، حيث مكنهم من التعرف على الطريقة التي تصور بها نماذج من الأفلام الإسرائيلية، بشقيها الروائي والوثائقي، الفلسطيني، على مر العقود .. كان المهرجان بمثابة فرصة للمهتمين بهذا المجال للتعرف على مناطق كان الكثيرون منهم يجهلونها .. مع الحرب الإعلامية الجارية، والتي تقود إسرائيل دفتها بنجاح كبير، بات ضرورياً التعرف على الطريقة التي يقدموننا بها.
ويشير الروائي زياد خداش: إلى أن الأهمية كبرى الاستثنائية للمهرجان، تأتي من وجود فجوة هائلة في ثقافتنا الفلسطينية في هذا المجال.. ويقول: الالتباس الحاصل حتى الآن، والذي لم يحل بعد، يكمن في الخلط بين المعرفة والتطبيع، وللأسف لم تستطع ثقافتنا الفلسطينية حتى الآن حل هذه الإشكالية الخطيرة جداً.
ويضيف خداش: معرفة الآخر ضرورية جداً، ولا تطور لثقافتنا دونها .. هذا المهرجان يسد نقصاً، ويردم فجوة، وهو دليل صحة في هذا الإطار، فنحن لن ننتصر على العدو دون معرفة صورتنا لديه .. الاخر يعرف تماماً صورته لدينا .. نحن مخترقون على جميع الأصعدة، ورائع أن نمارس «اختراقاً» ما على الصعيد المعرفي.
ويرى الروائي مازن سعادة في التظاهرة مبادرة إيجابية، وفرصة له ولغيره من المهتمين، للتعرض للعديد من الأفلام الإسرائيلية التي شكلت علامة في مسيرة هذه السينما، مؤكداً أنه على الرغم من أهمية الندوات التي قدمت على هامش المهرجان، كان من الضروري تنظيم ندوات أكثر تخصصاً، مشيراً إلى ضرورة العمل على تضمين الندوات في مطبوعة، كي تشكل مرجعاً للمهتمين .. هناك جهد واضح في التنظيم، وآمل أن يكون هذا الأسبوع السينمائي سنوياً.
وكان الأسبوع افتتح في الثامن عشر من يوليو الماضي، تحت شعار «كيف ستبنون جداراً يمنعنا من المعرفة؟»، بعرض «الفيلم الأول في فلسطين» «1911»، لموشيه روزنبرغ، ويتناول النشاطات الصهيونية في فلسطين، وتم عرضه في المؤتمر الصهيوني العاشر في بازل، وهذه هي الأرض «1935»، لباروخ أجاداتي، وهو عبارة عن مقاطع إخبارية تستعرض مرحلة متقدمة من تاريخ الصهيونية في فلسطين.
ويعرض هذا الأسبوع الذي يستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري، 18 فيلماً إسرائيلياً تناول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتي أنتجت في مراحل زمنية تمتد منذ العام 1911، وحتى العام 2003، كما يشتمل الأسبوع على حلقات نقاش، وندوات متخصصة عن صورة الفلسطيني في المناهج الإسرائيلية، وصورة الفلسطيني في الصور الفوتوغرافية الإسرائيلية، والسينما الصهيونية قبل العام 1948، وتطور الشخصية الفلسطينية في السينما الروائية الفلسطينية، والخطاب الثقافي الإسرائيلي.
وجاء في المطوية الخاصة بالأسبوع: لن يمنعنا جدارهم من معرفتهم .. ها نحن نخترق الجدار، ونفتح المجال أمام الجمهور الفلسطيني للتعرف على أفكارهم، والطريقة التي ينظرون بها إلينا.. لم يأت هذا المهرجان لبناء جسور العلاقة معهم في الوقت الذي يحتلون فيه أرضنا، بل يأتي رداً على ممارستهم المتمثلة في جدار العزل، الاعتقال، الاغتيال، فهو محاولة لاختراق واحدة من الأدوات التي خاطبوا العالم من خلالها، وهي واحدة من الأدوات المهملة التي تعبر عن وعي ولاوعي العقل الإسرائيلي، من خلال الكلمة، والصورة، والشخصيات.
ويقول خالد عليان، المدير التنفيذي للقصبة: من الضروري جداً أن تعرف على الطريقة التي تقدمنا بها السينما الإسرائيلية .. واجهنا صعوبة في جمع الأفلام، خاصة القديم منها، لكن الأمور سارت كما هو مخطط لها .. المهرجان أو أسبوع السينما هذا لم يأت في يوم وليلة، فالفكرة قائمة منذ سنوات، لكن خبرة القصبة في ذلك الوقت لم تكن كافية لتنظيم مهرجانات سينمائية ..
الآن الوضع يختلف .. لقد تم تشكيل لجنة من مخرجين ومتخصصين لاختيار الأفلام، بحيث تعبر عن عدة مراحل، هي بالضرورة مراحل تطور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .. قد يقول البعض أن الوقت متأخر للعمل على فهم الآخر، لكن أن تتأخر في العمل أفضل من ألا تعمل.ويضيف عليان: وجدنا أنه من الضروري التعرف على طريقة تفكير الآخر، والسينما أحد أهم الأدوات لذلك.
التعليقات