علي خالد الغامدي: يخسر السعوديون ملايين الريالات بسبب شركات الصيانة، واضطرارهم إلى اللجوء، والذهاب لدكاكين الصيانة الصغيرة والمنتشرة في أنحاء كثيرة من مدينة جدة. وغيرها من المدن (انتشار النار في الهشيم)...
ولا يوجد مواطن لم يتعرض لهذه الخسارة المباشرة، أو غير المباشرة بالذهاب لشركات الصيانة الكبرى، أو بالاضطرار للذهاب لدكاكين الصيانة الصغرى، ففي الأولى أنت مضطر للانتظار فترة تستمر أسبوعاً، أو أسبوعين، أو ثلاثة لإصلاح سيارتك، أو ثلاجتك، أو جهاز البوتوجاز، أو جهاز التكييف، أو جهاز التلفزيون، وأنت مُكره - بعد انتهاء الانتظار - أن تدفع الفاتورة الثقيلة لتكون بين نارين: نار مواعيد عرقوب، ونار فواتير فرعون..؟
وأنت في الحالة الثانية - إذا أردت أن تتخلص من عرقوب، وفرعون - أن تتحمل ما ستسفر عنه العمالة الفنية في دكاكين الصيانة (ورشة إصلاح السيارات، وورش إصلاح الثلاجات، والمكيفات، والبوتوجازات، والمسجلات) فهذه الورش - الدكاكين - تعمل بنظام الفهلوة، والشطارة.
يتعطل جهاز التكييف، أو الثلاجة أو المكنسة الكهربائية، أو جهاز التلفزيون فتكتشف أن عملية (استدعاء) شركة الصيانة تحتاج منك إلى بذل جهد متواصل لمدة أسبوع، واتصالات (مكثفة) لمدة أسبوع آخر، وانتظار أسبوع (الفرج) الذي ستحتفل فيه أنت، وأسرتك بوصول جهاز التكييف، أو الثلاجة، أو المكنسة الكهربائية، أو خلاف ذلك من الأجهزة المنزلية مع فاتورة (محترمة) قد تصل لنصف ثمن الجهاز. تعطل مكيف - على دفعتين - قبل وصوله لشركة الصيانة، وبعد عودته منها فكانت الفاتورة تتجاوز الألف ريال، ولو أضفت نصف هذا المبلغ لاشتريت جهاز تكييف جديداً، وأرحت أعصابك من (التلف)... وهكذا بقية الأجهزة، ومن هنا يكون (اللجوء) إلى دكاكين الصيانة السريعة الحضور، وغير المضمونة النتائج فهي - في معظم الأحيان - تخرب، أكثر مما تُصلح، وتضطر للمراجعة حتى تفقد الأمل، وتقرر شراء جهاز جديد لأن كثيراً من (العمالة الفنية) التي تعمل في هذه الدكاكين ليس لها خبرة، أو دراية، أو معرفة، أو علاقة بالأجهزة التي تُعرض عليها، وموديلاتها، والبلاد التي تقوم بتصنيعها، وهذا ما يجعل المهمة الدكاكينية لا تخلو من مغامرة كبيرة..؟
*عرقوب، وفرعون
والذين يشتكون من (مواعيد عرقوب) و(فواتير فرعون) لدى شركات الصيانة الأساسية الموردة لأجهزة التكييف، والثلاجات، والغسالات، والبوتوجازات، وكذلك شركات صيانة السيارات هم أكثر من أن (نعدهم، أو نحصيهم) وأصواتهم ترتفع حيناً، وتخفت حيناً، وهم لا يعرفون إلى من يذهبون ومعهم هذه الشكاوى..؟
يقول أحد المواطنين: ذهبت بسيارتي للشركة التي اشتريتها منها بعد عدة أعطال، وتم الكشف عليها (الكترونياً).. وبعد حوالي الأسبوع راجعتهم فأبلغوني أن إعادة صيانتها صيانة شاملة سيكلفني (21) ألف ريال فقط، وكنت قد وضعت لمشروع الصيانة خمسة آلاف ريال فقط فوضعت يدي على رأسي، وخرجت أبحث عن شخص معرفة يقبل مني السيارة، ووجدته، وسلمته المفاتيح، وشكرته على قبولها، واضطررت إلى الدخول في عملية قصم الظهر وهي وشراء سيارة جديدة، وغيري يفعل ذلك..
وفي الجانب الآخر فإن شركات الصيانة التي تبيع (المكيفات، والثلاجات، والغسالات، والبوتوجازات، والتلفزيونات، والتليفونات، وبقية الأجهزة) لا تستجيب - إذا دعوتها لإصلاح جهاز من الأجهزة - فعليك أن تسجل اسمك، وعنوانك، وعمرك، ووظيفتك، والنادي الذي تشجعه - وبعد ذلك تنتظر أياماً، وتواصل الاتصالات، والرجاءات، وإذا وصلت فرقة الصيانة فأنت محظوظ ولا شك، وإذا لم تصل، ومللت من الاتصالات، والرجاءات فأنت حتماً ستذهب إلى أقرب (دكان صيانة نص، ونص، أو ربع، وربع)... او تتصل، ويحضرون إليك على الفور، وتبدأ في معرفة حظك معهم: هل يستطيعون الإصلاح، أم يفشلون، والمعنى أنك أمام نارين (نار عرقوب الذي تأخر، ونار دكان الصيانة الذي يُجرب). وهذا الأمر ينطبق على السيارات، وعلى الأجهزة الكهربائية، وعلى كل جهاز تشتريه من أي مكان..؟
وتلاحقك، وتطاردك قصة (عرقوب، وفرعون) إلى ما لا نهاية، وتختلط الأجهزة الرديئة بالأجهزة الجيدة، والجيدة بالرديئة والعمالة الرديئة بالعمالة الجيدة (والثانية، نادرة إذا ما قورنت بالأولى)... وفي كل الأحوال فإن معارض، ودكاكين بيع الأجهزة الكهربائية كما غيرها من الأجهزة، والمعدات، والسيارات (أكثر من الهم على القلب)، وستجد نفسك - شئت، أم أبيت - مضطراً، ومُرغماً، ومُجبراً، ومكرهاً على (الشراء).. وعلى (إيداع) الجهاز القديم لديك لدى الجهة التي اشتريت منها الجهاز الجديد (سواء كان ذلك جهاز تلفزيون، أو جهاز فيديو، أو جهاز تسجيل، أو جهاز كمبيوتر، أو ثلاجة، أو غسالة، أو سيارة)..؟
*"الصينية" نكبت الدنيا
أجمع عدد من (الفنيين) العاملين في (دكاكين الصيانة) التي يلجأ لها المضطرون من (مواعيد عرقوب) و(فواتير فرعون) على أن المشكلة الرئيسية في (خراب، وتعطل) الأجهزة الكهربائية هذه الصناعات الصينية، وما شابهها من صناعات تبدو جميلة الشكل، مريحة الثمن لكنها (عديمة الجودة) فتخرب بسرعة، وتتعطل بسرعة خلال شهور قليلة من استخدامها...
وحينما كان الزبون يستعرض صف (الثلاجات، والغسالات، والبوتوجازات، والمكيفات، والتلفزيونات) انبرى له موظف الاستقبال ليبدد حيرته، ويقول: هذه صينية، وهذه تايلاندية، وهذه سنغافورية، ولدينا فريق خطير من الفنيين - على أكبر مستوى - مستعدون، وجاهزون لأعمال الصيانة (يعطونك ضمانات لخمس سنوات، ولسبع سنوات) يُمكن أن - تستدعيهم - عند أي عطل مفاجئ فيطيرون إليك طيرانا لا تتصوره...
واشترى الزبون ثلاجة، وجهاز تكييف، وجهاز تلفزيون، ومضى إلى حال سبيله..
بعد شهر واحد حدث عُطل في التلفزيون، وصدر صوت مزعج من الغسالة، وبقيت البرودة متذبذبة في الثلاجة، وصارت (الأمور على ما لا يرام) وليس على ما يرام، ويتذكر الزبون كلمات البائع (خدماتنا تمتد لما بعد البيع)... وليس هذا صحيحاً (لا من قريب، ولا من بعيد) لأن هؤلاء الباعة ليسوا هم الوكلاء الأصليين، وتبدأ عمليات البحث عن إصلاح هذا الجهاز أو ذاك، ولا يكون أمامك سوى (دكاكين الصيانة) الصغيرة التي تعتمد على (فنيين مجتهدين) ليسوا مختصين بهذه الأجهزة..
يقول (المهندس ضمير حسين) إنه وشقيقه الذي يعمل معه منذ حوالي عشرين عاماً في إصلاح أجهزة التلفزيون، والفيديو، والمسجلات، وما شابهها لا يُعانون من شيء قدر معاناتهم من (الأجهزة الهشة) جميلة الشكل، رديئة الصناعة فيمضون وقتاً في الإصلاح يفوق الوقت الذي يمضونه في إصلاح جهاز جيد الصناعة، وعند طلب الثمن يخجلون أن يطلبوا مبلغ (20) ريالاً على جهاز اشتراه صاحبه بثلاثين، أو أربعين ريالاً، وبالتأكيد فإن هذه الأجهزة - بعد إصلاحها - لن تعمل بشكل جيد عدة أيام بعد ذلك والسبب رداءة الصنع، والنتيجة (رميها في الشارع) غير مأسوف عليها، وننصح من يأتي إلينا بأجهزة رديئة ألاّ يتعب نفسه في إصلاحها إذا تعطلت لأنها ستتعطل بعد ذلك في أقرب وقت...؟
ولا مانع لدى السعوديين من استمرار أسلوب (عرقوب، وفرعون) شرط ضبط المواعيد من ناحية، وتسهيل الفواتير من ناحية إذا كان ذلك سيؤدي إلى تخفيف خسائرهم الفادحة - سنوياً - في مجال شراء الأجهزة الكهربائية الضرورية وبالذات المكيفات، والثلاجات والغسالات، والتلفزيونات، والبوتوجازات..!
التعليقات