في كل مرة كان الجنود الاميركيون يقصفون بيوت العراقيين، ويقتلون نساءهم وأطفالهم، ويحاصرونهم بالجوع والعطش والمرض والرعب، كان الناطقون الرسميون في الجيش الاميركي يبررون جرائمهم بالبحث عن أبومصعب الزرقاوي واستهدافه، هذه المرة توجه الطائرات الاميركية قذائفها وصواريخها، وتوجه المدافع والدبابات الاميركية ادوات قتلها نحو اهل النجف، دون الاعلان عن وجود الزرقاوي هناك، ليقود الارهابيين ويعرقل مسيرة العراق الديموقراطية ويضع السدود والأسوار امام اعادة بناء العراق بعد ان ابدع الاميركيون والبريطانيون وبقية مرتزقتهم في تدمير كل ما بناه الشعب العراقي بجهده وسواعد ابنائه وعبقرية علمائه وخيرات وطنه.
المؤسف أن النجف تترك الآن وحيدة بين فكي الوحش الاميركي المتعطش للدم، فالمرجعيات الشيعية الأربع غادرت هذه المدينة المقدسة بعضها باعلان وبعضها دونما اعلان، وبينما ذهب الامام السيستاني الى بريطانيا للعلاج ولم يقل حتى الآن كلمة واحدة عما يدبر للمدينة المقدسة ومقدساتها غادر الثلاثة الآخرون الى ايران - كما يبدو - وانفرد الجيش الاميركي - المهزوم في فيتنام والصومال ولبنان وسواها - بأهل النجف على أمل مستحيل في ان ينتصر الحقد الديني على الايمان العميق، وينتصر التفوق العسكري على الاستعداد للدفاع عن الاسلام والعروبة والمقدسات والاستشهاد من اجلها مجتمعة، وعلى أمل ان يشق الجيش الاميركي نهرا من الدم يضاف الى نهري دجلة والفرات، ويحمل قارب الرئيس بوش المثقوب مائة ثقب الى البيت الابيض مرة أخرى!
صمت العرب وجامعة حكوماتهم وصمت المسلمين ومنظمة حكوماتهم وصمت الأوروبيين في غمرة انشغالهم بالتباكي على دارفور، كل هذا الصمت يتيح الآن لبوش اليميني وشارون الصهيوني ان يرتكبا من الأهوال والمجازر والفظائع واعمال الارهاب ما يندى له جبين البشرية فيما يلتزم السيد كوفي عنان الصمت الوقور حتى لا يفقد وظيفته ومرتبها الكبير.
النجف كما الفلوجة، كما الأنبار، كما الرمادي، كما العراق كله ترك وحيدا ليواجه بايمانه وشجاعته وتضحياته جيوش الغزو الصليبية الجديدة، ولعل هذا هو انبل واعظم ما يمكن ان يقدمه النظام العربي والنظام الاسلامي للعراق وشعبه، ان يقاتلا وحدهما، حتى تكون حصة الجميع من القتال ضد العراق أكبر مليون مرة من حصة الجميع من القتال مع العراقيين.