أول إجراء سأقوم به فور أدائي قسم اليمين أمام البرلمان الموقّر، بوصفي فخامة الرئيس الجديد للجمهورية اللبنانية، هو إعلان ثلاث حالات طوارىء دفعة واحدة: اقتصادية - اجتماعية، سياسية - فكرية، ووطنية - قومية.
المراسيم الجمهورية الخاصة بهذه الحالات جاهزة من الآن، ويمكن لأي كان الاتصال بمكتب رئاسة الجمهورية للحصول عليها.
لكن، وتوفيرا للوقت، سألخّص أهم بنودها:
أ- حال الطوارىء الاقتصادية تتضمن:
حل مشكلة الديون التي وصل رقمها الفلكي الحقيقي (بعد احتساب الارصدة الضائعة لصندوق الضمان الاجتماعي والبلديات والبنك المركزي) الى 43 مليار دولار، وليس الى 35 ملياراً كما يقال الآن.
كيف ستحل؟
بسيطة. عبر جمع أصحاب الديون ال750 اللبنانيين (من أصل 1500 دائن)، وتطبيق قانون من أين لك هذا عليهم. فإذا ما تبّين أن مستنداتهم نظيفة (وهذا مستبعد)، يصار الى دفع ديونهم بالتقسيط. اما إذا ما تبيّن أن ثمة تلاعباً وصفقات قام بها بعضهم (وهذا الارجح) فيصار الى شطب الديون بقوة القانون.
خبراؤنا الاقتصاديون يقولون ان هذا الاجراء سيؤدي الى إلغاء ما لا يقل عن 18 الى 20 مليار دولار. وهذا سيكون كافيا للسيطرة على الدين وتحقيق اقلاع اقتصادي جديد.
إحداث انقلاب في التوجهات العامة للاقتصاد، من الخدمات والاستهلاك الى الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات. وهذا لسبب مقنع.
فقد خسر لبنان منذ وقت طويل دوره الخدماتي في المنطقة، بعد أن برز في وجهه خلال حروبه الاهلية العديد من المنافسين. كل المحاولات التي بذلها الرئيس رفيق الحريري طيلة العقد الماضي لبعث هذا الدور، باءت بالفشل والدليل: تحّول بيروت السوليديرية التي كان يفترض أن تكون السوق الاقليمي للسوبر أغنياء العرب، الى مدينة للسوبر متوسطي الحال الذين يجتاحون الآن مقاهيها ومطاعمها الرخيصة.
إضافة، وحتى ولو نجح البعض بمعجزة ما في إحياء بعض من هذا الدور الخدماتي، فهذا لن يحل المشكلة الديموغرافية- الاجتماعية الخطيرة في البلاد، حيث مئات آلاف الشباب يطاردون فرص عمل غير موجودة.
وحدهما الصناعة والزراعة (اللتان تعيلان حتى الآن اكثر من 60 في المائة من سكان لبنان) قادرتان على حل مشكلة البطالة. ووحدها الثروة البشرية اللبنانية الموجّهة نحو الاقتصاد الجديد (تكنولوجيا المعلومات والبيو- تكنولوجيا)، يمكن ان توفّر للبنان دوراً اقتصادياً جديدا في المنطقة والعالم.
وأخيراً، تطبيق سيادة القانون بحذافيرها على كل أنواع الفساد والرشوة، تمهيداً لإعادة بناء الدولة على أسس حديثة، وشرعية، وأخلاقية. لبنان من دون دولة القانون هو مشروع دائم لحرب أهلية دائمة.
“حال الطوارىء” السياسية تشمل:
1 - قانوناً معجلاً مكرراً يعتبر الدعاية أو التحريض او الدعوات المذهبية والطائفية جريمة يعاقب عليها القانون.
2 - قانوناً معجلاً مكرراً آخر يفرض على كل الاحزاب والتنظيمات والتشكيلات السياسية ألا تكون قصرا على طائفة او مذهب واحد.
3 - أن تعمل قولا وفعلا على تطوير الهوية الوطنية اللبنانية بوصفها جزءا من الهوية العربية الديمقراطية.
4 - قانون انتخابات نسبيا يسهل العبور التدريجي من انقسامات الطوائف الى الديمقراطية الحقيقية والوحدة الوطنية الحقيقية.
ج - حال الطوارىء القومية تتضمن:
1 مطالبة القيادة السورية بإعادة برمجة العلاقات بين البلدين على أسس المصالح العامة القومية العربية الحقيقية، لا على أسس المصالح الخاصة والقطرية كما الامر الآن. وهذا يشمل وضع الخطط العلمية لتحقيق تكامل اقتصادي متوازن، وبرامج لانطلاقة علمية وتكنولوجية مشتركة.
2 العمل بكل الوسائل لمقاومة النظام الشرق أوسطي الزاحف على النظام العربي، لأن لبنان سيفقد كل أدواره في النظام الاول لصالح “إسرائيل”، تماما كما ان “اسرائيل” لا دور لها في النظام الثاني.
3 بلورة دور إقليمي ودولي جديد للبنان يستند، من جهة، الى لعب دور ريادي في توحيد الصفوف والجهود العربية، والى دور ريادي آخر في حوار الحضارات بين الغرب المسيحي وبين الشرق الاسلامي، من جهة اخرى.
ومثل هذين الدورين الخارجيين، سيعززان الى حد كبير الجهود الداخلية لتحقيق الوحدة الوطنية.
***
(ملحوظة: هذا السيناريو بالطبع مجرد حلم ليلة صيف من ألفه الى الياء. فلا انا أريد ان أكون فخامة الرئيس لأني مثقف كاره للسلطة. وحتى لو أردت فلن أستطيع، بسبب تصنيفي الطائفي. وحتى لو استطعت فلن يسمح لي أمراء الطوائف بدخول مغارتهم. لكن الحلم، مع ذلك يبقى لذيذا، خاصة حين يسود الكابوس. رحمك الله يا فؤاد شهاب !).
التعليقات