عاود مجلس الوزراء عقد جلساته امس "داخل المنطقة الساخنة" هذه المرة، لكن الاستحقاق الرئاسي ظل "يطوف" حول المتحف ولم يدخل قاعة الجلسات الاّ في الحسابات الضمنية للمجتمعين.
ومرّت الجلسة بهدوء اكثر من عادي وسط "اقبال" خفيف للوزراء على الجلسة تمثل في غياب نحو ثلث الحكومة، اذ لم يحضر سوى تسعة وزراء اصلا ثم غادر وزير عاشر هو وزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي الجلسة قبل ارفضاضها، ولكن جدول الاعمال اقر وكذلك اتخذت قرارات في شأن مواضيع من خارج الجدول اثارها رئيس الجمهورية اميل لحود.
وبعيدا من البنود التي كان مجلس الوزراء يبتها تباعاً، ارتسمت ملامح "حرب نفسية" حيال احتمالات الاستحقاق الرئاسي رغم انكفاء الحملات السياسية والسجالات. ولا يستبعد ان تتصاعد فصول هذه المواجهة غير المعلنة في الفترة الفاصلة بين الجولة الاولى من المشاورات التي اجريت في دمشق والجولة الثانية التي ستعقد فيها. وقد علم في هذا الاطار ان ثمة دفعة جديدة من الزوار سيتوجهون الى دمشق في عطلة نهاية الاسبوع الحالي بينهم نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس.
طرفا المواجهة يتمثلان في فريق يعتبر ان التجديد للرئيس لحود بات شبه محسوم ولو كان هذا الفريق يؤكد ان "الخيارات لا تزال مفتوحة"، وفريق يرسم علامات شك حول ما يعتبره تضخيماً لخيار التجديد ويركز على اعتبار "الخيارات المفتوحة" مفتوحة فعلاً.
وفي اطار الفئة الاولى ابلغ وزير امس الى "النهار" ان جلسة مجلس الوزراء لوضع مشروع قانون تعديل المادة 49 من الدستور يرجح ان تعقد في 2 ايلول المقبل، كمؤشر حاسم على فتح الآلية الدستورية لاعادة انتخاب الرئيس لحود، يرافقها فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.
وقال الوزير نفسه ان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة مناقشة آلية التعديل الدستوري بعدما تم "تأهيل" مجلس النواب لدوره على لسان الرئيس نبيه بري بقوله "قدمناها شهرا".
ووفق معنيين قريبين من فريق التجديد فان المناخ الحالي يتسم بهدوء ولكن من حيث وصلت المساعي، اذ لا عودة الى الوراء ولا شيء يمكن ان يعيد الاتجاه الذي برز في الايام الاخيرة الى الوراء، وان يكن هؤلاء يؤكدون ان الخيارات لا تزال مفتوحة وليس هناك قرار معلن.
في المقابل اتجهت الانظار لرصد الرئيس رفيق الحريري وترقب اي اشارة او كلمة تصدر عنه في هذه الفترة.
وقد سألت "النهار" الحريري ليل امس تعليقه عما يحكى عن تزايد الحديث عن التجديد والتمديد في ضوء التطورات الاخيرة، فاكتفى بابتسامة عريضة ولم ينبس بكلمة، وبدا حريصا على الاستمرار في صمته كـ"ابي الهول".
وسألته "النهار" حتام سيبقى صامتا، فاكتفى بالتذكير بالآية الكريمة في سورة مريم "إنِّ (إني) نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم أنسيا".
واذا بدا الحريري مرتاحا، فإن سبب ارتياحه ظل غامضا. وعلمت "النهار" ان رئيس الحكومة "سيستأنف" اجازته الخاصة خارج لبنان اعتبارا من نهاية الاسبوع المقبل على ان يغادر بيروت بعد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، اي يوم الجمعة او السبت المقبلين.
اما بالنسبة الى الفريق المتريث حيال احتمالات الاستحقاق، فثمة من يخالف الاجواء التي سادت منذ نهاية الاسبوع الماضي ويعتبر ان مؤيدي التجديد ذهبوا بعيدا في تضخيمها. واللافت ان ثمة محايدين يؤكدون ان لا شيء نهائيا بعد، وان كل الاحتمالات واردة. وقال احد هؤلاء لـ"النهار" ان عبارة كل الخيارات مفتوحة التي يعود بها زوار دمشق "تعني الكثير"، وانها ليست شعارا بل تعبر عن واقع حقيقي. وينصح هؤلاء برصد الايام العشرة المقبلة، لأن عليها يتوقف الكثير من جلاء الصورة الحقيقية للخيارات.
(صحيفة النهار اللبنانية)