انتظرنا الفرج طويلا من واشنطن وقد جاء. واخيرا سأل الأميركيون انفسهم لماذا يكرههم العرب والمسلمون? وأجابوا بأنفسهم لانهم بحاجة الى التعرف على الإسلام, وبحاجة الى اعادة تقييم الموقف من الصراع العربي الاسرائيلي.

كوندوليزا رايس, المرأة الاقوى في العالم, ومستشارة الامن القومي الاميركي, هي التي اطلقت الاسئلة الكبيرة, بعد ان استغربت من ان الاميركيين يصنعون كل هذه الامور الجيدة للعرب والمسلمين, ورغم ذلك لم يفوزوا بقلوبهم. ومنذ قيام الدولة العبرية فوق الارض التاريخية لفلسطين, والعائدة الى المسلمين والعرب, ونحن ندعو الولايات المتحدة الى الاقتراب الثقافي منا, وندعوها الى التعرف على الاسلام.والحمدلله الذي لايحمد على مكروه سواه, استجابت اميركا للدعوة, بلسان المستشارة رايس, ولو بعد مرور 52 سنة على وقوع المأساة.

الاقتراب, والفهم, والتعرف هو كل مانريده لاميركا, على الاقل حتى لاينفرد بأذنيها من يريد ان تبقى الهوة سحيقة بينها وبين العرب والمسلمين. فأميركا دولة كبرى ومجتمع عظيم, وكذلك العالم العربي والاسلامي تجمع ضخم, وجغرافية مترامية, وموقع ستراتيجي مهم, ورأينا ان الارهاب ظهر فيه وخرج منه , ولولا وجود تعاون بين اميركا وسلطات هذا العالم الواسع, كان ممكنا لهذا الارهاب ان يلحق اضرارا بالغة بالعالم الغربي وبحضارات اخرى كبيرة.

الارهاب حالة سياسية شاذة, ومقطوع الصلة بثقافة الاسلام وبالموروثات القيمية للعرب وللمسلمين, وانتشاره, بالتالي يشير بقوة الى وجود من له مصلحة في ان تظل اميركا بعيدة عن فهم الاسلام وفهم من يعتنقونه كديانة..وهؤلاء معروفون, ربما كانوا يهودا, او متهودين من انصار نظرية حتمية صراع الحضارات, ويستغلون التطرف, ويشجعون الارهاب, باسم المظالم المزعومة, والمواقف الاميركية الداعمة لاسرائيل, من اجل ان تظل الكراهية هي التي تحكم أجواء العلاقة , والصدام الثقافي هو لغة التخاطب الوحيدة والذي لاينتج إلا العداء والكراهية.

في تاريخ العرب والاسلام ظهر مستغلون كثيرون حاولوا تدمير الدين الجديد والقضاء على دولته, كعبدالله بن سبأ, ومسيلمة الكذاب وزوجته نساخ, ولم يكونوا ايمانيين او جهاديين او استشهاديين, او اسلامويين وعروبويين.ومثل هؤلاء يتكررون في التاريخ العربي والاسلامي المعاصر, وقد ينتمون الى أناس لايريدون ان تكون لاميركا علاقة بالعالمين العربي والاسلامي.يهودا كانوا او متهودين من انصار نظرية صراع الحضارات, يتحركون بأمرهم, ويتمولون بأموالهم, ويخدمون مصالحهم, والقصد من ذلك هو ان تظل روح العداء والكراهية سائدة, وخنادق الصدام قائمة, واميركا هنا مطلوب منها ان تعي هذه النقطة, على الاقل ليستقيم عندها التفكير, وتتوفر لأفكارها أدوات المنطق.

كوندوليزا رايس يبدو انها اكتشفت اللعبة, وموقفها ودعوتها الى فهم الاسلام وتفهم حقيقة الصراع العربي اليهودي يشكل للمرة الاولى علامة مضيئة في صالح قيام علاقات طبيعية بين اميركا وبين العرب والمسلمين.هذا ما كنا ننتظره من واشنطن منذ زمان طويل.

الأميركيون درسوا الديانة اليهودية وتعرفوا على تاريخ اليهود, وعليهم الان إكمال دائرتهم المعرفية بدراسة الاسلام والتعرف على تاريخ العرب والمسلمين, وبعد ذلك ليقارنوا من هو الافضل, والأجدر بأن يكون صديقهم..نريد من الاميركيين الاطلاع على الموروث الثقافي العربي والاسلامي على الاقل ليتسنى لهم معرفة من هو صاحب الموروث الانساني الحافل بروح العدالة والرفق والسلام, ومن هو صاحب الموروث الحافل بالاختيارية وبنبذ الآخر, والمؤسس الاول لروح العداء والكراهية, والمسبب الاول لإشعال الحروب, والمبشر الاول لتعميم نظريات صراع الحضارات, والمتطلع الى عالم من اليباب يستأثر به لوحده من دون سائر البشر. لوفعلت أميركا ذلك ستكتشف لماذا يكرهها العرب والمسلمون, وسترى ان السبب في ذلك عائد اليها لأنها نظرت الى الثقافة الانسانية بالعين