اضطررت للاعتراض على التسميات الطائفية والعرقية، التي يصر على زجها محاورنا العراقي، الذي يعمل في إذاعة أميركية معروفة، بعد ذلك، أعاد المحاور ذات الطروحات على متحدث آخر يشترك معنا في الندوة الإذاعية، فسارع إلى الاعتراض أيضاً، مسانداً لي، ومؤكداً للمُحاوِرْ أولاً ولجمهور المستمعين، أن هذه التقسيمات والتسميات، نرفضها، وإذا حاولت أن أقدم اعتراضي بطريقة دبلوماسية بعض الشيء، فان زميلي الآخر، كان أكثر حدة، معبراً من خلال نبرة صوته، عن رفضه واستهجانه، لهذه الحرب الخفية، التي تُشن عبر بعض وسائل الإعلام على الوحدة الدينية والوطنية العراقية.
مرة ثانية، وجدت نفسي مضطراً، وتحت ضغوطات الكثير من المحاورين في الإذاعات والفضائيات، إلى القول، أن هذه التسميات شهدت تصاعداً هائلاً، وتركيزاً غير مسبوق، خاصة في وسائل الإعلام الأميركية، ابتداءً منذ عام 1992، وهنا نتوقف عند هذا العام، الذي بدأت تتبلور فيه ملامح أولى لتقسيم العراق، وامتلأت صفحات الصحف بالتحليلات والتقارير والأعمدة، التي ترسم مستقبل العراق، في ظل خطوط العرض، التي فرضتها واشنطن على العراق.
من خطوط العرض تلك، بدأت خطوات جادة لتقسيم العراق، وأمسكت وسائل الإعلام، ببداية الخيط، وأخذت تعزف على أوتار طائفية، وسرعان ما ظهرت تحليلات تتحدث عن الاحتمالات الخاصة بتقسيم العراق.
هنا، لابد من القول أن حمى هذا الموضوع قد انتقل إلى وسائل الإعلام العربية، التي حاول البعض منها التصدي لمثل هذا المشروع، انطلاقاً من التمسك بوحدة العراق، وانساق للأسف الشديد الكثيرون وراء لعبة الإعلام الأميركية، فنشرت الصحف آلاف التقارير والمقالات والتحليلات، التي تتحدث عن تلك التقسيمات الطائفية، مع الحرص الشديد على بث سموم التفرقة، أينما وجدت الجملة أو الكلمة مناسبة لذلك.
ثم وباختصار شديد، نستطيع التفاخر باسم جميع العراقيين، بأن الفشل كان من نصيب جميع الذين شاركوا بقوة في رسم هذا المخطط، ولم يتمكنوا من احداث أي شرخ في بنيته وبناء الجسد العراقي المتماسك بمتانة وقوة.
لكن ما يثير العجب، ولا عجب لمن يريد سوءًا بالآخرين، أن تصر مؤسسات إعلامية وبعض الإعلاميين والمحاورين في الإذاعات والفضائيات، على زج التسميات الطائفية والعرقية، في مناسبات كثيرة، خاصة عند محاورة الشخصيات العراقية المؤثرة في أوساط العراقيين.
وعندما نذكر هذه الحقائق، قصدنا تذكير من لا يعرف أبعاد وأهداف المسلسل الذي ذكرناه، وكيف كان مصيره الفشل، رغم إصرار المخططين وحماس الأدوات.
- آخر تحديث :
التعليقات