سلفيت من ستيفن ارلانغر: لم تحل الانتفاضة ولا إضراب الاسرى المفتوح عن الطعام داخل السجون الإسرائيلية والغارات التي ما انفكت الوحدات الإسرائيلية داخل غزة وبعض الأجزاء من الضفة الغربية، من دون اهتمام الفلسطينيين بمصير عمار حسن دقروق، 26 سنة، في التصفيات النهائية لمسابقة «سوبر ستار» التلفزيونية في لبنان التي تحسم فيها اصوات المشاهدين النتيجة.
وتلقى عمار مكالمة هاتفية مشجعة من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. ونصب في الكثير من بلدات وقرى الضفة الغربية شاشات تلفزيونية ضخمة لتمكين الناس من متابعة المسابقة التي تبثها مباشرة فضائية «المستقبل» اللبنانية.
وعرضت شركة الهاتف الجوال الفلسطينية «جوال» تخفيضا قدره 20% على أسعار الرسائل التحريرية لتمكين اكبر عدد ممكن من الناس للادلاء بأصواتهم لصالح حسن وسط شائعات ان الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي يدفع ملايين الدولارات من اجل هزيمة النجم الفلسطيني الناشئ.
وفي اعلان لها دعت وزارة الثقافة الفلسطينية في غزة كل المواطنين الى شاشة ضخمة لمشاهدة مسابقة التصفيات النهائية التي تمت امس، حيا في ساحة الجندي المجهول «اعتمادا على قناعتنا العميقة من أن الفن الابداعي يمكن أن يسهم في حياة الشعب وكفاحه من أجل الحرية والاستقلال»، مضيفة «دعونا نهتف بصوت واحد: عمار حسن هو السوبر ستار».
وفي يوم الأحد الماضي عندما اجتاز عمار المنافسات شبه النهائية مع منافسه الليبي ايمن العطار، هلل الفلسطينيون فرحا، وشهدت مدن رام الله وبيت لحم وغة احتفالات ضخمة بهذه المناسبة. واما بلدته سلفيت فقد كانت في «حظر تجول طوعي» حيث التصق اهلها باجهزة التلفزيون.
ويشعر حسن أحمد دقروق والد النجم الفلسطيني بفخر شديد به. أما أمه اعتدال فهي كانت تشاهد فيلم فيديو بابتهاج شديد يظهر فيه ابنها في تصفيات سابقة وهو يغني أغنية حزينة عن القدس كانت قد غنتها أولا فيروز.
وقال دقروق «الفلسطينيون أينما هم يعتبرون عمار سفيرا لهم. الشعب الفلسطيني لا يرمي فقط الحجر والقنابل. نحن لدينا أناس متعلمون من أطباء ومثقفين وموسيقيين كذلك نحن لدينا مغن. عمار أيضا هو مدافع عن الشعب».
كانت في نبرة دقروق نبرة دفاعية لكن التركيز على حسن اثار انتقادات بعض الحركات الفلسطينية التي اعتبرت ان الاهتمام الكبير به يصرف الانظار عن قضايا مهمة مثل اضراب الاسرى والجدار الفاصل والانتفاضة. وأدانت حركة حماس المسابقة معتبرة إياها حرفا مؤذيا عن المشاكل الحقيقية. وانتقدت حماس «جوال» ووزارة للثقافة لعدم تخصيصهما مالا لدعم السجناء والضحايا «بدلا من برنامج السوبر ستار المناف للقيم الإسلامية».
وحتى نزار دقروق ابن عم عمار، الذي يدير لجنة مدينة سلفيت لدعم السجناء، كان يشعر بالضيق بسبب صخب المنافسة على «سوبر ستار». وقال انه «مع الاحترام لعمار وصوته فان هذا كله جاء في الوقت غير المناسب بالنسبة لفلسطين. انه يبعد اهتمام الناس بالسجناء وبالصراع. ونحن نعتقد ان الفنون يجب أن تكون جزءا من صراعنا. يجب ان يكون الفن ملتزما».
ولكن حسن نفسه، رفض في مقابلة هاتفية من لبنان، النقد، وقال «أريد أن أعكس الصورة الانسانية للشعب الفلسطيني وهو انه رغم كل الصعاب التي نواجهها نحن موجودون وان هناك أشخاصا مثلي وان الابداع سلاحنا». وأضاف «من الجيد أن يكون المرء ملتزما بقضية ولكن لا تجعلوا من ذلك شعارا. السجناء قضية هامة، وهي اكثر اهمية مما أفعله. ولكن الاحتلال ليس خائفا من أطفال يرمون الحجارة. الاحتلال خائف من العلماء والمثقفين والموسيقيين الذين يجسدون الانسانية ويعبرون عن رسالة الشعب».
وقام حسن بزيارات الى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان وبينها مخيما صبرا وشاتيلا. وعندما سئل في العرض عن سبب الحزن في نبرة صوته عند الغناء أجاب بما هو شهير الآن «لا أستطيع أن أبعد نفسي عن الوضع الذي يعيشه شعبي».
وفي الوقت نفسه فان حسن يشعر بعدم الارتياح من أن كونه فلسطينيا جعله يحظى بالتعاطف ويمنح أصواتا من جانب كثير من العرب. وقال «أريد أن أفوز بسبب موهبتي، ولا أريد الفوز على خلفية شعبي وقضيتي. من الجيد ان نذكر الناس بما يجري في فلسطين ولكنني أريد أن اقول انه عبر الفن والموسيقى نستطيع أن نخدم القضية وليس العكس».
وكان دقروق الاب يعمل في الكويت كمدير مبيعات لشركة «جي في سي» حتى الغزو العراقي عام 1990 ثم عاد الى سلفيت. وولد حسن، أكبر ستة أطفال، في الكويت ولكنه عاش عقدا من الزمن في سلفيت وتخرج في جامعة النجاح بنابلس عام 2001. وبدأ، كما كان والده يتمنى، دراسة (البزنس)، ولكنه تحول بهدوء الى الموسيقى، وأخيرا بدعم من والده، الذي يعرف بصوته الشجي. وقال دقروق «انا الأصل وهو النسخة».
وانتقل عمار، الى دبي حيث لديه ابن عم هناك، وعمل مغنيا في فندق ماريان بدبي. وهناك كان الموسيقي اللبناني الشهير الياس رحباني، منظم «سوبر ستار»، قد سمع صوت حسن وشجعه على دخول المنافسة.
- آخر تحديث :
التعليقات