رد سوري سريع: الاستقبالات ليست مخصصة للاستحقاق
فيما كان الوسط السياسي يترقب “موجة جديدة” من المشاورات التي يجريها الرئيس السوري بشار الاسد مع شخصيات سياسية لبنانية في شأن الانتخابات الرئاسية في لبنان، وسط احتدام مناخ التجاذبات والغموض الذي يلف هذا الاستحقاق، جاء موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير امس ليحدث دويا كبيرا وواسعا يصعب بعده التعامل مع هذا الاستحقاق من دون لحظ مضمون موقف صفير.
ذلك ان اقل ما يوصف به كلام البطريرك في عظته امس في الديمان هو انه كان بمثابة الصرخة الاعلى المباشرة التي تصدر عنه حتى الآن، لا بل هي صرخة ترقى الى مستوى اقوى التحذيرات من احتمال المضي في ترجيح خيار التمديد او التجديد من جهة وخطورة ما يمثله تعديل الدستور لهذه الغاية على النظام الديموقراطي في لبنان.
وقد اكتسب موقف صفير اقصى اهميته من كونه وجه التحذير المزدوج الى سوريا من دون ان يسميها سواء من باب السيادة المفقودة او من باب تغيير النظام. واذ تحدث عن اجراء المشاورات “الممهدة للاستحقاق الكبير عندنا خارج الحدود وكأننا فقدنا نهائيا سيادتنا على ارضنا واستقلالنا في اختيار حكامنا وقرارنا الحر في ما يخص شؤوننا”، مضى الى القول “بتنا نسمع اصواتا تنادي بتعديل الدستور نهائيا بحيث ينفتح الباب لاعادة انتخاب الشخص عينه للمنصب الكبير الى ما لا نهاية له اسوة بمن حولنا من الانظمة المحيطة بنا حيث الشعوب تعادي حكامها”. وحذر من ان ذلك يقضي نهائيا على القليل من الديموقراطية التي نفاخر بها”.
هذا الموقف المتسم بأعلى نبرات التحذير والتخوف والذي اعطى الدليل القاطع الجديد على رفض البطريرك صفير التجديد او التمديد وكذلك اتخاذ هذا الخيار مطية لتغيير النظام اللبناني، ترك اصداء سياسية واسعة وخلف صدمة سلبية لدى فريق التجديد الذي بدا وكأنه فوجئ بمستوى الاعتراض البطريركي وبتوقيته. وقد ترددت معلومات ليلا ان موفدا من مرجع رسمي كبير زار الديمان مساء محاولا احتواء الموقف ومقدما شروحات وتبريرات لخيار التجديد.
وفي ما بدا ردا سريعا وغير مباشر ولا سابق له يرمي الى طمأنة بكركي الى ان مرجعية الاستحقاق الرئاسي ليست خارج الحدود نفت ليلا مصادر وثيقة الصلة بدمشق ان تكون الاستقبالات التي يجريها الاسد للقيادات اللبنانية مخصصة للبحث في موضوع الاستحقاق الرئاسي بحيث يطلق عليها صفة استشارات تمهيدية لبلورة الاستحقاق. واذ استغربت هذا الوصف قالت “ان واقع الحال هو ان الاسد دأب منذ مدة على ان يلتقي عددا من القيادات اللبنانية التي تطلب الاجتماع به بصورة روتينية وعادية ومن الطبيعي ان يجري في مثل هذه اللقاءات التطرق الى المواضيع التي تهم البلدين والتطورات على الساحة الاقليمية”.
ويشار الى ان هذا التوضيح صدر بعد ساعات قليلة من موقف البطريرك الذي ادى الى بلبلة يبدو انها تركت اثرها على مسار الاستحقاق واثار لغطا حيال دور سوريا وبرنامج المشاورات، مما حملها على توجيه “رسالة التطمين” هذه.
ولم تعقد امس في دمشق كما اعلن سابقا الجولة الجديدة من المشاورات التي تبين انها لم تكن قد تقررت نهائيا بعد.
ولكن معلومات تحدثت عن دفعة جديدة قد تجري في الايام القليلة المقبلة ما لم يطرأ شيء جديد على ان تختتم المشاورات في جولة اخيرة مع الرئيسين نبيه بري ورفيق الحريري، وفي ضوء ذلك تتم بلورة المناخ في مطلع الشهر المقبل.
والتقى الحريري مساء امس النائب وليد جنبلاط، علما ان رئيس الحكومة سيزور الديمان غدا. واذ سألته “النهار” عن موقفه من التطورات ابتسم واوحى باستمراره في صمته.
(صحيفة النهار اللبنانية)
التعليقات