الكويت - الحسيني البجلاتي: أكدت الشاعرة والأستاذة في كلية الآداب جامعة الكويت الدكتورة نجمة ادريس ل “الخليج” انها لجأت الى القضاء العادل لينصفها ويأخذ حقها من جميع الذين يريدون الحجر على كل إبداع ومصادرة أي رأي، مضيفة ان ضميرها المهني كأستاذة جامعة لم ولن يقبل تدخل أي شخص مهما بلغت مكانته او جماعة مهما بلغ عدد أتباعها، في فرض نوع الكتاب الذي تدرِّسه لطلابها وطالباتها.وقالت د. نجمة ان الكتاب الذي درَّسته في الفصل الدراسي الفائت لطالبات كلية الآداب كمقرر في مادة النثر العربي، وأثار حفيظة بعض الأشخاص والجماعات الاسلامية والتي تريد منعي من تدريسه في العام المقبل سبق تدريسه منذ عامين، مشيرة الى ان الضجة الإعلامية الراهنة مفتعلة، انهم يريدون من خلالها اثبات الذات وحشد المؤيدين واخافة كل العقلاء والمبدعين وأصحاب الرؤى الليبرالية والديمقراطية، عن طريق التشهير بإحدى رموز هذا التيار.

ورفضت د. نجمة التعليق على تصريحات وبيانات جماعات اسلامية ومقالات كتّاب ينتمون الى التيارات السلفية، وقالت: “لقد تقدمت برفع دعوى ضدهم، والأمر برمته الآن أمام الجهات القضائية، ولا يحق لي التعليق على تلك الآراء الآن، كما لا يحق لي الافصاح عن أسماء من شملتهم الدعوى، لكنها تضم أسماء كل من أساء إليّ وشهر بي، بقصد النيل من مكانتي العلمية والأدبية”.

وحول نيتها في تدريس الكتاب من عدمه العام الدراسي المقبل قالت: “سبق لي وأن درَّست هذا الكتاب منذ عامين، ثم أعدت تدريسه في المقرر الدراسي السابق، وهذا حق يكفله لي قانون الجامعات، فمن حق عضو هيئة التدريس ان يقرر الكتاب الملائم للمادة التي يدرِّسها، بعد عرضه على اللجنة الأكاديمية داخل الكلية وهذا ما حدث، وبالتالي فإنني لن أتراجع عن تدريسه من ناحيتي، لكنني لا أعرف ما هو موقف الجامعة؟”.

مكتب رئيس الجامعة الدكتور نادر الجلال الذي يقضي حالياً اجازة خاصة في كندا، زودنا بصورة من الكتاب الرسمي الذي بعثه الى لجنة زكاة الشويخ والشامية بخصوص هذا الموضوع، وأكد لهم خلاله “حرص الإدارة الجامعية على متابعة المناهج والمقررات وخلوها من أي تجاوز للوائح والأعراف الجامعية”، وأخبرهم انه حوَّل شكواهم المرسلة إليه الى كلية الآداب.

وقد أفادت لجنة الشؤون الأكاديمية بقسم اللغة العربية ان المصدر المعتمد كنموذج لموضوع السيرة الأدبية أحد فنون النثر العربي الحديث ليس فيه تجاوز للوائح والنظم والتقاليد الجامعية، وان الفقرات التي تم الاستشهاد بها قد يختلف في تفسيرها، ولكنها من الناحية العلمية سليمة، وهي من كلام صاحب السيرة الذاتية (د. خليفة الوقيان) وليس من كلام المؤلف (د. نجمة ادريس).

كما تم ارسال خطاب آخر وقعته الطالبات الدارسات للكتاب الى اللجنة نفسها، يشيدون فيه بعلم وخلق الدكتورة نجمة، وينفون فيه قيامها ببث أية أفكار هدامة أثناء محاضراتها.
وكانت عدة فعاليات برلمانية ودينية اسلامية قد هددت بإثارة أزمة كبرى، ما لم يستجب وزير التربية والتعليم العالي الدكتور رشيد الحمد لإيقاف تدريس كتاب خليفة الوقيان “في رحلة الحلم والهم” الذي تدرِّسه د. نجمة ادريس لطالبات قسم اللغة العربية بكلية الآداب في مادة النثر العربي الحديث، وإحالة مؤلفته الى التحقيق بتهمة “تسييس التعليم في الجامعة والترويج لأفكار علمانية هدامة”.

التهديد الذي تبنته ثلاث جهات مختلفة هي “جمعية الشريعة” و”الحركة السلفية” و”لجنة زكاة الشويخ والشامية”، وجد تأييداً فورياً من بعض الكتّاب الاسلاميين، كما وجد دعماً سياسياً ومعنوياً من عضو الكتلة الاسلامية ونائب مجلس الأمة (البرلمان) الدكتور عواد برد، الذي قدم مؤخراً ورغم اجازة البرلمان الرسمية، التي تنتهي في 26 اكتوبر/ تشرين الأول المقبل، سؤالاً برلمانياً لوزير التربية والتعليم العالي يطالبه فيه “بمعرفة الاجراءات التي اتخذتها إدارة الجامعة، حينما علمت بتدريس كتاب يسيء الى الشريعة الاسلامية ويروِّج للفكر الليبرالي والعلماني ويضرب نسيج المجتمع بسخريته من القبائل البدوية، وينتقد تعاليم الدين الحنيف ويحرض على أهل الخير والمساجد ويضرب الوحدة الوطنية”.

سلسلة الاتهامات السابقة دعمها النائب بخمس شكاوى رسمية تم ارسالها من قبل لجنة زكاة الشويخ والشامية الى رئيس الجامعة الدكتور نادر الجلال، ووزير التربية نفسه، وشكوى أخرى مقدمة من رئيس جمعية الشريعة الاسلامية الدكتور فهد الجنغاوي مقدمة الى رئيس الجامعة يتهم فيها الكتاب “بالمساس بالدين وإثارة العنصرية وتفريق المجتمع” كما تم ارفاق نماذج من الكتب المؤيدة لوجهة نظره، مثل صفحة 407 التي تقول فيها د. نجمة “الارهابي هو واحد من أبنائنا، او اخواننا الذين نتحمل جميعاً مسؤولية تركهم يقعون في الشرك، ثم ان كل أبنائنا معرضون للتحول الى مشاريع ارهابيين، ان نحن تركناهم يسيرون على غير هدى، في الدروب المليئة بالشراك، التي تنصبها الأحزاب لاصطيادهم في المدارس والمساجد وجمعيات النفع العام والمخيمات، وتعريضهم لعمليات غسل الأدمغة، ومن تجنيدهم ليكونوا وقوداً للنيران التي تشعلها على طريق الوصول الى السلطة”.

وفي موضوع آخر من الكتاب تقول “نحن نعلم جميعاً، ان هناك خلطاً بين الديني والاجتماعي، وان الكثير من المظاهر التي تقحم في الدين وتمرر عبر بوابته ما هي إلا مظاهر اجتماعية، فالنقاب الذي تلتزم به شرائح محافظة من المواطنين هو الصيغة البديلة والمطورة للبرقع، ولا علاقة له بالاسلام، وقد استغلته أطراف أخرى، غير متدينة وغير محافظة لتغطية سلوكها المنحرف، الأمر الذي كان يوجب على علماء الدين البعيدين عن الهوى الحزبي والقادرين على مواجهة فكر الغلو توضيح حقيقة عدم لزوم النقاب دينياً عملاً بقاعدة درء المفاسد”.