القاهرة ـ الجمهورية:اتسم عام 2004 المسرحي بالتوتر.. بدءاً بالقطيعة بين رئيس البيت الفني للمسرح د. أسامة أبو طالب ومدير فرقة الطليعة الفنان انتصار عبدالفتاح.. مروراً بالخلافات اليومية بين الفنان هشام عبدالحميد وطاقم مسرحية "جواز علي ورقة طلاق". وعلي رأسهم الفنانة وفاء عامر والفنان سامي مغاوري والتي انتهت بصدام علني أثناء التسجيل التليفزيوني.. ثم الخلاف بين مؤلف "الموضوع كبير قوي" أحمد هيكل. ومخرج المسرحية مصطفي طلبة وبطلها الفنان وائل نور.. وانتهاء بالخلافات الحادة بين معد مسرحية "ليالي الأزبكية" د. أسامة أبو طالب والمخرج سمير العصفوري. والتي سبقها انسحاب العديد من النجوم أثناء البروفات من أمثال الفنانة الكبيرة سميحة أيوب. والفنانة الهام شاهين والفنان أحمد ماهر.. مما أدي إلي تأخير ظهورها أكثر من أربعة شهور..
فإذا أضفنا إلي ذلك تغيير مديري ثلاث فرق هي "الطليعة" و"الغد" والمسرح القومي للطفل.. وما نتج عن ذلك اضطرابات وتوقفات وتغيير سياسات وربما برامج فنية "ان وجدت أصلاً".. ندرك بسهولة أن مسيرة مسرح الدولة "الدرامي" لعام 2004 كانت علي الأشواك. أو لنقل فوق سطح صفيح ساخن. الأمر الذي أدي إلي:
* التناقض الكمي للأعمال الجيدة والمتميزة
* التراجع النسبي في معدلات الانتاج والتشغيل
* التمثيل غير المشرف لمصر في مهرجان دمشق المسرحي
* عدم استكمال إنجازات هامة كان يمكن أن تحسن من صورة مسرح الدولة عام .2004
أفضل مسرحيات 2004
باستثناء أربع مسرحيات مميزة وممتازة من 30 مسرحية أنتجه البيت الفني للمسرح هذا العام.. وهي مسرحيات "مؤتمر الحيوانات" للمسرح القومي للطفل. اعداد د. يسري خميس وبطولة عزة لبيب ود. محمد عبدالمعطي ومن اخراجه أيضاً.. و"شيخ محضر" عن نص الأسباني جارسيا لوركا من اخراج سعيد عثمان. ومسرحية "بغبغان سليط اللسان" تأليف بهيج إسماعيل من انتاج "مسرح الغد".. ثم عرض "قاعدين ليه" الذي قدم المسرحية السياسية الشعبية في صياغة بديعة أنصفت الفنان سعيد صالح وأكدت اكتمال ونضوج الملامح الفنية لمسرحه وهي من اخراج حسام الدين صلاح ومن انتاج المسرح الحديث. الذي حقق هذا العام من خلال ادارة د. أشرف زكي.. أعلي الإيرادات "290617" بنسبة 34% من إيرادات فرق البيت الثمانية. متفوقاً علي القومي. والعرائس..
أفضل عروض
أقول باستثناء المسرحيات الأربع.. فإن أفضل عروض العام جاءت من خارج فرق البيت الفني للمسرح "8 فرق" حيث انفرد مركز الهناجر بأفضل عمل لعام 2004 وهو "اللعب في الدماغ" تأليف واخراج وبطولة خالد الصاوي. وبعرضين متميزين وممتازين آخرين وهما: "علي الترابيزة باسمع فاجنر" الذي مثلنا في المهرجان التجريبي. وفازت ممثلته الجزائرية "كريمة نايت" بجائزة أحسن ممثلة وهي زوجة مخرج العرض المصري محمد شفيق.. أما العرض الثالث فهو "أحلام شقية" تأليف سعد الله ونوس. اخراج محمد أبو السعود. بطولة عايدة عبدالعزيز. علي حسنين. سلوي محمد علي ومحمد عبدالعظيم.
ويعتبر عرض "ثورة الشطرنج" أفضل عروض لمسرح القطاع الخاص لعام 2004 وهو من تأليف الشاعر الدرامي نبيل خلف. واخراج ناصر عبدالمنعم. وبطولة سوسن بدر. أحمد سلامة. ألفت إمام.. وفضلاً عن ذلك فهو أول سابقة لمسرح خاص في تقديم مسرحية شعرية فلسفية تناقش سطوة "الحكام" علي المستويين السياسي والاجتماعي "الأسري".
ومن أهم الأنشطة الفنية المتميزة هذا العام ورشة "الأراجوز وخيال الظل" التي نظمها المركز القومي للمسرح بالاشتراك مع هيئة "فولبرايت" والتي قدمتها فرقة "ومضة" وعرض الأراجوز علي الأبواب تأليف نبيل بهجت واخراج إيزيس سرتال.
التمثيل غير المشرف
ألف باء التمثيل الدولي. أن نشارك بأفضل ما عندنا. وكان عرض "اللعب في الدماغ" هو أفضل ما عندنا.. وكان يمكن أن نشارك بالعرض العالمي المصري الطابع "الملك لير" لشكسبير من اخراج أحمد عبدالحليم وبطولة يحيي الفخراني.. وإذا كنا لا نريد هذا ولا ذاك.. ونهدف إلي تكريم الراحل سعد الله ونوس في بلده. فكان الأجدر بأن نشارك بأفضل ما قدمه لنا هذا العام وهو مسرحية "أحلام شقية".. وإن كان هناك الأفضل منها في السنوات السابقة مثل عرض "طقوس الاشارات والتحولات". ومسرحية "منين أجيب ناس".. لكننا للأسف اشتركنا بعرض ضعيف وهو "يوم من هذا الزمان" من اخراج عمرو دوارة ونقل لنا زميلنا الكاتب سمير الجمل صورة محزنة عن استقبال الحركة النقدية في سوريا للعرض المصري.. ومنها مقالة ماهر الخولي "أستاذ أكاديمي" التي قال فيها: "خيب عرض يوم من هذا الزمان آمالنا وبعثر أمنياتنا وجعلنا نعيد النظر في سمعة المسرح المصري".
الريحاني ومتروبول
إذا تجاهلنا وتناسينا رمز القبح الثقافي.. "مسرح مصر" بعماد الدين. والتي تمثل وصمة عار في جبين العمل الثقافي بمصر. والمستمرة منذ 15 سنة.. وتحدثنا عن المشروعات التي أثلجت صدرنا.. وهما تجديد مسرحي "ميامي" مقر المسرح الكوميدي. و"متروبول" مقر المسرح القومي للطفل.. والتي يسير فيهما العمل ببطء نسبي خاصة مسرح "ميامي".. منذ أكثر من ثلاث سنوات.. وكان المتوقع افتتاح المسرحين في صيف ..2004 لكن لم يتحقق افتتاح أي من المسرحين.
الصورة المضيئة نجدها في انجاز القطاع الخاص حيث قام أحمد الابياري بإعادة "مسرح الريحاني" إلي الحركة المسرحية بعد أن تحول إلي "سينما" ولم يكتف بذلك. بل قام بتطويره وتحديثه بحيث تحول إلي مسرح عصري شديد الفخامة.. وذلك في أقل من ثلاثة شهور"!!".
ومن الانجازات "الفنية" المنقوصة عرض "ليالي الأزبكية".. الذي كان يمكن أن يكون تجربة مصرية بالغة الأهمية في فن الارتجال المسرحي علي طريقة بيرانديللو.. لولا الحشو والاطالة والتزيد المبالغ فيه مما أدي به إلي خروجه من دائرة المنافسة علي الأفضل.
الفشل الثالث لمسرح التليفزيون
لا مفر من عودة "مسرح التليفزيون" لإنعاش الحركة المسرحية برمتها. وتوصيل "الخدمة الثقافية المسرحية" إلي الجماهير العريضة أينما كانوا وبالمجان في ظل الأزمة الاقتصادية التي تضغط علي محدودي الدخل وفئات المترددين علي المسارح. ولا يمكن تحقيق أي تقدم ثقافي أو فني في زمن الفضائيات بمعزل عن التليفزيون. وبقدر ما سعدنا بالعودة الرابعة لمسرح التليفزيون. والذي يمثل الفشل لثالث مرة!! إن هبوط مستوي عروض مسرح التليفزيون في 2004 لا يبرر التوقف وإنما يدفع إلي مزيد من الرعاية والدعم لتطويره وإنجاحه وهو ممكن.
مجلة مسرح علي "النت"
لم يعد لدينا مجلة مسرح منتظمة في الصدور. مجلة هيئة الكتاب تظهر شهرا وتختفي أربعة. المركز القومي للمسرح والموسيقي يعد الآن مجلة مسرح الكيترونية تسد النقص إلي حد ما ولا تصلح لأن تكون بديلاً عن المجلة "المطبوعة". المجلة الجديدة علي موقع خاص بالمركز يغطي كافة الأنشطة الثقافية ويتم الاعداد لها بجهد مكثف من رئيس المركز د. سامح مهران ورئيس تحريرها الناقد حازم شحاتة. وسوف تبدأ في الظهور في فبراير 2005 وتضم إلي جانب الأعمال المسرحية التراثية والمسرحيات القديمة المسرحيات الجديدة والمواسم المسرحية لعام ..2005 فضلاً عن أبواب عن المسرح العربي. والمسرح في العالم.. وربما يكون هذا هو أهم أخبار المسرح في .2005