قبل عام من يومنا هذا ويزيد قليلاً، كنت على موعد مع ما يمكن أن نسميهم منجمين، أو قارئ الطالع والبخت والنصيب، مستشرفي المستقبل، فلكيين، مشعوذين، دجالين، لهم بعلم السحر وقراءة المختبئ، كثيرة أسماؤهم وألقابهم، وكثيرون دخلوا مهنتهم، وكثيرون شوهوا معرفتهم وعلمهم، حين تراهم أو تسمعهم تختلط عليك الأمور، فيدخل عليك اليقين من باب الشك، والشك من باب اليقين، هم اليوم في كل مكان في العالم، وزوارهم من كل فئات المجتمع وأجناسه ومرتباته العلمية والمهنية•
قبل عام كما قلت لكم، التقيت بمنجمين مختلفي الشهرة والنجاح، وفي مدينتين متباعدتين، ولسببين: أولهما المعرفة والفضول القاتل، وثانيهما التعاقد معهما لكتابة الأبراج وحظ النجوم، هذه الزاوية التي تحظى باهتمام شريحة كبرى من القراء•
الأول تنبأ بكارثة طبيعة مزلزلة ضحاياها بمئات الألوف في بداية عام ،2005 كما تنبأ بموت ياسر عرفات بطريقة غامضة ومدويّة، وتنبأ يومها بشيء لم أستطع أن أعرضه، ولم أكن أريد أن أصدقه•• وهو المنجم المعروف الذي انطلقت شهرته حينما تنبأ بوفاة الأميرة ديانا، ويومها أخذته الوكالات العالمية•
أما الثاني فقد طلب بعض المعلومات الشخصية عن عام الولادة واسم الأم وغيرها من أجل أن يقرأ طالعي، فقلت له إنني لا أومن بهذه الأشياء، لكي تتضح الصورة ونكون واضحين، فقال لي أنه لا ينجّم عن عبث، الأمر مبني على دراسة وافية ومعرفية طويلة في بحور الرياضة والفلك والطبيعة والتفسير القرآني ودلالات اللغة، فقلت له لدي شرط واحد أن تكتب ما تقوله على ورقة بخط يدك وأحتفظ بها لمدة عام، فإن تحقق فيها ما قلته، عرضتها في مقالي على القراء، وإن لم تتحقق فهذا أمر يدعم رأي القديم، كان اللقاء هو الأول بيني وبينه لا يعرفني ولا أعرفه والتخطيط لهذا اللقاء جاء عن طريق شخص بعيد تجمعنا المهنة ونجهل الأمور الشخصية لكلينا، جلسنا وقبل أن يبدأ بالكتابة، قال لي عن أشياء شخصية قديمة نسبة الصحة فيها عالية، وهي مسألة زادت من حماستي وفضولي وشجعتني على المواصلة•
كان من ضمن ما كتبه على تلك الورقة التي احتفظت بها لمدة عام كامل، لكنها اليوم غائبة في مكان ما، فقد أعياني البحث عنها لمدة يومين متتاليين وسأعثر عليها، وإلا سيصبح الأمر أكثر غموضاً وتشويقاً بالنسبة لي: قال لي إنني سأغير سكني أو سأبدل المكان ثلاث مرات خلال العام، وقد كان في العين وأبوظبي، والثالث مقر العمل، قال إنني سأكسب مبلغاً من المال غير متوقع، وهذا لن أقول لكم إنني كسبته، لحسابات تتعلق بـ الحاجّة سهيلة فهي إن عرفت ستفتح ألف باب للصرف في الذي يعني والذي لايعني، وقال أيضاً إن هناك سفرة ستكون مفاجأة قبل نهاية العام بأسبوعين وستجني منها فائدة كبيرة، وقد كانت حصيلتها ثلاث مخطوطات قديمة، وأرضاً جبلية قد تكون في يوم من الأيام مشروعاً لبيت تقاعدي، وقال من أشياء عديدة نسيتها الآن،عن نجاح على مستوى العمل وقد كان ولله الحمد، بقي أمر واحد لم يتحقق وليته كان، وهو جلب ضرّة جديدة على الحاجّة سهيلة قال عنها: انها في البداية ستريك الحياة الحلوة بألوانها، ثم في العام القادم ستريك نجوم الظهر•• فاكتفي بالعام الأول إن كنت من الفالحين•