ضرب العرافون والبصارون والمنجمون كل ودعهم وأخرجوا الجنيات والعفاريت من قماقمها واجتاحوا كل صحف العالم وشاشات فضائياته من رحيل السنة «الفارطه» وقدوم السنة الجديدة واخضع المشاهدون والقارئون الى جلسات تعذيب منظمة ولقد شارك في تنكيد العيش هذا رؤساء دول وصحافيون لا يزال حليب ما قبل الفطام على شفاههم وزوايا افواههم.

البعض بكى واستبكى وهناك من اغرورقت عيونهم بدموع ساخنة غزيرة وكل ذلك وكأن الخليقة انتهت مع نهاية عام غدا صفحة مطوية وبدأت مع بداية عام سيقف من سيبقى حيا ذات يوم عند نهاياته ويبكي كما بكى عندما انتهت السنة الماضية والسنوات القليلة او الكثيرة التي سبقتها.

توجد بعض الذين ضربوا ودعهم مع بداية هذا العام على الامة العربية المسكينة وبعضهم انكر وجود هذه الامة ما دام انها عاندت مشاريعهم ولم تقف استعدادا وتؤدي التحية العسكرية تحت راياتهم الخفاقة الخضراء فهؤلاء وحدهم القوميون والثوريون وهؤلاء اعتبروا انتكاساتهم الشخصية انتكاسة لامة نصبوا انفسهم ذات يوم امناء عليها.

«كذب المنجمون ولو صدقوا» ويقال ان رجلا قصد إحدى البصارات الشهيرات لتضرب ودعها وتبلغه عما إذا كانت فرسه ستلد مهرة أم فلوا وكانت نبوءة البصارة، بعد ان ضربت ودعها وبعد ان اطرقت لبعض الوقت وهي تتمتم وتهز رأسها، ان الفرس ستلد إما ذكرا او انثى وان الولادة ستكون اما في الليل وإما في النهار.

.. وهكذا وبعد اسابيع قليلة ولدت الفرس مهرة مطهمة جميلة فطار صاحبها فرحا واخذ يمتدح البصارة وقدرتها على كشف استار الغيب، حيثما حل ورحل، فالفرس ولدت مهرة وجاءت ساعة الولادة بعد صلاة العشاء في احدى امسيات الربيع وكما قالت ضاربة الودع بالضبط.

كان للرئيس الاميركي الاسبق الذائع الصيت رونالد ريغان، الذي سادت قناعة في الولايات المتحدة بأنه هو الذي اسقط الاتحاد السوفياتي وانهى الشيوعية في العالم، بصارة يحرص على استشارتها قبل أي سفر او اتخاذ قرار هام ويقينا لو انه هو الذي كان سيدا للبيت الابيض قبل غزو العراق واستشارها قبل ان يتخذ قرارا بكل هذه الخطورة والصعوبة لقالت له:« إمض على بركة الله مطالعك يقول أنك منصور.. منصور.. منصور».

واتهم الرئيس المصري السابق انور السادات رموز مراكز القوى، علي صبري شعراوي جمعه وزكريا محيي الدين.. وغيرهم، بأنهم استشاروا ضاربة «مندل» قبل ان يخوضوا معركتهم الحاسمة معا وانها، اي ضاربة المندل هذه، اشارت عليهم بالمضي قدما وانها قالت لهؤلاء وكلهم اما يساريون او علمانيون: ان عدوكم الاسمر الذي يوجد نتوء كزبيبة على جبهته مهزوم.. مهزوم.. مهزوم!!.

لا يوجد أبأس من إنسان سواء كان قائدا او كاتبا او عرافا سياسيا يتصرف بهذه الطريقة فالعفاريت والجنيات لا علاقة لهم بما واجهته امتنا في العام «الفارط» وبما ستواجهه في هذا العام فكل ما يحل بنا هو من صنع رؤساء يتعاملون مع العالم ومع شعوبهم بطريقة «البلطجة».. وكذب المنجمون وإن صدقوا.