آخر ما تم كشف النقاب عنه هو ان الدكتور سعد الفقيه، الذي أعطاه الإعلام لقب «المنشق السعودي» والذي بقي ردحاً من الزمن يعيش عيشة هنيئة في إحدى ضواحي لندن الجميلة والراقية، يشكل حلقة رئيسية من حلقات الإرهاب الدموي الأسود المرتبطة بتنظيم «القاعدة» والتابعة لأسامة بن لادن الذي كان يعتبره الغرب، قبل ان يكتوي بناره، إصلاحياً كبيراً وأنه فرَّ من بلده المملكة العربية السعودية هروباً بقناعاته الديموقراطية والليبرالية !!.
لقد بقيت المملكة العربية السعودية تزوِّد السلطات البريطانية، عبر الطرق الدبلوماسية ومن خلال القنوات الامنية، بالوثائق التي تؤكد أنه لا صحة لما يقال عن أن هذا الرجل فرَّ من بلده خوفاً على قناعاته الديموقراطية ونزعاته الاصلاحية وان المسألة مسألة أمنية وان المستهدف هو الاستقرار والسلم الاجتماعي السعودي وان الفقيه وأمثاله لو حكموا لعادوا بالبلاد الى ما قبل العصور الوسطى وأنهم سيحكمون بالخرافات والخزعبلات وليس بمنطق هذا العصر ومعطياته المتطورة.
لكن السلطات البريطانية المعنية رفضت كل هذه الوثائق وأغلقت عيونها وآذانها امام كل ما كان يقال إليها بهذا الخصوص وبقيت تصر على أنها لا تستطيع طرد إنسان إصلاحي جاء الى بريطانيا طالباً الحماية ولاجئاً بقناعاته.. وهكذا فقد بقي هذا الرجل يشاغب على بلده من بلدٍ يصفه بأنه كافر وصليبي وأنه عدوٌ للإسلام وللعروبة وإنه متواطىء مع إسرائيل ومتحالف مع الولايات المتحدة التي كان يصفها بأنها إمبراطورية الشر.
وبالطبع فإن الاعلام المزايد، الذي يعتقد انه مجهول الإرتباطات، ومن ضمنه «فضائيات» متخصصة في إثارة الفتن وتدمير صورة العرب والمسلمين وتشويه سمعتهم، لم يتوقف عن النفخ في قربة سعد الفقيه فحوله الى «غيفارا» هذه الايام ووضع على وجهه الأطنان من المساحيق البراقة ليستطيع تسويقه في العالم على انه إصلاحي مسالم سلاحه كلمة الحق وهدفه تطبيق ما في قلبه ورأسه من أفكار تحررية وديموقراطية !!.
لكن ولأن سكين سعد الفقيه وأشكاله وصلت الى النحر البريطاني والنحر الاميركي أيضاً فقد هبط الوعي فجأة على البريطانيين والأميركيين فبادروا الى كشف الحقيقة التي كانوا يصرون على إغلاق عيونهم أمامها وهي ان هذا الرجل ذئب في جلد حمل وأنه جزء من شبكة إرهابية مرتبطة بـ «القاعدة» وأسامة بن لادن وان دعواته الإصلاحية كانت مجرد «مكياج» لإخفاء إرتباطاته بالقوى والتنظيمات التي تستهدف الابرياء والتي تزرع الرعب والدمار والموت في معظم دول العالم وفي كل مكان.
وهنا فإن ما يثير ألف تساؤل وتساؤل هو ان هذا الغرب، الذي بعد كارثة الحادي عشر من ( أيلول ) الشهيرة، أعلن حرباً عالمية شعواء على الإرهاب هو «المفرخة» الحقيقية لهذا الارهاب وهو الذي إحتضن كل هذه المجموعات التي يخوض معها الآن مواجهات ضارية وهو الذي لايزال يحتضن بإسم حقوق الانسان والحريات العامة تنظيمات أصولية متطرفة لا تعرف الحوار ولا تتقن إلا التحريض على العنف ولغة الرصاص والمتفجرات والقتل والدمار.
لاشك في ان هناك بيئات عربية وإسلامية ملائمة لترعرع الإرهاب ولاشك في أننا كعرب وكمسلمين تقع علينا مسؤولية كبرى لحماية ديننا الحنيف من كل هذه التحريف والتشويه لكن وبالمقدار ذاته فإنه على الغرب ان يعيد النظر بكل أساليب تعامله مع هذه المنطقة وأنه على الغرب كله ان يراجع ملفاته ليجد ان عواصمهُ كانت «مفارخ» للإرهاب وليجد أن هذه العواصم إحتضنت ولاتزال تحتضن الذين أغرقوا الجزائر بالموت والدمار والذين ضربوا في المغرب والذين إغتالوا في سورية ومصر واليمن والذين لازالوا يمارسون هواية سفك الدماء في المملكة العربية السعودية والذين تورطوا قولاً وفعلاً في محاولات إرهابية هنا في بلدنا الأردن والذين يدفعون العراق دفعاً نحو الإنشطار والحرب الأهلية.