تهمة جديدة موجهة لصدام حسين ونظام حكمه، وهي انه حاول خلال ثلاثة عقود ان يغير هوية العراق بجعله عربيا يعمل تحت راية القومية العربية! «استعادة هوية العراق غير العربية» كان عنوان مقال جيم هوجلاند في واشنطن بوست، اعادت نشره في طبعتها الاسبوعية (20/12/2004) مما يعني ان مشروع الغاء عروبة العراق وارد في اذهان بعض الدوائر الاميركية. فالمطلوب ليس تدمير الدولة العراقية فقط، بل القضاء على هوية الشعب العراقي ايضا.
نفهم ان تكون عروبة مصر قد ترسخت في عهد جمال عبدالناصر بانحسار الدعوة الفرعونية الانعزالية، اما عروبة العراق فلم تبدأ بصدام ولن تنتهي بالقضاء عليه.
ستكون المحاولة الفاشلة لطمس عروبة العراق خطأ اميركيا اخر، لا يقل عن الخطأ في حل الجيش العراقي واجهزة الامن العراقية، لكي تنزل تحت الارض وتذيق المحتلين واعوانهم مر العذاب.
ما يقال عن محالة اقناع العراقيين بانهم ليسوا عربا، اي القضاء على الهوية العربية للعراق صحيح اذن، وهو مشروع عبثي محكوم بالفشل الذريع.
الهوية الجديدة المقترحة للعراق هي القومية العراقية، اي الانفصال عن العرب والخروج من الحظيرة العربية، وهذه الدعوة تدل على الجهل بالواقع العراقي.
المطلوب هو عزل العراق عن محيطه العربي تمهيدا لتفتيته الى كيانات متعددة عرقية وطائفية كما يدل حديث الفدرالية في بلد يحتاج الى حكم مركزي قوي.
الهوية العراقية كانت موجودة دائما، وممثلة بالوطنية العراقية التي لم تختف يوما ولم ينكرها احد، فكان الحديث دائما عن الشعب العراقي والجيش العراقي والعراقية الماجدة، بل والحديث عن سبعة الاف سنة من الحضارة، لكن الوطنية العراقية مكون اساسي من مكونات القومية العربية، ولا تستطيع حتى اميركا ان تقفز عن هذه الحقيقة التاريخية.
عندما احتلت اميركا العراق كانت ترى عروبة العراق ومكانته العربية، وظنت في حينه ان نجاحها في العراق يفتح الباب لاعادة صياغة الوطن العربي كله، فللعراق دور عربي قيادي. وعندما فشلت اميركا في العراق ارادت ان تضع ستارا حديديا بينه وبين امته العربية.
لا نخاف على عروبة العراق لانها ليست قشرة قابلة للتغيير، ولكنا نشفق على من يتصورون انهم قادرون على طمس عروبة العراق وتغيير هويته القومية.