من حق المعارضة الاوكرانية أن تتباهى بالنصر الذي حققته في الانتخابات الرئاسية بعد طول نضال، وإعادة للاقتراع اكثر من مرة حتى حظيت في الجولة الثالثة والأخيرة بفوز مرشحها الموالي للغرب فيكتور يوتشينكو، وهو ما أشادت به الإدارة الامريكية واعتبرته درسا في الديمقراطية لكن أحدا لم يسمع من واشنطن أي تعليق على الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في اوزبكستان قبل أيام، على الرغم من منع نظام الرئيس اسلام كريموف أي حزب أو صوت معارض أو يشتبه في كونه معارضا من المشاركة فيها.
لم يسمع احد ايضا أي تعليق من قبل واشنطن على تراجع الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف عن التعهد الذي قطعه على نفسه قبل عام بالتخلي عن قيادة الجيش، وخلع البزة العسكرية. فقد عدل الجنرال عن ذلك وقال في نهاية العام الماضي وهو موعد اعلان تخليه، انه “باق في منصبه رئيسا وقائدا للجيش معا” معتبرا “ان أي تغيير سيشكل خطرا على باكستان”.
وهو يرى في ذلك ان أمن بلاده أصبح مرهونا بشخصه ما يقتضي تكريس القوة المدنية والعسكرية بين يديه!
قد ينتفي وجه الغرابة ازاء صمت الإدارة الامريكية التي ترى نفسها وصية على نشر الديمقراطية والاصلاح في العالم تجاه بلدين من أهم حلفائها في حربها باسم مكافحة “الإرهاب” هما أوزبكستان وباكستان، المقامة على اراضيهما قواعد امريكية أساسية في تلك الحرب، وذلك مقارنة بالإسراف في التصريحات والتعليقات وشبه التعليمات خلال ازمة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في أوكرانيا.
باكستان واحدة من اكبر الدول الإسلامية في العالم، ولعلها الثانية من حيث عدد السكان بعد اندونيسيا، وأوزبكستان اكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان في دول آسيا الوسطى، واللافت ان نظاميهما يحظيان بالحضن “الأمريكي الدافئ” ويرى فيهما خير ضمانة لمواجهة المعارضة المدموغة بالتطرف والارهاب حتى وإن كانت تقول بالديمقراطية والتعددية.
أما أوكرانيا الحليف المرتقب لأمريكا فتعيش حالة من الاستقطاب الحاد بين قبلتها الأولى “روسيا” و”قبلتها” الجديدة أمريكا.
ربما تنطوي هذه الأمثلة على دروس لبعض الدول في المنطقة، المقبلة على انتخابات أو استفتاءات محتملة، لأن عليها اولاً ان تدرك مكانها في حضن “شرعية الرضا الأمريكي” ثم تأتي النزاهة أو الشفافية في مرتبة لاحقة، هذا إن جاءت.