(...) لا نعرف تماما اذا كان الكتابان المفتوحان لكل من الرئيس حسين الحسيني والرئيس سليم الحص موحى بهما في اطار الاخراج والتحضير لخطوة سورية ما، ولكنهما، وتحديدا رسالة الرئيس الحص، علامة من علامات الفشل الذي منيت به سياسة النعامة التي مارسها من يعنيهم الامر ازاء الحالتين الاعتراضيتين والاحتجاجيتين الكبيرتين على النمط الذي بلغته العلاقات اللبنانية - السورية. واذا كان قرار التمديد سببا في اشتعال الوضع السياسي، إلا انه لا يختصر كل السلبيات السابقة للتمديد، واللاحقة له. من هنا القول ان المشكلة الحقيقية قبل لحود وبعده هي في الخلل الفاضح في العلاقات بين البلدين، وفي سوء التصرف على الارض اللبنانية من الحالة المخابراتية التي تظن انها قادرة على منع الحرية والديموقراطية والسيادة بالسطوة والقوة، وبممارسات بواسطة اجهزة لبنانية من امنية وقضائية مغلوب على امرها في اكثر الاحيان". هذا التحليل تلتقي حوله اوساط لبنانية معارضة في الخارج بعضها مقيم في اوروبا وبعضها الآخر في الولايات المتحدة .
وتضيف هذه الاوساط الناشطة في الخارج: "ان طرح المسألة من زاوية ان كل الممارسات السلبية لبنانية، وبالتالي فالمسؤولية لبنانية حصرا، لا يقترب من الحقيقة، بل يجافيها. فكل خلل او سلبية هما خلل وسلبية مزدوجان لهما وجهان، وجه لبناني ووجه سوري. وهذا يدفعنا الى القول ان الرئيس الاسد مطالب بأكثر من قراءة ايجابية ومتمعنة لرسالتي الحسيني والحص وقبلهما عشرات الرسائل الصادرة عن المجتمع اللبناني، وقوى ذات تمثيل حقيقي. انه مطالب بخطوات جريئة وسريعة، تنم عن مقاربة نقدية ذاتية لكل ما قامت به الرعاية السورية في السنوات الاخيرة في لبنان. انه مطالب بأن يتخذ قرار الخروج من المستنقع اللبناني، فلا تدخل في انتخابات نيابية لايصال اكثرية برلمانية تكون مرتهنة لدمشق بدلا من الناخب اللبناني نفسه، ولا حكومة محكومة من الاستخبارات على نسق حكومة عمر افندي كرامي، ولا اجهزة استخبارات لبنانية تدار من خارج القرار السياسي، او من خارج الاطار المؤسسي اللبناني البحت، ولا سلطة قضائية تستخدم مطية للنيل من القوى المعارضة او لتغطية تجاوزات، ولا قطاعات مصرفية او غير مصرفية تكون معبرا لعمليات ممنوعة او مخالفة للقوانين. ان هذه الخطوات هي الخطوات الاهم التي تتقدم على الانسحاب العسكري الى البقاع، وفي ما بعد الى خارج الحدود الدولية. انها القرار الكبير المنتظر لانقاذ العلاقات الثنائية بين البلدين، وهي تتقدم بالتأكيد على محاولة اختصار المشكلة في شخص اميل لحود التفصيلي، ومحاولة دفعه الى الاستقالة اليوم توقف المطالبة الصريحة المتنامية للتغيير. فلا يظنن من يتذاكى هنا او هناك ان مجرد خروج لحود من الرئاسة كفيل بإطفاء نار الاحتجاجات على النمط السيّئ للعلاقات، وعلى محاولات تغيير طبيعة لبنان القائمة على الحريات والديموقراطية والتعددية، او على محاولات "تصحيح" سايكس - بيكو عبر الحاق لبنان بنظام امني شمولي لا يريده احد. فما يصح في سوريا او في اي مكان آخر من العالم العربي، لا يعني اللبنانيين.فهم يطلبون فقط ان تُحترم طبيعة نظامهم، كما يطلبون من سوريا ان تدرك ان الوقت قد حان للاعتراف بلبنان حراً سيداً مستقلاً قولا وعملا".
وتلفت الاوساط عينها الى: "ان اي انسحاب سوري الى البقاع لن يشكل حلا متكاملا. فأزمة العلاقات هي في مكان بات يعرفه الرئيس الاسد حق معرفة. انها ازمة التدخل غير المنطقية في كل مناحي حياة اللبنانيين العامة والخاصة، وازمة مصارعة اللبنانيين غير المعقولة على ارضهم. هذه هي الحقيقة التي لن تحجبها الكتب المفتوحة (بما فيها تلك المتزلفة) من هذا او ذاك .
وتختم الاوساط اللبنانية المعارضة في الخارج:" في اختصار، ان اللبنانيين يطالبون الرئيس الاسد بالمبادرة الى اعلان نهاية عهد الوصاية على لبنان"، متسائلة في النهاية: "هل هذا كثير؟".