وجيه الصقار: يبلغ إنتاج مصر حاليا من القمح نحو‏6‏ ملايين طن سنويا نتاج مساحة‏2,6‏ مليون فدان‏,‏ في حين يبلغ متوسط الاستهلاك نحو‏12‏ مليون طن‏,‏ ويتم سد العجز اعتمادا علي الاستيراد من أمريكا واستراليا وروسيا وفرنسا‏.‏ مما دفع الأجهزة المعنية بالزراعة‏,‏ لوضع برنامج لزيادة المساحة المنزرعة الي‏4‏ ملايين فدان قمحا لسد الفجوة في إنتاج رغيف الخبز مع زيادة انتاجية الفدان إلي‏20‏ أردبا علي الأقل وذلك خلال‏5‏ سنوات‏.‏

يقول الدكتور عبد العظيم الطنطاوي رئيس مركز البحوث الزراعية‏,‏ إن هناك خطوات جادة لمواجهة مشكلة توفير رغيف العيش من خلال برنامج الحملة القومية للقمح بإنتاج نوعيات متميزة منه ذات قدرة عالية علي مقاومة الأمراض والآفات والحشرات والتلاؤم مع الظروف المعاكسة ومناسبة كل منطقة والاعتماد علي‏3‏ محاور لتشجيع الفلاح علي زراعة القمح والتوسع به علي هوامش محاصيل أخري وتوفير خدمة آلية وإرشادية وحرث ما تحت التربة وخدمة الليزر بنصف التكلفة للفلاح الذي يزرع القمح‏,‏ بالاضافة إلي حرص الوزارة علي التوسع سنويا في المساحات المزروعة بالقمح بنسبة‏15‏ ـ‏20‏ فضلا عن شراء بنك التنمية للمحصول بسعر تشجيعي‏165‏ جنيها للأردب مع دفع نصف الثمن مقدما والباقي عند التوريد فضلا عن زيادة إنتاجية الفدان باستخدام تقاوي عالية الجودة‏.‏

وقال‏:‏ إنه في المقابل فإن الخطة تشمل تقليل فاقد القمح بعد الحصاد في النقل والتخزين‏,‏ والاستهلاك وتحسين جودة الخبز حتي لايكون هناك فاقد كبير والذي وصل إلي‏30%‏ بسبب سوء الصناعة‏,‏ وأنه من المستهدف بحلول عام‏2007‏ أن يبلغ انتاج القمح‏8,8‏ مليون طن‏.‏

وأضاف أن متوسط استهلاك الفرد عالميا نحو‏90‏ كيلو جراما من القمح سنويا في حين يبلغ استهلاك الانسان المصري نحو‏180‏ كيلوجراما وهو معدل عال جدا‏,‏ ويشمل الفاقد سواء في صناعة الخبز وسوء النقل والتخزين للقمح‏,‏ وهذا يرجع إلي أن نحو نصف المصريين فقراء ومصدر غذائهم الأساسي هو رغيف الخبز‏,‏ وهذا ما يدفع إلي إضافة نحو مليون طن من الذرة لخفض استيراد القمح والتركيز علي القمح من نوع جميزة‏10‏ وسخا‏94‏ الذي اثبتت انتاجية عالية ومقاومة للأمراض خاصة في المناطق الجديدة‏,‏ وأن الوزارة اعتمدت‏8‏ ملايين جنيه لتشجيع المزارعين لزراعة القمح بدلا من محاصيل مثل البرسيم‏.‏

فاقد الرغيف
وأضاف الدكتور أحمد خورشيد الخبير بمعهد تكنولوجيا الأغذية أن هناك جوانب أخري لمشكلة القمح وهي أن فاقد رغيف الخبز يبلغ‏30%‏ من انتاجه نتيجة سوء الصناعة واستخدام القمح في تغذية الحيوانات والطيور والخبز أيضا‏,‏ وأن مصر بالفعل تحتاج إلي زيادة الانتاج إلي‏10,5‏ مليون طن مع خلطها بالذرة‏,‏ والاستفادة بوسائل الانتاج الحديثة مثل القمح ذي الكفاءة العالمية في الإنتاج والتحمل للظروف الصعبة واستقطاع مساحة‏1,5‏ مليون فدان تزرع بالبرسيم من جملة‏2,5‏ مليون فدان تخصص سنويا للماشية مع إعادة التركيب المحصولي‏,‏ واستخدام الستارة والتي تضمن الزراعة الدقيقة للأرض بما يوفر نحو‏25%‏ زيادة في الانتاجية‏,‏ والعدول عن بعض الزراعات مثل اللب الذي تخصص له‏120‏ ألف فدان‏.‏

وأشار إلي أن هناك دراسات حديثة بجامعة المنصورة نشرت أخيرا أكدت استنبات نوع جديد من القمح له إنتاجية عالية تزيد علي‏25%,‏ وتتميز بارتفاع نسبة البروتين إلي‏17%,‏ وأنه تبعا لكل هذه الامكانات في انتاج القمح وبرفع انتاجية الفدان إلي نحو‏20‏ أردبا للفدان فضلا عن تحسين صناعة الدقيق وترشيد استخداماته وتقليل الفاقد وهذا سيتيح سد الفجوة في إنتاج القمح خلال‏5‏ سنوات مع ازدياد فرص رفع معدلات إنتاج الفدان إلي أكثر من‏25‏ أردبا‏.‏

أما الدكتور عبد السلام أحمد جمعة رئيس مجلس الحبوب والمحاصيل البقولية والملقب بأبو القمح أن هناك‏4‏ محاور رئيسية تنفذها وزارة الزراعة حاليا ويشمل المحور الأول‏:‏ التنمية الرأسية باستنباط أصناف عالية الانتاجية والجودة وأكثر ملاءمة ومقاومة وتحملا للأمراض والاجهاد البيئي وملائمة للمناطق الزراعية المختلفة والاعتماد علي التربية والتحسين بالتكنولوجيا الحيوية مثل الهندسة الوراثية بمعهد بحوث الهندسة الوراثية بالوزارة في تحسين وزيادة إنتاج القمح من حيث الكم والنوع والوصول بانتاجية الفدان من القمح لنحو‏20‏ أردبا أي‏3‏ أطنان في الخطة الطموح الحالية للوزارة ضمن البرنامج القومي لبحوث القمح وتطبيق توصيات إنتاج القمح بالأراضي القديمة في نحو‏212‏ حقلا إرشاديا مساحة كل منها‏3‏ ـ‏5‏ فدادين موزعة علي‏19‏ محافظة وكشفت النتائج عن زيادة الانتاج بهذه المحطات بمعدل‏21,55‏ إردب للفدان أما الأراضي الجديدة فبلغت‏18,58‏ إردب ومتوسط‏16,41‏ إردب في أسوان و‏28,26‏ بالجيزة‏.‏ وأضاف أنه بالنسبة للأراضي الجديدة تمت زراعة أصناف جديدة للقمح في‏77‏ حقلا في‏12‏ محافظة وبلغ متوسط إنتاج الفدان‏19,16‏ إردب للفدان‏.‏

وأضاف أن المحور الثاني‏:‏ وهو محور التنمية الأفقية إذ أن إجمالي الأراضي القديمة المنزرعة بالقمح بلغ هذا العام‏2,6‏ مليون فدان منها‏2‏ مليون و‏325‏ ألف فدان بالوادي و‏270‏ ألفا بالنوبارية والوادي الجديد والاراضي المطرية‏,‏ في حين بلغ انتاجها جميعا‏6‏ ملايين طن وهي تغطي نصف احتياجات مصر من القمح ويؤكد ضرورة التوسع في الارض المنزرعة بالقمح وانتاجها لتصل إلي‏4‏ ملايين فدان علي الأقل وتحقيق الاكتفاء الذاتي في معدل الاستهلاك الفعلي للإنسان وهو‏150‏ كيلوجراما ويكون باستحداث دورات جديدة مثل زراعة قمح يعقبه قطن‏,‏ أو برسيم عقب أرز مبكر يعقبه قمح أو تحميل القطن علي القمح بطريقة المناوبة‏,‏ أو تحميل القمح علي قصب الغرس‏,‏ وتوسيع زراعة القمح في معظم مساحات البرسيم بزراعة قمح مبكر يعقبه قطن مع تخصيص مساحة للبرسيم المستديم لاتقل عن ربع مليون فدان‏,‏ والتوسع في مزارع الإنتاج الحيواني في الأراضي الجديدة‏,‏ وهذه جميعا يمكنها إنتاج‏8,25‏ مليون طن من القمح‏.‏

وقال الدكتور عبدالسلام جمعة إن‏2‏ مليون فدان من الاراضي الجديدة يمكنها أن تنتج نحو‏2‏ مليون طن بمتوسط انتاج‏13‏ إردبا للفدان بالاضافة إلي‏200‏ ألف فدان تزرع علي الأمطار بالساحل الشمالي والغربي مع توفير ري تكميلي حسب معدل المطر وتنتج نحو‏100‏ ألف طن قمح بمتوسط‏3‏ أرادب للفدان يصل إلي‏10‏ أرادب حسب معدلات المطر‏.‏ وأضاف أن المحور الثالث مرتبط بترشيد الاستهلاك والحد من الفاقد من خلال تحسين رغيف الخبز من دقيق والتوسع في خلطه بالذرة بنسبة‏20:80,‏ ومنع تسرب القمح والخبز لتغذية الحيوان والدواجن والأسماك لتحقيق الاستهلاك الحقيقي للفرد في حدود‏150‏ كيلوجراما في العام الذي يوازيه الفاقد من‏30‏ ـ‏50‏ كيلوجرما‏,‏

بل ويمكن إنتاج رغيف خبز من الذرة مثل بعض دول أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة مما يتطلب التوسع في زراعة الذرة البيضاء والصفراء والتوسع في زراعة قمح الديورم‏,‏ وضرورة عدم إغفال أن دعم الدولة للرغيف البلدي أو الفينو‏,‏ وطرحه بسعر رخيص للسكان للفقراء والأغنياء علي السواء قابله نوع من الجشع من جانب الأفراد والمستغلين سواء بالمخابز والحلويات أو الاعلاف‏,‏ مما يمنع وصول الدعم إلي نسبة كبيرة من المحتاجين وضياع وقتهم في طوابير شراء الخبز بما يتطلب دراسة متأنية بكيفية وصول الدعم لمستحقيه منها التحول إلي الدعم النقدي تدريجيا‏.‏

رفع السعر
أما المحور الرابع فيشمل تحسين الحوافز السعرية للمزارعين بزيادة سعر القمح وعلاوة في السعر حسب الجودة من حيث نسبة البروتين وجودة الدقيق‏,‏ وأن يكون السعر مسايرا للاسعار العالمية‏,‏ ومجزيا للمنتجين لزراعة القمح وتعظيم دخل الزرع من منتجي المحصول مسايرة لقرار رئيس الوزراء لرفع سعر القمح في العام المالي الحالي إلي‏165‏ جنيها للإردب بخلاف علاوة درجات النظافة مما زاد مساحة زراعة القمح‏.‏

أما الدكتور اسماعيل عبدالجليل رئيس معهد بحوث الصحراء فيؤكد أن التوسع الحقيقي والمضمون يكون في المناطق الصحراوية والجديدة حيث تشكلت مجموعة من‏75‏ عالما في مختلف التخصصات المرتبطة بالزراعة والتربة خاصة محصول القمح‏,‏ ووضعت خطة تشمل إضافة‏480‏ ألف فدان من تلك المناطق لدخول المشروع القومي لانتاج القمح واعتمد المركز‏200‏ ألف جنيه هي كل ميزانية لنشر مواقع بحثية في‏19‏ منطقة بمساحات مابين‏10‏ و‏20‏ فدانا وترتبط الفكرة بتمويل كل فدان بمبلغ ألف جنيه مشاركة مع الفلاح صاحب الأرض علي أن يتم اقتسام الناتج مناصفة معه‏,‏

وأضاف رئيس مركز بحوث الصحراء أنه من المؤشرات الموجودة يتبين أن انتاج الأراضي الجديدة سيكون في معدلات ما بين‏12‏ ــ‏18‏ أردبا للفدان مع إدخال أصناف من القمح جديدة تتناسب مع مواقع الزراعة من حيث التربة والمناخ‏.‏

وأن مشروع المركز لزراعة القمح بالمناطق الجديدة مخطط له‏5‏ ــ‏6‏ سنوات للتوسع في نحو‏450‏ ألف فدان مع اعتمادات جديدة‏.‏

المزارع النموذجية
ويضيف الدكتور محمد أسامة سالم عضو المجلس القومي للقمح والمشرف علي مشروع المزارع النموذجية للقمح‏,‏ أنه بالنسبة لمنطقة الواحات البحرية تم تجديد موقع الزراعة النموذجية بالقمح في مساحة‏70‏ فدانا في قرية الزبو وتوريد خمس شكاير سوبر فوسفات كالسيوم للفدان وشيكارة ذرات امونيوم‏,‏ كما اضيف سماد عضوي بمعدل‏20‏ كيلو جراما مكعبا للفدان والحرث والري بالغمر لكل‏15‏ يوما‏,‏

بالاضافة للتسميد الآزوتي‏,‏ وبالنسبة لمنطقة الشيخ زويد بالعريش تم حفر‏350‏ بئرا اعتمادا علي وجود‏4‏ خزانات جوفية التي تمتد بمحازاة الساحل وفيها معدلات سحب مياه ما بين‏10‏ ــ‏20‏ كيلو متر مكعب وبالنسبة لمنطقة سهل الطينة تمت زراعة‏40‏ فدانا تمهيدا لزراعة‏557‏ أخري من المياه المخلوفة من ترعتي الينة والسلام بنسبة‏1:1,‏ وتتميز أراضي المنطقة بالترسيبات البحرية وهي منخفضة الملوحة بعد غسلها‏,‏ وقامت الحملة القومية للقمح بوضع مواصفات زراعة المنطقة باختيار قمح نوع سخا‏93,‏ وحرث التربة بحفارات تكسير بالشوكة

وإضافة‏150‏ كيلو سوبر فوسفات الكالسيوم للفدان فضلا عن الاعتماد علي‏90‏ بئرا تصرف مياها بمعدل‏20‏ مترا مكعبا في الساعة وبملوحة مناسبة مع التوصية بعدم حفر آبار جديدة تتسبب في أرتفاع الملوحة‏.‏ وأضاف أنه بالنسبة لمنطقة ميت أبو الكوم الجديدة بشرق القناة‏,‏ وتتم الزراعة فيها اعتمادا علي مياه ترع سرابيوم وتكون زراعة القمح بالرش مع توافر خزان احتياطي للمياه يمكن الاعتماد عليه مع تذبذب وجود المياه السطحية‏.‏ وبالنسبة لزراعة القمح في الساحل الشمالي الغربي فهو يتميز بأكبر كمية مياه أمطار متساقطة تصل الي‏150‏ ملليمترا في السنة مما أدي لإقامة وديان صغيرة تصب مياهها في البحر المتوسط مع وجود خزانين للحجر الجيري‏.‏

ويشير الدكتور محسن عبدالمعبود عضو مجلس القمح إلي أنه بالنسبة لزراعة القمح النموذجية بوادي النقرة بأسوان فهي تشمل‏65‏ ألف فدان منها‏15‏ ألفا لشباب الخريجين وأن المشروع اختار‏10‏ فدادين لإقامة مزرعة نموذجية للقمح تتوافر بها جميع العمليات الزراعية لانتاجه من حرث وتسوية بالليزر والزراعة‏.‏

وأضاف الدكتور أحمد فوزي يوسف أستاذ الجيولوجيا بمركز بحوث الصحراء أن الوضع المائي في وادي الصعايدة بأسوان يتناسب وإمكانية استصلاح المنطقة والتي تقع غرب النيل لاستصلاح‏30‏ ألف فدان اعتمادا علي مياه النهر من خلال رفع‏75‏ ألف متر مكعب مياه من‏4‏ ترع ويزرع حاليا‏10‏ آلاف فدان من جانب شباب الخريجين وعشرة أخري لواضعي اليد إلا أنهم جميعا لم يتلزموا بنظام التنقيط واعتمدوا علي الري بالغمر مما يستدعي نظما حديثة لزراعة بقية الأرض ونشر زراعة القمح بها‏.‏

وقال‏:‏ إنها بالنسبة لمناطق مشروع استزراع القمح في منطقتي سيدي براني وسيدي عبدالرحمن فتعتمدان علي مياه الأمطار وتترواح ما بين‏100‏ ــ‏150‏ ملليمتر بخلاف السيول التي تحصر في بعض المناطق والمياه الجوفية‏,‏ وفي مناطق شمال سيناء بالعريش وبالوظة ورمانة وتعتمد علي مياه الأمطار في الزراعة وهي تبلغ‏200‏ ــ‏300‏ ملليمتر في رفح بالإضافة للخزانات الجوفية‏.‏

ويضيف د‏.‏ اسماعيل عبدالجليل وأن برنامج المركز لزراعة القمح بالمناطق الجديدة والصحراوية شمل كل المواقع لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح‏,‏ حيث إن هذه المناطق يمكنها زيادة القمح بنسبة‏7%‏ من الاستهلاك ويمكن تطبيق هذا البرنامج الذي بدأ هذا العام وحتي عام‏9‏ ــ‏2010,‏ حيث يوفر نحو‏724‏ مليون جنيه في نهاية الخطة‏.‏