رانيا حفني: كشفت احصاءات المعهد القومي للقلب عن حقائق مخيفة بعد أن اكدت الأرقام تضاعف نسبة المعرضين للأزمات المفاجئة نتيجة لارتفاع ضغط الدم دون الوقوف صراحة علي أسباب هذه الحالات‏.‏ وبصفة يومية تستقبل العناية المركزة بالمعهد من‏(150‏ ـ‏200)‏ حالة حرجة بأزمة قلب‏!‏ كما تستقبل العيادة الخارجية ما يقرب من‏1500‏ حالة بالإضافة الي‏40‏ حالة قسطرة منها عشر حالات علي الأقل في حاجة لتوسيع الشرايين وتركيب دعامات فضلا عن اجراء‏6‏ عمليات جراحية في القلب المفتوح‏.‏
واذا كانت هذه الاحصاءات تم حصرها خلال يوم واحد‏.‏ كشفت كذلك سجلات المعهد القومي للقلب أن في السبعينيات كانت غالبية الحالات المترددة علي المعهد اما مصابة بروماتيزم القلب أو بعيوب خلقية فيه يليها المصابون بضغط الدم والشريان التاجي‏.‏ واليوم أصبحت أمراض الشريان التاجي تحتل المرتبة الأولي وأنتشارها أصبح علي نطاق واسع حتي أصبح يطلق عليها بدون مبالغة وباء العصر‏.‏
من جانبه يوضح الدكتور أحمد مجدي أستاذ القلب وزميل كلية أطباء القلب الأمريكية ورئيس الرعاية المركزة بمعهد القلب أنه منذ حوالي ثلاثين أو أربعين عاما كانت أمراض الشريان التاجي أكثر حدوثا في المجتمعات الغنية لارتباطها بالنظام الغذائي الملئ بالدهون وكذلك في الأعمار المتقدمة‏,‏ كما كان من المعروف أنها تصيب الرجال أكثر من النساء حيث أن السيدات يتمتعن بحماية طبيعية من الهرمونات وقلة تعرضهن لضغوط الحياة‏.‏ اما الآن فان الصورة تغيرت كثيرا حيث أصبح مرض الشريان التاجي يصيب الأعمار السنية الصغيرة من‏(30‏ ـ‏40‏ عاما‏)‏ فقط‏,‏ يصيب الأغنياء والفقراء علي حد سواء‏,‏ وكذلك يصيب كلا من الرجال والنساء اللاتي خرجن إلي مضمار العمل فزادت نسبة تعرضهم للضغوط النفسية والعصبية‏.‏
كما أصبحن من الفئات المدخنة‏,‏ فأصبحن تحتللن المرتبة الأولي أو الثانية للوفيات علي مستوي العالم‏.‏ ولكن ماهي أسباب الإصابات التي تؤدي إلي ترسبات ثم إختناقات الشريان التاجي؟‏.‏ يرجع الأطباء ذلك مع ارتفاع معدل الإصابة بأمراض الشريان التاجي إلي ارتفاع الكوليسترول بالدم‏,‏ ارتفاع ضغط الدم والبول السكري‏,‏ السمنة‏,‏ التدخين وكذلك إلي التاريخ المرضي للعائلة‏,‏ أضيف إلي تلك العوامل الضغوط النفسية التي تندرج تحت بند متطلبات وتحديات الحياة لصراعاتها‏,‏ تلوث البيئة وتغير نوعية الغذاء‏.‏
كذلك فان نوعية الإصابات قداختلفت وبالذات في الدول النامية فزادت الإصابات المنتشرة بالشرايين‏,‏ كما كثر حدوث الحالات الحادة مثل جلطة القلب‏,‏ الذبحة غير المستقرة التي يحدث فيها أكثر المضاعفات وكذلك الموت المفاجئ الذي ينهي حياة الف شخص يوميا علي مستوي العالم‏.‏ يؤكد ذلك كثرة الحالات التي تدخل يوميا إلي غرفة العناية المركزة‏.‏

*ضغط الدم
كما يوضح د‏.‏هاني عبدالرازق‏,‏ أستاذ القلب ونائب مدير المعهد القومي للقلب أنه وفقا للأحصائيات‏,‏ يعد أرتفاع ضغط الدم الذي يصيب‏5‏ ملايين مصري سنويا من أهم الأمراض التي تصيب شرايين القلب والمخ وتؤدي لانسداد شرايين الأطراف والكلي ومن ثم التأثير علي جميع أعضاء الجسم وحدوث الفشل الكلوي ونزيف المخ وجلطة القلب وتليف الكبد ـ المخيف أكثر هو أن ضغط الدم المرتفع مجهول السبب في‏95%‏ من المرضي ومع ذلك تلعب العوامل الوراثية وزيادة ملح الطعام دورا مهما في حدوث المرض‏.‏
وفي دراسة عن ذبذبة الأذين وعلاقته بجلطة المخ‏,‏ أوضح العلماء أنها أكثر الأسباب شيوعا لدخول المريض المستشفي‏.‏

*الكوليسترول
ويوضح الدكتور محيي العبادي‏,‏ دكتور أمراض باطنة وجراح القلب أن أرتفاع معدل الكوليسترول بالدم يعد من العوامل الخطيرة التي تؤدي إلي تصلب الشرايين سواء شرايين القلب التاجية أو شرايين المخ أو الشرايين الطرفية وذلك يسبب تراكمه داخل جدار الشريان والتعجيل بالإصابة بالجلطات أو انسداد الشريان‏.‏
ويضيف‏:‏ انه من أهم العوامل التي تساعد علي أرتفاع مستوي الكوليسترول بالدم‏:‏ الإفراط في تناول الدهون المشبعة‏,‏ زيادة الوزن وعدم ممارسة الرياضة‏,‏ كما أن هناك بعض الأمراض التي يصاحبها أرتفاع مستوي الكوليسترول بالدم مثل الإصابة بمرض السكر‏,‏ أمراض الكلي‏,‏ الغدة الدرقية والغدة الكظرية ويتم تشخيص ارتفاع معدل الكوليسترول عن طريق تحليل عينة من الدم لأجزاء الكوليسترول المتعددة وهي‏:‏ الكوليسترول الكلي‏,‏ منخفض الكثافة وعالي الكثافة والدهنيات الثلاثية‏.‏
كما يوضح د‏.‏خالد جودت‏,‏ أستاذ جراحات السمنة المفرطة بطب عين شمس أنه من الملاحظ زيادة معدلات السمنة المفرطة في مصر وهي تعني الزيادة لأكثر من‏40‏ كيلو عن الوزن المثالي للجسم مما يسبب قصور الشريان التاجي‏.‏
كما أضاف أنه تجري حاليا عمليات تدبيس وتحويل المعدة المساعدة علي خفض الوزن للمرضي بعد جراحة الشريان التاجي لضمان عدم الإصابة به مرة أخري‏.‏ وفي حالة عدم انخفاض نسبة الكوليسترول بعد كل ذلك ينصح المريض بتعاطي الأدوية المسبطة للأنزيم المسئول عن تكوين الكوليسترول مثل مجموعة الأستاتين‏.‏ أما الجديد فهو استخدام العقاقير التي تمنع امتصاص الأمعاء للعصارة المرارية التي تحتوي علي نسبة عالية من الكوليسترول وتساعد علي امتصاص الدهون كذلك أستخدام الهندسة الوراثية في تعديل الجينات‏.‏

*الضغط
وكشفت دراسة علمية حديثة عن أن ضغط الدم أثناء اليوم قد يصل إلي‏80/120‏ بينما أثناء النوم قد يقل إلي‏50/80‏ وهذا طبيعي‏,‏ ولكن الخطورة والمضاعفات التي تصيب مرضي القلب والضغط تتركز من الساعة‏6‏ ـ‏12‏ ظهرا‏,‏ فأصحاب الضغط العالي معرضون للإصابة بجلطة القلب واضطرابات النبض والسكتة القلبية والجلطة بالمخ ولذا فإن هناك ضرورة للسيطرة علي الضغط لمنع التعرض لهذه المضاعفات التي قد تودي بحياة المريض في لحظة‏.‏ فوفقا للأحصائيات أن ربع المصريين البالغين مصابون بالضغط وأن حوالي‏50%‏ من الشباب فوق‏25‏ سنة عندهم أرتفاع في ضغط الدم ويقدرون بحوالي‏8,5‏ مليون مصري‏.‏
وتؤكد الدراسة ان الأدوية المخفضة للضغط لا تحمي المريض من الخطر المتزايد في الصباح الباكر من أمراض القلب وتشمل الأزمات القلبية وموت القلب المفاجئ والذي يعتبر سبب الوفاة لحالة من كل ثلاث حالات علي مستوي العالم كما أن هناك‏16,7‏ مليون يموتون سنويا بسبب أمراض القلب‏.‏

*مؤشرات الإصابة
ويري الأطباء أن هناك بعض المؤشرات التي يمكن التنبؤ بها قبل حدوث الأزمة كما أن علاج الضربات المختلة للقلب لا يمثل مشكلة حيث يمكن إسعاف المريض بأبسط الوسائل ولكن تكمن الخطورة في حدوث أضطراب للقلب أثناء النوم والصباح الباكر نتيجة لأرتفاع مستوي الكورتيزون وزيادة التصاق الصفائح الدموية ولذا فان الأدوية الجديدة يمتد مفعولها حاليا ليوم كامل وبهذا تغطي الفترات الخطرة علي حياة المريض‏.‏ كما يحذر د‏.‏أحمد مجدي‏,‏ رئيس الرعاية المركزة بالمعهد القومي للقلب مرضي السكر‏,‏ الضغط‏,‏ الكوليسترول العالي والمدخنين عند الشعور بألم في الصدر له علاقة بالمجهود أو الانفعالات بمراجعة الطبيب فورا في حالة أستمراره لمدة تزيد عن عشر دقائق‏.‏
يندرج هذا تحت بند من يعلم بمرضه بالقلب وكذلك لمن لم يكتشف بعد ذلك‏,‏ فالألم في منطقة الصدر هو المؤشر رقم واحد ويجب علي ذوي المصاب بهذه الحالة الذهاب إلي أقرب مستشفي وعدم إعتبار ذلك عارضا عابرا سيزول فهناك ما يسمي بـ‏TimeWindow‏ أو نافذه الحياة والتي يقاس من خلالها مدي تحضر أي دولة ووعيها الكامل بتلك الأمور‏,‏ فمن المعروف أن المريض بالخارج ينقل فورا إلي أقرب مستشفي خلال عشر دقائق فقط مع وجود أي عارض في حين أن في مصر مثلا والدول النامية يتأخر المريض في الوصول الي المستشفي من‏4‏ إلي‏5‏ ساعات مما يعني زيادة معدل الضرر وعدم فعالية الدواء‏,‏ فمن المعروف أن الدواء تصبح فعاليته ضعيفة بعد مرور ست ساعات من بداية الألم‏.‏

*القلب النابض
شهدت جراحات القلب تطورا هائلا خلال السنوات العشر الماضية حتي أصبح من النادر أن يسافر مرضي القلب للخارج كما جرت العادة‏,‏ فمع التطور العلمي الهائل في مصر أصبح من السهل إجراء كل أنواع الجراحات بكل سهولة وأمان‏.‏ فعلي سبيل المثال شهد مجال توسيع الشرايين تطويرا هائلا فبعد أن كان بالبالون الذي كان يسبب مضاعفات ومنها تمزق الشريان‏,‏ ساعد تحسن مستوي الخبرة والتكنولوجيا الحديثة علي تفادي تلك المضاعفات من خلال استخدام الدعامات التي أصبحت تغني عن اللجوء إلي الجراحة‏,‏ كما أن هناك أدوية حاليا تمنع التجلطات وكذلك هناك الدعامات الذكية التي تمنع رجوع ضيق الشرايين مرة أخري‏.‏
تعد كذلك جراحة القلب النابض إحدي الجراحات الحديثة التي يصل النجاح فيها إلي‏98%‏ وبدون استخدام للقلب الصناعي لزراعة الشرايين التاجية للقلب‏,‏ وذلك بالمخدر الموضعي ومن خلال فتحة لا تزيد علي‏10‏ سنتيمترات بالصدر‏.‏ فتحت هذه الجراحة باب الأمل أمام مرضي الشرايين التاجية المصابين بالسكر والرئة وكبار السن‏,‏ حيث أصبحت الجراحة آمنة ونتائجها أعلي‏.