مع اقتراب الموعد الافتراضي لإقرار قانون الانتخاب من قِبل الحكومة، وفيما لا تزال ماكينة السلطة تشتغل لإيجاد التقسيمات الانتخابية المناسبة، وبينما لم تتوصّل مساعي "التسوية" بين أطراف الموالاة إلى نتيجة حاسمة حتى اللحظة بين مريدي القضاء وطارحي المحافظة والداعين إلى "الوسطى"، وفي ظل كلام تردّدت أصداؤه في الأيام الأخيرة عن استنفار دعي إليه الموالون لتغليب هدف تحجيم المعارضة على ما عداه، برزت أمس مجموعة إشارات لافتة.
أولى الإشارات ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ"المستقبل" لجهة أن "لا شيء بعد على صعيد قانون الانتخاب، فالقانون لا يزال في مرحلة التكوين بل لا يزال في مرحلة الهيولى"، مستبعداً حصول تطوّر بارز على هذا الصعيد "أثناء وجودي في المملكة العربية السعودية التي أزورها بدعوة رسمية وقبل عودتي منها".
رسالة البطريرك
أما الإشارة اللافتة الثانية، فتمثّلت في الرسالة التي وجّهها البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير إلى "لقاء قرنة شهوان"، وافتتح المطران يوسف بشارة الاجتماع بها أمس، وتتضمن دعوة إلى "القرنة" لـ"التضامن داخلها وبينها وبين شركائها الآخرين" في ضوء "اللحظة الوطنية" الراهنة، كما ذكر مشاركون في الاجتماع لـ"المستقبل".
وبالإضافة إلى ذلك، عُلم ان اجتماع "القرنة" تداول في خطة التحرك التي صاغتها لجنة المتابعة لـ"لقاء البريستول" وكلّف أمانة السر متابعتها. كذلك ساد اتفاق عام داخل "اللقاء" على ضرورة "الجهوزية الكاملة بالنسبة إلى المسألة الانتخابية"، وعلى تعزيز اتصالات التنسيق مع أطراف المعارضة.
وفي السياق نفسه، أكد عضو "لقاء قرنة شهوان" سمير فرنجية ان "المعارضة بدأت باتصالات مع العديد من القوى التي ترغب بالتغيير عن طريق انتخابات حرّة ونزيهة". وأوضح ان الاتصالات ستشمل "حزب الله" و"الجماعة الإسلامية" و"التيار الوطني الحرّ" و"التكتل الطرابلسي" و"اليسار"، لافتاً إلى ان الأسبوع المقبل سيشهد تكثيفاً لهذه الاتصالات.
"حزب الله"
أما الإشارة اللافتة الثالثة فتجلّت في ما أعلنه نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، إذ قال "أشرنا في السابق إلى اننا مع قانون على أساس الدوائر الوسطى أو مع نظام يؤدي إلى انتخابات على قاعدة النسبية"، وأضاف "نؤكد اليوم اننا مع قانون متوازن وعادل ومتساو في كل الأراضي اللبنانية لا يميّز بين محافظة وأخرى ولا بين دائرة وأخرى (..)".
وفي معلومات خاصة بـ"المستقبل" ان "حزب الله" الذي لا يعلن جديداً في دعوته إلى وحدة المعيار في قانون الانتخاب، بات في الآونة الأخيرة ناصحاً لكلّ المعنيين بإنتاج القانون باعتماد معيار واحد، معتبراً ان ذلك أمر أساسي في تأكيد نزاهة السلطة، مركّزاً على هذه النقطة بالتحديد أكثر من تركيزه على شكل الدائرة الانتخابية على الرغم من ميله إلى الدوائر الوسطى التي بدا انّه تحدّث فيها مع رئيس الحكومة عمر كرامي لدى زيارته الأمانة العامة للحزب ولقائه الأمين العام السيد حسن نصرالله. وفي المعلومات أيضاً ان الموقف الذي أطلقه قاسم أمس يظلل تحركاً بعيداً عن الأضواء لقيادة الحزب باتجاه المعنيين لحثّهم على المعيار الواحد الذي لا توحي به المشاريع المتداولة للتقسيم الانتخابي.
"اللقاء اللبناني للحوار"
في مجال آخر، ينعقد اليوم "اللقاء اللبناني للحوار" الذي يشارك فيه ممثلون عن تيارات سياسية عدة وعن مرجعيات دينية، وذلك بعد انقطاع طويل عن الاجتماع.
وسبق الاجتماع اعداد مسودّة أفكار من قبل أعضاء في "اللقاء" لعرضها عليه تتضمّن نقاطاً يمكن أن تشكّل أساساً لبيان يصدر عنه بموافقة اعضائه.
وقالت مصادر في اللقاء لـ"المستقبل" ان "المسودّة ليست وثيقة سياسية تضاف الى وثائق اللقاء، بل هي تتضمن نوعاً من الضوابط للصراع السياسي مع تحديد لمرجعيات هذا الصراع والتي يفترض الاحتكام اليها، وهي لا تذكر الأمور الخلافية الحادة".
مصادر أخرى توقّعت أن يشهد اجتماع اليوم "جولة في المشهد السياسي في سبيل تحديد مكامن الخطر على الوضع في لبنان"، وأضافت ان "ثمة تفكيراً مطلوباً بآليات تضع الحوار على سكة صحيحة بما يخرج العناوين السياسية من الاصطفافات المؤذية وبما يعزّز الوحدة الوطنية". ولفتت الى أن "الأساس والجوهر هو الطائف". وأوضحت ان "النقاش لن يكون محدداً بتوقيت أي أن اللقاء اليوم ليس مطلوباً منه أن يسلق النقاش لإصدار بيان بل المطلوب هو التعمّق في النقاش لبلورة التقاطعات وبعد ذلك يكون البيان".
الشيوعيّون
على صعيد آخر، أصدر "الحزب الشيوعي اللبناني" و"منظمة العمل الشيوعي" بياناً مشتركاً أمس بعد لقاء وفدين منهما برئاسة الأمينين العامين خالد حدادة ومحسن ابراهيم.
وفي هذا البيان يعلن التنظيمان الشيوعيان فرز نفسيهما عن المعارضة الملتقية حول الوثيق المشتركة التي أذيعت في "لقاء البريستول"، ويعلنان بشكل واضح توجّههما إلى ما يمكن تسميته "قوة ثالثة". فإذ ناقشا "الأخطار المتفاقمة التي يواجهها لبنان تحت وطأة انفلات خطة التلاعب الأميركي بمصيره من ناحية واستمرار النهج الخاطئ في العلاقات اللبنانية ـ السورية"، أكدا "رفض منطق المراهنين على انقاذ أميركي موهوم ومزعوم ومسلك الملتحقين بسياسة الهيمنة"، وأعلنا "التمسّك باستقلاليتهما الحازمة عن الأطر المعبّرة عن هذين التوجهين الخطرين والعمل على رفد هذه الاستقلالية بأوسع قوى لبنانية (..)".