ريما المسمار: من المعروف ان حركة دور العرض السينمائي تحتل ركناً اساسياً في المشهد السينمائي لاسيما في البلدان "المستوردة" للسينما، او بمعنى آخر غير المنتجة لها. صحيح ان تلك الحركة تتفوق أكثر في البلدان ذات الصناعات السينمائية مثل اميركا، الا انها تختلف في الاخيرة من حيث انها ترصد حركة انتاجاتها بين جمهورها الطبيعي. بمعنى آخر، هناك تكامل بين حركتي الانتاج والعرض هناك بينما تميل كفة الميزان هنا الى مؤشر الاستهلاك في غياب التيارات الانتاجية. فالجمهور المحلي متلقٍ بامتياز كما هو الجمهور الاميركي والاوروبي ربما، مع فارق اساسي هو ان السوق المحلية ليست سوقاً اساسية للنتاجات الهوليوودية. ونادراً ما تدخل السوق المحلية في حسابات المنتجين او تشكل فارقاً عند احتساب مداخيل الأفلام خارج اميركا لأسباب تتراوح بين صغر هذه السوق وتأخر وصول الافلام اليها في معظم الأحيان. على انه ليس اكتشافاً القول ان السوق السينمائية اللبنانية تشكل ركناً اساساً بين الدول العربية وربما الشرق اوسطية من حيث عدد صالاتها المتزايد (آخرها افتتح خلال الصيف المنصرم ويضم تحو سبع صالات في مجمع تجاري ضخم) وجمهورها المتنوع والارتفاع النسبي لسقف الرقابة والممنوعات عنه في مناطق مجاورة مما يسمح بوصول عدد اكبر من الافلام. ولعل حركة عرض العام المنصرم تؤكد ذلك بارتكازها على فيلمين اساسيين، أثارا مشكلات جمة في اماكن كثيرة لدى عرضهما: "آلام المسيح" و "فهرنهايت 11/9" واللافت انهما في صدارة الافلام الاكثر دخلاً للعام 2004 في لبنان واميركا وبلدان أخرى. هنا جولة على "سينما 2004" كما تبدت في الصالات المحلية مع اشارة الى الافلام الاولى على شباك التذاكر الاميركي خلال العام المنصرم.
فيلمان حدثان
غالباً ما يقتصر الكلام على العروض التجارية في الصالات المحلية على أفلام لاقت جماهيرية اكثر من سواها. فللأسباب نفسها المذكورة (ضيق السوق وتأخر وصول الانتاجات واقتصارها على انتاجات هوليوود...)، لا تتعدى تلك الافلام كونها افلاماً، جماهيرية او غير جماهيرية. الفيلم الحدث نكاد لا نجد له مرادفاً عندنا الا من حيث هو انعكاس لشهرة عالمية مصدرها اماكن اخرى كما كانت حال "تايتانيك" مثلاً. وحتى الحدث في تلك الحالة لا يتجاوز النطاق المحلي الصرف، حيث لا سبيل الى مقارنة الرقم القياسي الذي قد يسجله فيلم في صالاتنا مع ذاك الذي يسجله في اميركا او في بلد اوروبي. على ان العام 2004 حمل حدثين سينمائيين تخطى وقعهما الشكل الارتدادي المعتاد، اي اصداء الشهرة العالمية، الى صناعة رد الفعل. بل ان تأثير كل منهما اكتسب ملامح خاصة في كل مكان حيث علت ردود الفعل المتباينة تجاههما فامتدت دائرة الحدث لتشمل الكل بدون استثناء. اما الحدثان فهما "آلام المسيح" و"فهرنهايت 9/11" واما تأثيرهما فمتفاوت الشكل والنسبة مع تشاركهما على أرضية تشكيل منهما حالة خاصة. احتل "آلام المسيح" المرتبة الاولى على شباك التذاكر اللبناني بنيف و 263 الف مشاهد ليحل ثانياً في لائحة الافلام الاكثر جماهيرية في تاريخ العروض التجارية المحلية بعد "تايتانيك" المحتفظ بالرقم القياسي (اكثر من اربعمئة الف مشاهد في لبنان). بدأت عروض الفيلم في بيروت في 18 آذار/مارس اي بعد اقل من شهر من انطلاق عروضه الاميركية وسط نقاشات حادة كانت نعتت الفيلم بداية بالمعادي للسامية. والمعروف ان الشريط من انتاج مستقل، موله مخرجه الممثل مل غيبسن ولم يلقَ موزعاً الا بعد اخذ ورد بسبب مهاجمته بشدة لاسيما من قبل اليهود في العالم. الفيلم الذي يروي الساعات الاثتني عشرة الاخيرة في حياة المسيح، افاد من التيار الديني المعاكس وتحديداً المسيحي المحافظ الذي اشاد بالفيلم قبل مشاهدته حتى وحول تسويقه وانجاحه مهمة الهية، شاركت فيها الكنائس والمجموعات الدينية والمدارس وسواها من الجهات المهتمة بالسينما فقط من باب معالجتها اموراً ذات طابع ديني او اخلاقي واعظ. بهذا المعنى، حاز الفيلم حملة ترويجية كبرى من قبل مهاجميه ومن قبل المشيدين به. حتى غيبسن سوق الفيلم غامزاً من قناة المتدينين اذ صرح في واحد من حواراته الكثيرة ان "الروح القدس" كانت تعمل معه على الفيلم وان انجاز الفيلم هو بمثابة "مهمة الهية". في لبنان كما في اماكن كثيرة اخرى، حظي الفيلم بعروض خاصة موازية لعروضه التجارية في المدارس والكنائس ولحساب مجموعات خاصة. ولكنه برغم ذلك لم يلاقِ التوقعات من انه سيتخطى "تايتانيك" ليصبح الفيلم الاعلى دخلاً في تاريخ السينما. ترافق خروج الفيلم مع ضجة كبرى اثارها تسرب نسخ "دي.في.دي" مقرصنة، قام شاب في احدى دور العرض الاميركية بتصويره بواسطة كاميرا رقمية صغرى وتوزيعه عبر الانترنت. لعب دور المسيح في الفيلم الممثل جايمس كافيزل وكان لافتاً ان العمل ناطق بالآرامية واللاتينية فقط. على صعيد نقدي، لم يحصد الفيلم الاجماع الذي حصده جماهيرياً. بعضهم اعتبره عنيفاً واعظاً اكثر منه عملاً سينمائياً فنياً. ولعل خروجه خالي الوفاض من ترشيحات "الكرة الذهب" الاخيرة وما يتردد عن مصيره المشابه مع ترشيحات الاوسكار المقبلة يشير ليس فقط الى استقباله النقدي المتواضع وانما الى معضلة التعاطي معه كعمل طاغي الموضوع والمعالجة. تنسحب السمة الاخيرة على شريط مايكل مور "فهرنهايت 11/9" الوثائقي الذي حل تاسعاً علي شباك التذاكر اللبناني بنيف وسبعة واربعين الف مشاهد بينما حل في المرتبة السادسة عشرة في اميركا بثلاثمئة وسبعين مليون دولار نظراً الى المنافشة الشديدة. فالموضوع هنا كان هو الآخر المحرك الأكبر لجماهيرية الفيلم من دون ان ننسى شخصية مخرجه. فهذا الرجل اثار العالم قبل ثلاثة اعوام عندما اعتلى منصة مهرجان كان السينمائي الدولي لدى تسلمه جائزة خاصة عن شريطه الوثائقي السابق "بولينغ من اجل كولومباين" وصاح "العار عليك يا بوش!" مرة ثانية في "فهرنهايت"، يستثمر مور اسم بوش هذه المرة ليعيد صوغ الخيوط المخفية لأحداث 11 ايلول وحربي افغانستان والعراق وربطها في ما يشبه التحليل والاستنتاج. غني عن القول ان توقيت خروج الفيلم بعد عام واحد على حرب العراق ووسط الكراهية المتزايدة تجاه جورج بوش، من جهة العرب على الاقل، لعبا الدور الأكبر في منح الفيلم قوة دافعة زادت من تأثيرها "السعفة الذهب" التي مُنِحها الفيلم في مهرجان كان في سابقة خلال تاريخه تمثلت بمنح شريط وثائقي أرفع جوائزه. هنا ايضاً لعب المخرج دوره في ربط فيلمه بقدر او قيمة تتعداه. فكما اعتبر غيبسن فيلمه مهمة الهية، حمل مور فيلمه مسؤولية التأثير في اصوات الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية الاميركية. يتشابه شريطا غيبسن ومور في اكثر من ذلك؛ كلاهما جذب الى دور العرض جمهوراً ليس بالضرورة سينمائياً سواء بواسطة الدين او السياسة، وافادا من عروض خاصة لجماعات سياسية ودينية. وكلاهما ولد نقاشاً حول احتمال اطلاقه تياراً سينمائياً. ولئن لم تظهر بعد المؤشرات الى تيار افلام دينية، فقد تأكد اسهام "فهرنهايت" في تعزيز ـ لا اقول ابتكارـ تيار الافلام الوثائقية. فمع النجاح الكبير غير المسبوق الذي حققه على شباك التذاكر الاميركي كالفيلم الوثائقي الاول في تاريخ السينما الذي يصل الى مئة مليون دولار، بدا وكأن موجة كاملة من الافلام الوثائقية تشق طريقها بسهولة كبرى الى شاشات العرض حتى اعتبر العام 2004 من قبل مراقبين ومتخصصين عام الافلام الوثائقية السياسية بشكل خاص. ربما من الصعب تحديد الدور الذي لعبه "فهرنهايت" في تعزيز جماهيرية الافلام الوثائقية السياسية الاخرى، ولكن بشيء من التعميم يمكن القول انه نشر حالة من الرغبة الجماعية في اكتشاف خبايا السياسة الاميركية، عززتها اجواء الانتخابات التي وسمت العام 2004. وكلا الفيلمين واجه نقداً مشابهاً هو اعلاؤه الموضوع على الشكل الفني. فكما "آلام المسيح"، لم ينجُ "فهرنهايت" من النقد الذي طاول بشكل خاص لهجته الساخرة غير المدعمة بالحقائق الدامغة تجاه بوش فيما اعتبره بعضهم بمثابة الثأر الشخصي لمور من بوش. ينتظر فيلم مور هو الآخر مصيره في ترشيحات الاوسكار القريبة اذ يصر صاحبه على ترشيحه في فئة افضل فيلم لينافس افلاماً روائية اخرى مع العلم ان هناك فئة خاصة بالافلام الوثائقية ولكن مور ربما يجد الخوض فيها مؤكد النتائج وتالياً غير جدير بالجهد.
التوب تن
بين "آلام المسيح" و"فهرنهايت 11/9"، تتوزع المراتب على افلام تتقاسم روحية شبه موحدة. من اللافت بمكان كيف ان الفيلم الاول في شباك التذاكر يحدد بشكل او بآخر نوعية الافلام الاخرى ويتحول مؤشراً الى ذائقة الجمهور خلال العام. هكذا بدا مثلاً ان تصدر جايمس بوند بفيلم "مت في يوم آخر" Die Another Day للائحة افلام 2002 مؤشراً الي ميل الجمهور الى الحركة حيث تبعته في المراتب اللاحقة افلام من النوع عينه مثل "سبايدرمان" و"خلف خطوط العدو" Beyond Enemy Lines وسواهما. بالطبع هناك من سيعتبر العكس صحيحاً اي ان اجتماع عدد من افلام الحركة الجيدة في عام واحد سيسهم حتماً في تحديد الذائقة الجماهيرية بالنوع. لعل ذلك صحيح ولكنها ملاحظة قيد المراقبة. العام 2003 مثلاً كان عام الكوميديا اذ تصدر شباك التذاكر عادل امام بفيلمه "التجربة الدانماركية" ولحقته افلام من طراز Johnny English وBruce Almighty وBad Boys و Anger Management وجميعها من النوع الكوميدي. بالنسبة الى سنة 2004، يمكن القول ان مزاج "آلام المسيح" خيم عليها اذ تكمل افلام اللائحة بمزاج تاريخي ملحمي. في المرتبة الثانية بعد "المسيح"، حل Troy (109.176 مشاهداً) للمخرج وولفغانغ بيترسن الذي يروي فصلاً من فصول حروب طروادة مع براد بيت في دور "أخيل" بدرعه المعدني وسمرته الداكنة بعد غياب غير قصير عن الجمهور المحلي منذ The Mexican . المرتبة الثالثة شغلها The Last Samurai (89.383 مشاهداً) للمخرج ادوارد زويك والممثل توم كروز العائد الى الشاشة بكل مؤهلاته الجسدية بعد دوره في Minority Report قبل عامين لستيفن سبيلبورغ. في المرتبة الرابعة، جاء Spiderman 2 (83.194 مشاهداً) اي بفارق بسيط عن الجزء الاول الذي حل في المرتبة الثانية للعام 2002 بخمسة وثمانين الف مشاهد بما يجعل العام 2004 متفوقاً على سابقيه من حيث اعداد المشاهدين. فما حققه بوند قبل عامين في المرتبة الاولى يقارب جماهيرية Troy للعام الفائت وما جناه عادل امام العام 2003 في المرتبة الاولى يصل الى مجموع ما حصده 2 Spiderman في المرتبة الرابعة. بالعودة الى "توب تن" 2004، استقر في المرتبة الخامسة The Day After Tomorrow (70.886 مشاهداً) وهو من الافلام التي تتناول الكوارث الطبيعية حيث يضرب نيويورك عصراً جليدياً يهدد بابادة الحياة فيها. الفيلم احتل المرتبة السادسة في شباك التذاكر الاميركي وسط استغراب كثيرين اعتقدوا انه تعدى التوقعات. في المرتبة السادسة عودة الى التاريخي والملحمي مع King Arthur لأنطوان فوكوا (56.528 مشاهداً) والممثل كلايف اوين في دور الملك الاسطورة. على الرغم من ان الفيلم لا يقدم اسماء نجوم كبار الا انه منسجم مع المزاج العام للذائقة الجماهيرية للعام المنصرم. وفي المرتبة السابعة "عريس من جهة أمنية" (55.712 مشاهداً) آخر افلام النجم عادل امام. كسابقه، "التجربة الدانماركية"، دخل الفيلم المنافسة في وقت متأخر خلال آخر اشهر السنة ولكنه مع ذلك يجد مكانه بين الانتاجات الضخمة والجماهيرية لارتكازه الى جمهور ثابت هو جمهور عادل امام. اما المرتبة الثامنة فتسجل عودة "سيد الخواتم" بجزئه الأخير "عودة الملك" (52.018 مشاهداً) الى "التوب تن" بعد ان غاب عنها الجزء الثاني للعام 2003 . وبعد "فهرنهايت 11/9" (47.180 مشاهداً) في المرتبة التاسعة يأتي الشريط الرومنسي Shall We Dance? (46.217 مشاهداً) مع ريتشارد غير وجينيفر لوبيز ليختتم لائحة الافلام العشرة الاكثر جماهيرية للعام 2004. ولعله من اللافت ان نسجل هنا الحضور الدائم لفيلم رومنسي واحد على الاقل بين الافلام التي تلقى الرواج الأكبر، اذ تبقى للسينما قيمة جوهرية في المخيلة تتمثل بكونها المكان الأجمل لقصص الحب وللمحبين. في هذا السياق يمكن تفسير حضور Maid in Manhattan في لائحة العام 2003 وUnfaithful في سابقها.
شباك التذاكر الاميركي
على شباك التذاكر الاميركي، نجد اختلافات بينة. فالغلبة هناك لافلام الجزئيات اذ نعثر بين الافلام العشرة الاولى على خمسة تمثل اجزاء تابعة لافلام سابقة الشهرة ونقع في المقابل على أربعة أفلام من نوع التحريك. ففي المرتبة الاولى، حل Shrek 2 وتلاه Spiderman 2 ومن ثم "آلام المسيح" في الثالثة وThe Incredibles في الرابعة قبل العودة الى Harry Potter and the Prisoner of Azkaban في المرتبة الخامسة. حل The Day After Tomorrow في السادسة وThe Bourne Supremacy، الجزء الثاني من The Bourne Identity، في السابعة وفي الثامنة جاء Meet the Fockers، الجزء الثاني من Meet the Parents. وفي المرتبتين التاسعة والعاشرة جاء Shark Tale وThe Polar Express تباعاُ. لعل اللافت في هذه اللائحة اذاً انقسامها بين افلام الجزئيات وافلام التحريك بما يشير الى نوعية الجمهور. فجمهور التحريك هو العائلة بأسرها وليس الأطفال فقط كما هي الحال عندنا مثلاً. أضف الى ذلك ان بعض افلام التحريك يقوم بشكل اساسي او نسبي على الكوميديا كما هي الحال مع افلام مثل Shrek 2 وShark Tale. واما جمهور افلام الجزئيات فيتنوع بين المراهقين ومحبي الأنواع بحسب الفيلم. بهذا المعنى، يسجل العام 2004 على شباكي التذاكر اللبناني والاميركي تراجعاً لافلام الرعب والكوميديا الرومنسية وحتى الكوميديا في ما عدا الكوميديا المتمثلة في بعض افلام التحريك. على ان الاخيرة تعاود الظهور في العشريتين الثانية والثالثة (المراتب بين 11 و30) في شباك التذاكر اللبناني حيث تحضر افلام من نوع: "هاري بوتر"، Shrek 2، the Around World in 80 Days، The Terminal، Princess Diaries 2، 50 First Dates، 3 Scary Movie، The Village... كما ان كلا اللائحتين اللبنانية والاميركية تشير الى تراجع جماهيرية الافلام القائمة على النجوم. ففي شباك التذاكر اللبناني النجوم شخصيات حقيقية مثل بوش والمسيح وفي الاميركي يطغى النوع وجماهيرية الجزء الاول على حضور النجوم.
افلام على الهامش
يتفوق العام 2004 على سابقيه ليس فقط من خلال عدد رواد السينما انما ايضاً من خلال عدد الافلام التي عُرضت خلاله والتي وصلت الى نحو 210 افلام في مقابل 204 افلام للعام 2003 و178 فيلماً لسنة 2002. لا يمكننا ان نغفل هنا أحد اسباب ارتفاع عدد الافلام والرواد والعائد الى افتتاح مجمع سينمائي جديد يضم نحو سبع صالات في المركز التجاري ABC بمنطقة الاشرفية. بالطبع، تخضع هذه الارقام لفروقات بسيطة مقارنةً بالواقع اذ ثمة افلام لا تدخل في التعداد بسبب عرضها في صالات مستقلة عن حركة الصالات الاساسية وتحديداً صالات شارع الحمراء القليلة العاملة. فهناك، يمكن المشاهد ان يصادف عرض فيلم لم يُعلن عنه او ان يٌفاجأ برفع آخر بعد مضي ايام معدودة على اطلاقه. وتلك مسألة تبقى عصية على الحل كما على النقاش السوي اذ تتداخل فيها عناصر لا حصر لها ليس اقلها مصير سوق الافلام العربية وموزعيه وشروط العرض التقنية والجمهور الذي هجر المنطقة مع انتشار ظاهرة المراكز التجارية. من المجحف بمكان كما هو من التسطيح ان تُحصر مؤشرات العام السينمائية بالافلام التي لاقت الرواج الجماهيري الاوسع. ففي ظل ارتهان حركة دور العرض بأفلام اللون الواحد واسهام ذلك في تحديد نوعية الجمهور الذي يرتاد الصالات وسواها من العوامل المؤثرة، تبقى الافلام التي تلقى الجماهيرية رهينة تلك الشروط. ولكن شريحة من الاقلية السينمائية، اذا جاز التعبير، تمارس حقها في الخروج على تلك الشروط من دون ان يؤثر صوتها في دفع ذائقتها المختلفة الى الواجهة التي تحتكرها الافلام السائدة: خلف تلك، ثمة عدد من الافلام المختلفة التي خرجت في الصالات خلال العام المنصرم. لعله من الضروري هنا الاشارة الى تدني نسبة الافلام النوعية التي وصلت صالاتنا خلال 2004 والكلام هنا يطاول غياب الافلام الاوروبية والعربية والاميركية المستقلة التي لا تجد لها موزعاً او مكان عرض الا التجاري والسائد فتذهب ضحيةً للعبة الكم السائدة فيه. من افلام 2004 التي تميزت فنياً عن سواها، نذكر: Lost in Translation لصوفيا كوبولا الذي حازت عنه اوسكار افضل سيناريو وتحولت بفضله المرأة الاولى الحاصلة على ترشيح لاوسكار افضل مخرجة؛ 21 Grams للمكسيكي ايناريتو؛ In the Cut للاوسترالية جاين كامبيون صاحبة The Piano الذي قدم ميغ راين في اداء لافت مختلف عن ادوارها الخفيفة؛ The Barbarian Invasions لدوني اركان؛ Mystic River لكلينت ايستوود الذي خرج اواخر العام 2003؛ Kill Bill Vol.2 لكوينتن تارانتينو مستكملاً الجزء الاول في الاطار عينه من مزج اسلوب افلام العصابات بالفنون القتالية بالتحريك؛ Collateral لمايكل مان مع توم كروز في شخصية قاتل بارد الاعصاب وجايمي فوكس في دور الرجل السلبي الذي يقع ضحيته؛ Life is a Miracle لامير كوستوريكا الذي خرج لفترة وجيزة اواخر العام وفي صالة واحدة. ولكن التراجع البين والمتزايد عاماً بعد آخر للأفلام غير التجارية في الصالات يشير الى خلل حقيقي. فعلى الرغم من كثرة المهرجانات التي تُعنى بالنتاج السينمائي غير الهوليووي، الا ان ثراء الحركة السينمائية يفرض ان تكون هذه الافلام متوافرة للجمهور السينمائي العريض. شهد العام الفائت تراجعاً اكبر لحضور الافلام غير السائدة خارج المهرجانات الخاصة قياساً بسابقيه. ففي العام 2001 قدمت انتاجات خارج السائد معظمها فرنسياً ("جريمة في الجنة"، LA BOITE، BELLE MAMAN... ) وأخرى مثل الايطالي "غرفة الابن" للايطالي ناني موريتي و"طعم الكرز" للايراني عباس كياروستامي. و "النفوس القوية" لراوول رويز، وشريط ايريك رومر "الانكليزية والدوق" والتونسي "قوايل الرمان" و شريط الايطالي جيوسيبي تورناتوري "مالينا" مع مونيكا بيللوتشي. كذلك حمل العام 2003 بعضاً من تلك الانتاجات غير السائدة وان بنسبة اقل مثل: decalage horaire، fanfan la tulipe، rue des plaisirs،une femme de menage وتميز منها and now ladies and gentlemen لكلود لولوش وswimming pool لفرونسوا اوزون. الى تلك الاعمال الفرنسية، شهدت الصالات عروض الفيلم الكندي "آرارات" الذي استقطب جمهوراً كبيراً نسبياً بسبب موضوعه عن المجازر الارمنية والسويدي "يللا يللا"... بهذا المعنى، يبدو تراجع "السينما الاخرى" فادحاً للعام 2004 ومنذراً باختفائها التام لصالح الافلام التجارية البحتة في ظل غياب خطة توزيع بديلة واماكن عرض بديلة.
بمحاذاة تلك الافلام، تقع الافلام العربية المصنفة هي الاخرى خارج التيار السائد ليس بسبب مقوماتها الفنية بل بسبب اعراض الجمهور عنها في معظم الاوقات. ثمة استثناءات بالطبع قليلة جداً تطل بين الحين والآخر من دون ان تغير مسار الفيلم العربي بين الجمهور. شهد العام المنصرم عرض عدد من الافلام العربية ابرزها: "باب الشمس" ليسري نصر الله الذي عرض في جزءين منفصلين بفاصل اكثر من شهرين ولم يتعدَّ جمهوره ألفي مشاهد؛ "اسكندرية نيويورك" ليوسف شاهين وهو اكثر افلامه الاخيرة جماهيرية في بيروت حيث حصد نيفاً وتسعة آلاف متفرج؛ "زنار النار" لبهيج حجيج الذي جذب نحو الفين ومئة متفرج؛ الى الافلام المصرية الاخرى الخفيفة مثل "سنة اولى نصب" و"تيتو" و"حب البنات" و"خالتي فرنسا" و"فول الصين العظيم"...

توب تن 2004
1shy;Passion of the Christ (263.029 مشاهداً)
2shy;Troy (109.176 مشاهداً)
3shy; Last Samurai(98.383 مشاهداً)
4shy; Spider-Man 2 (83.194 مشاهداً)
5shy; The Day After Tomorrow (70.886 مشاهداً)
6shy; King Arthur (56.528 مشاهداً)
7 shy; "عريس من جهة امنية" (55.712 مشاهداً)
8shy; Lord of the Rings: The Return of the King (52.018 مشاهداً)
9shy; Fahrenheit 9/11 (180، 47 مشاهداً)
10shy; Shall we Dance?(46.217 مشاهداً)