واشنطن من هشام ملحم: اثارت محاولات بعض المسؤولين السوريين واللبنانيين تقليل المكانة التي احتلها لبنان، وتحديداً قرار مجلس الامن الرقم 1559، في المحادثات التي اجراها نائب وزير الخارجية الاميركي ريتشارد ارميتاج مع الرئيس السوري بشار الاسد وغيره من المسؤولين السوريين، استياء المسؤولين الاميركيين الذين رأوا في هذه المحاولات التي انعكست في تصريحات رسمية او تسريبات الى الصحف، مسعى لتضليل الرأي العام اللبناني، الامر الذي دفع السفارة الاميركية في بيروت الى اصدار بيانها في هذا الشأن قبل ايام.
وهذا ما اكدته امس مديرة قسم مصر وشرق المتوسط في وزارة الخارجية اليزابيت ديبل، اذ قالت لـ"النهار": "هذه القراءات غير صحيحة اطلاقاً لما حدث. ونائب الوزير ارميتاج نقل رسالة واضحة وقوية الى الرئيس الاسد عن جدية الولايات المتحدة في تطبيق القرار 1559". واضافت في تحذير لسوريا ومؤيديها في لبنان، ان واشنطن لن تتسامح مع اي محاولات ترهيبية للتأثير على الانتخابات النيابية المقبلة التي ستراقبها عن كثب "وسوف نحمّل سوريا واولئك اللبنانيين الذين يدعمونها مسؤولية اي محاولات للترهيب الجسدي للشخصيات اللبنانية. كما سنحمّلهم مسؤولية اي شيء يؤدي الى التدخل في اجراء عملية انتخابية حرة ونزيهة".
وأكدت ان الوضع في لبنان والقرار 1559 هما مسألتان "أثيرتا بشكل بارز، وكان نائب الوزير ارميتاج واضحا الى اقصى الحدود، واذا أسيء تفسير هذه الرسالة في دمشق أو في بعض الدوائر في بيروت، فهذه غلطة جدية منها".
وأوضحت ان ما سمعه أرميتاج ووفده من المسؤولين السوريين في هذا الشأن "هو الموقف السوري التقليدي. لكن الرسالة الاميركية كانت واضحة وجلية، ونائب الوزير شدد مجددا على الاصرار الاميركي على التطبيق الكامل للقرار 1559".
ولفتت الى "هذه القضية لن تختفي اذا اعتقد السوريون واللبنانيون انهم يستطيعون ان يطمروا رؤوسهم في الرمال. اسلوب النعامة في طمر رأسها في الرمال لتجاهل الحقائق لن ينجح".
ونفت بشدة التصريحات والتلميحات والتسريبات التي جاء فيها ان موضوع لبنان بُحث فيه بشكل عابر، أو ان موقف واشنطن من تطبيق القرار 1559 قد تغير او سيتغير بعد زيارة أرميتاج.
وأعلنت ان واشنطن غير مهتمة بأي مقايضات مع سوريا في شأن لبنان، من نوع ان اي تعاون سوري في ضبط الحدود السورية العراقية، أو وقف نشاطات العناصر البعثية العراقية الناشطة في الاراضي السورية، يمكن ان يؤدي الى انحسار الاهتمام الاميركي بالوجود السوري العسكري في لبنان او القرار 1559. وأضافت: "نحن لسنا في السوق"، وذكرت كلمة "السوق" بالعربية.
وعما أوردته مصادر اخرى عن احتمال دفع واشنطن نحو تقريب موعد صدور التقرير الدوري للأمم المتحدة عن تطبيق القرار 1559، لم تنف ديبل هذا الاحتمال، واكتفت بأن حكومتها ستدرس هذه المسألة مع المقرر تيري رود لارسن الذي سيعد التقرير.
وكانت هذه المصادر قالت ان واشنطن ستثير مسألة تطبيق القرار 1559 خلال مناقشة مجلس الامن التمديد لقوة الامم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان "يونيفيل" في نهاية الشهر الجاري، لأن ثمة عناصر متداخلة بين المسألتين "مثل ضرورة انسحاب القوات السورية من لبنان، ونشر الجيش اللبناني في الجنوب".
وعن احتمال فرض عقوبات اضافية على سوريا تبدأ بالمصرف التجاري السوري، الذي تتهمه السلطات الاميركية بتبييض اموال عناصر عراقية تنتمي الى نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، كررت ديبل ما قاله الاربعاء المسؤول في وزارة الخزانة الاميركية ستيوارت ليفي من ان فرض مثل هذه العقوبات على المصرف التجاري السوري، وهو المصرف الرئيسي لسوريا، "هو قضية مفتوحة وقيد النقاش: وتقع تحت البند 311 من العقوبات، ونحن ندرس خياراتنا في هذا الشأن".
ويذكر ان البند 311 من "قانون الوطنية"، الذي اقره الكونغرس بعد هجمات 11 ايلول 2001، ورد في الجزء التنفيذي من "قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان لعام 2004"، والذي استخدمه بوش لفرض عقوبات اضافية على سوريا، حين طلب في 11 ايار الماضي من وزارة الخزانة وقف المعاملات المصرفية مع المصرف التجاري السوري، بسبب تبييضه الاموال.
وقالت مصادر لـ"النهار" ان مسألة العقوبات على المصرف السوري مرتبطة بمدى تطبيق المصرف جدولا زمنيا محددا تم الاتفاق عليه بين وفد من وزارة الخزانة الاميركية والمسؤولين السوريين، يقضي بأن تقدم سوريا معلومات عن حسابات مصرفية لعدد من المسؤولين العراقيين السابقين.