تدل استطلاعات الرأي على أن أغلبية الشعب الأميركي ترى أن أميركا تسير بالاتجاه الخاطىء، مما يدل على وعي الشعب الاميركي، ولكن أغلبية الشعب الأميركي انتخبت جورج بوش لولاية ثانية كي يواصل سياسته بالاتجاه الخاطىء، وهذا يدل على ان الشعب الاميركي مسكون بالخوف من الارهاب، ويعتقد ان بوش هو الافضل في هذا المجال، بحيث يمكن التغاضي عن سياساته الاخرى الخاطئة في المجالات العالمية والمحلية.
عالمياً، جرت ادارة بوش اميركا دون لزوم الى حروب عالية التكاليف ماليا وبشريا واخلاقيا، وعزلت اميركا عن العالم بما في ذلك حلفاء اميركا مثل فرنسا والمانيا، وشوهت صورة اميركا في نظر العالم لدرجة اعتبار اميركا واسرائيل اكثر الدول خطراً على سلام العالم.
محلياً، عاشت اميركا في عهد بوش حال ركود اقتصادي، وارتفع عجز الموازنة الى ارقام قياسية، وزادت البطالة بانخفاض عدد فرص العمل المتاحة لاول مرة في عهد اي رئيس، وفرضت قيود على الحريات المدنية لم يألفها المجتمع الاميركي المنفتح، واحاط الرئيس نفسه بمجموعة من المحافظين الجدد التي تخطط سياسة اميركا على اسس عقائدية لا تتأثر بالواقع.
هل فاز بوش في الانتخابات لان شكله يسمح بالتعاطف معه، ولان حملته الانتخابية كانت منظمة بشكل متميز، ولان دوائر المال والاعمال غمرته بالتبرعات وسمحت له بنشر حملة مكثفة من الاعلانات التي تصقل صورته وتشوه خصمه، ام لان منافسه الديمقراطي ارتكب اخطاء فادحة، وقاد حملة انتخابية دون المتوسط، ولم يطرح رؤية واضحة وشعارات جاذبة للجمهور؟
ليس هناك جواب قاطع على هذه التساؤلات، فالاجتهادات مختلفة، ولكن المؤكد ان مزاج اميركا يميني وليس ليبرالي، واحداث 11 سبتمبر كان لها تأثير هائل على النفسية الاميركية تشبه الشعور بفقدان الامن لدى الاسرائيليين، وبالتالي كان الاميركيون تحت تأثير الخوف عند اختيار رئيسهم المقبل.
كانت اعادة انتخاب الرئيس تقوم على اساس واحد هو الاقتصاد، فان كان مزدهرا اعيد انتخاب الرئيس، وان كان راكدا جرى استبداله. ومن هنا جاءت مقولة كلينتون لبوش الاول: انه الاقتصاد يا غبي!.
في هذه المرة انقلب الوضع، وكان لسان حال بوش الثاني يقول لكيري انه الارهاب يا غبي!.