.. أكثر من ملاحظة قاسية، كانت آخرها ملاحظة اذاعة لندن ان وزراء خارجية دول الجوار العراقي فاتهم ان يقفوا لحظة امام احتلال العراق .. وهو الاساس في كارثته السياسية والامنية، والسبب المباشر في شقاء، وهجرة، وجوع، ورعب ابنائه وبناته!!.
لم يلاحظ السادة وزراء الخارجية ان تشرد ثلاثمائة الف من مواطني الفلوجة وحدها، يعادل او يزيد تشرد ابناء القارة الهندية الذين وصلهم مد المحيط، وقتل عشرة الاف من مواطنيهم، فقادة العالم يجتمعون الآن في العاصمة الاندونيسية جاكرتا، لمعالجة كارثة مليون ونصف المليون من المتشردين من حوض المحيط الهندي .. لكن احدا من السادة وزراء الخارجية لم يتنبه الى ان مواطني الفلوجة ما زالوا حتى الآن يعيشون خارج مدينتهم، وأن الماء والكهرباء والمستشفى والمدرسة دمرها الاجتياح العسكري الاميركي .. تماما كما دمر اجتياح المحيط الهندي قرى ومدن سيرلانكا .. وترك أهلها دون ماء وكهرباء ومدرسة ومستشفى!!.
لا اعتراض لأحد على محاولات الدول المجاورة للعراق أخذ موقف موحد من عدم التدخل بشؤون هذا البلد الداخلية، والانتخابات التي ستجري في نهاية هذا الشهر، وعدم تشجيع الارهاب والعنف القادم من الخارج، ولكن كل ذلك لا يعني ان دول الجوار توافق على الاحتلال الاميركي ـ البريطاني للعراق، ولا يعني ان نبقى نشير الى تدخل سوريا او ايران في الوقت الذي ترابط فيه قوات عسكرية بولندية، وتشيكية، وكورية ويابانية دون ان يطلب منها العراق والأمم المتحدة او حتى احلاف الاطلسي، والهادي .. فهل المسموح ان يرابط جيش كوري في العراق .. وأن تدفع سوريا كلفة العقوبات الاميركية لأن في واشنطن من يظن ان هناك تسللا منها للعراق، او ان هناك عراقيين بعثيين يقاومون الاحتلال عبر اراضيها؟؟
الواضح أن وزراء الخارجية ـ وهم جيران العراق ـ يناقشون قضايا الجيران، وعينهم على الرضى الاميركي، وأنهم إذ يملأون بيانهم بالتنديد بالارهاب والعنف والاجرام إنما يجيزون بمعرفة او بدون معرفة، مذابح اخرى في الموصل غير مذابح النجف وبعقوبة والفلوجة.
ولقد مر مؤتمرهم في عمان على خير .. لكن آخر الشهر وانتخاباته لن يغيرا كثيرا في الوضع العراقي، فالاحتلال هو المشكل!!.