يتعجب قراء الصحف البريطانية من أبوحمزة، فهذا الشيخ مصدر تسلية وغضب في آن واحد. أبوحمزة هو إمام لمسجد فينزبري بارك في لندن، وصاحب المقولات التحريضية الشهيرة، وذو الشكل الذي لا تنساه عين. وللشكل ما لا يقل عن خمسين في المائة من حضور أبوحمزة. له ذراع اصطناعية في رأسها خطاف معدني، وعين اصطناعية، فيبدو مثل قرصان من قراصنة أفلام هوليود. أما الخمسون من المائة الثانية فهي للسانه. مقولاته وخطبه ترضي شهوة صحف الاثارة بالعناوين النارية، كمقولته الشهيرة عندما سئل كيف يفعل كل هذه الاساءات لبلد أحسن ضيافته وحماه من الاعدام المحتمل، لو سلم الى بلده او اليمن؟ فرد بأن بريطانيا ليست إلا مرحاض لا بد من المرور عبره.
بالأمس الأول اثار عجب وغضب الاهالي هنا مرة أخرى، رغم انه في السجن ينتظر محاكمته بعشر تهم، أهونها الدعوة للقتل في مجالسه وخطبه. الآن الخطاف، أي ابوحمزة كما تسميه الصحف، يقول لا يستطيع حضور المحاكمة، لأن أظافر قدميه طويلة، هكذا سجلت الديلي اكسبرس اليومية احدى غرائب هذا الاسبوع. قصة اخرى غريبة في حرب المضيف البريطاني والضيف الشيخ. وعليكم ألا تنسوا ان الحكومة البريطانية هي من ينفق عليه، منذ أن دخل أبوحمزة البلاد، منذ نحو عقد ونصف، وحتى اليوم في سجنه. ومن حق الناس ان تستغرب كيف لرجل يعطل محاكمة، متذرعا بطول اظافر رجليه، مع ان السجن هيأ له كل وسائل النقل السهلة. هو يريد أن يعاند النظام، محكمة وحكومة وإعلام.
ومع أن في بريطانيا مئات الخطباء المسلمين من بريطانيين وأجانب، إلا أن أحدا لا يتذكرهم أو يشكرهم. أبوحمزة هو أشهرهم، فالغالبية منهم في غاية الأدب والانضباط ، يدعون للتعايش والتسامح، لكن لا أحد يتذكر اسما واحدا منهم، لماذا؟ لأن لا أحد منهم يريد أن يكون أكثر من إمام مسجد. أما أبوحمزة ذو المخالب الطويلة، فهو صاحب رسالة مختلفة، يريد أسلمة البريطانيين، بمن فيهم الملكة نفسها، رأس الكنيسة الانجليكانية، مستعينا بمواقفه ومقابلاته بما فيها من تحد وتهديد ومواجهة.
الحقيقة، لا أدري لماذا يفعلها. أفعاله هذه لا تهدي أحدا، بل تنفخ في نار الكراهية ضد الأقلية المسلمة، وتسيء للمهاجرين من المسلمين، وتهدي خصومهم الأدلة ضد دينهم.
في تصوري، الشيخ وضع نفسه في زاوية العناد والمواجهة، فاجتذب الحانقين من الشباب، وبدل ان يقودهم، قادوه الى هذا الوضع المأساوي. ولا أظن انه متصلب في حقيقته، بل محب للشهرة، حيث صار نجما تلاحقه وسائل الاعلام الدولية، تنشد تعليقاته، وهو بدوره لا يبخل عليها بالعناوين الرنانة. وحتى عندما منع من ان يؤم المصلين في مسجده، سد الشارع كل جمعة، وصلى حيث نصبت الكاميرات. والآن اثارت اظافره الطويلة من جديد عجب الناس وغضبهم، خاصة اذا عرفنا أن المحاكمة هنا تكلف الدولة مبالغ طائلة، بسبب كثرة العاملين في اعدادها وترتيباتها وحمايتها، وتدفع كل تكاليفه حتى ثمن محاميته.