مشكلة الإعلام الفضائي أنه يقيس الوقت بالدقائق، على عكس الصحافة التي تقيس الوقت بالساعات. المحطة الفضائية في ظل المنافسة الإخبارية المحمومة ، تريد أن تسجل سبقا، فإذا انتظرت لدقائق سبقتها القنوات المنافسة. وهذا يوقع المحطات الفضائية في أخطاء لا تغتفر، على عكس الصحيفة التي لديها من الوقت ما يكفي، للتأكد من صحة ودقة المعلومات ومصادرها.
مراسل قناة العربية في الكويت وقع في خطأ مهني ، حين بث خبرا عن اشتباك بين الشرطة ومسلحين، والعثور على أسلحة وقنابل في السيارة التي استخدمها المسلحون، وهو أمر لم يحدث إطلاقا.
المحطة من جهتها استعجلت بث الخبر، وعندما نفته الحكومة الكويتية، اعتذرت عن الخطأ، لكن أجهزة الأمن الكويتية اعتقلت مراسل العربية، وأودعته السجن ثلاث ليال، وهو أمر غريب في الكويت، حيث لا تستطيع أجهزة الأمن اعتقال شخص كل هذه الأيام، دون أن تأخذ إذنا من النيابة العامة وتوجه له تهمة صريحة.
المصادر الرسمية الكويتية تقول إنه لا يمكن السماح بترويج مثل هذه الأخبار، في ظروف أمنية دقيقة ، وأنه إذا سمح لمراسل العربية ببث خبر بهذه الطريقة، فإن كل مراسل سيقوم ببث أخبار مشابهة دون التأكد من صحة الأخبار.
مشكلة الأجهزة الأمنية في كثير من دول العالم الثالث، أنها لا تدرك أبعاد تصرفاتها، فإذا كانت هذه الأجهزة تعتقد أنها قد عاقبت شخصا أخطأ، فإن الحقيقة أن الكويت كبلد عوقبت بسبب تصرفات أمنية ضيقة الأفق، فالكويت حصلت على تقدير متميز في مسألة الحريات من منظمات دولية عديدة ، ولم تكن بحاجة إلى هذه الإدانات التي صدرت من منظمات كويتية ودولية معنية بحقوق الإنسان، ومراسل العربية مواطن كويتي، كان يمكن إطلاق سراحه بكفالة وإحالته للمحكمة ، وأكبر عقاب يواجهه مراسل أو محطة ، هو أن تكون أخبارها غير صحيحة ، وأن تعتذر تحت ضغط الحقيقة ، وهي مسألة متعلقة بالمهنية والمصداقية. ولكن المشكلة أن المسؤولين الأمنيين لا يرون أبعد من أنوفهم. واللوم ليس عليهم، بل على أصحاب القرار السياسي، الذين يتركونهم يتصرفون بطريقة تؤذي بلدهم، وإذا كان مراسل العربية قد ارتكب خطأً، فإن أجهزة الأمن الكويتية قد ارتكبت خطيئة..!.