بين اعتراف رئيس منظمة التحرير الفلسطينية (مرشح حركة فتح الذي سيصبح رئيس السلطة الوطنية اليوم) محمود عباس بأن وصفه اسرائيل بالعدو الصهيوني كان «زلة لسان» مستطرداً (لصحيفة يديعوت احرونوت) بالقول: في هذه الظروف الاستثنائية لا يمكن لأحد ان يسيطر على كلماته دائما.. وبين قول محمد نزال أحد قادة حماس بأن الانتخابات الرئاسية «مفصلة» على مقاس السيد عباس المفضل اقليمياً واسرائيليا واميركيا.. يمكن قراءة الصفحة التالية التي ستفتح في الكتاب الفلسطيني المفتوح في مرحلة ما بعد عرفات..

مرشح حركة فتح سيكون لقبه اعتباراً من صباح اليوم التالي: سيادة الرئيس محمود عباس ابو مازن وهو اعلن منذ يوم اول من امس انه سيعيد تكليف رئيس الوزراء احمد قريع بتشكيل حكومة جديدة (بعد ان يقدم استقالته الحالية) وهو مؤشر على تحالف فتحاوي عريض يبقي على مقاليد الأمور في ايدي الحرس القديم في ظل ما يشاع عن «تركيبة وزارية» سيتم فيها اقصاء كثير من الرموز المحسوبة على عرفات والمقربة منه سواء تلك التي راجت حولها اتهامات واسعة بالفساد أم تلك التي اسهمت في اطاحة حكومة عباس ونظمت التظاهرات التي عسكرت امام المجلس التشريعي وراحت تتهم عباس ودحلان بأنهما عميلان للأميركان.

واذ تدور تكهنات واسعة بان رئيس الحملة الانتخابية للسيد عباس، الطيب عبدالرحيم سيكون في موقع الرجل الثاني اذ سيتم استحداث منصب نائب الرئيس في اشارة الى ان عهده لن يكون استنساخاً للتجربة «العرفاتية» التي خصها عباس بكثير من الانتقادات ان لجهة رفضها تفويض السلطة وبخاصة في المجال الامني ام لجهة «تعددية الآراء» داخل السلطة بمعنى عدم استمرار الفردية في اتخاذ القرار، فان الرهان في اليوم التالي سيكون من قبل فصائل واحزاب المعارضة التي ستبدأ في طرح خطابها الآخر في مواجهة المرحلة العباسية، حيث يتوقع ان تعجل بتذكير «الرئيس» عباس بتعهداته والتي قطعها خلال حملته الانتخابية وبخاصة في شأن القدس واللاجئين والاسرى والحدود وخطة الفصل احادي الجانب الذي قد تبدأ اسرائيل بتطبيقها «ومن جانب واحد» في اذار المقبل اذا ما استمر عباس في تبني خطابه الانتخابي الذي وجدت له حكومة شارون تبريرا بانه «لزوم الانتخابات» ولا يتوقع منه ان يقول غير ذلك، لكننا «والقول لسليفان شالوم» سنحكم على افعاله بعد انتخابه.

ثمة مخاوف لا يمكن التقليل من شأنها في ان اليوم التالي لاستحقاق انتخابات الرئاسة سيكون بداية مرحلة جديدة مختلفة عن تلك السلاسة وذلك التوافق الذي حصل بعد رحيل الرئيس عرفات وان ما كان يحكم عباس قبل انتخابه شعبيا «بصرف النظر عن النسبة التي سيحصل عليها»، لم يعد يلزمه كرئيس له التزامات تجاه شعبه ويصعب عليه في الان نفسه ان لا يهمل المعادلات الاقليمية والدولية رغم تعهده بطرح اي اتفاق مستقبلي مع اسرائيل على الاستفتاء العام «في الداخل وفي الخارج»!

من المبكر الدخول في جدل وتجاذبات حول آليات الاستفتاء في الداخل وفي الخارج وما هو سقف هذا الاتفاق المتوقع مع شارون او رزنامته وأكلافه وبخاصة ان الجدل لم يحسم بعد في شأن ما دعا اليه علنا عباس في جولاته الانتخابية سواء في انهاء عسكرة الانتفاضة ام توحيد البندقية الفلسطينية الذي يستلزم انهاء فوضى السلاح.

السؤال الكبير الذي يتردد بعد ان تفتح الصناديق ويعلن اسم الرئيس الفائز هو ماذا ستكون حال الفلسطينيين في اليوم التالي بعد ان توضع الارقام والخرائط والارصدة والمطالب على طاولة الرئيس العتيد سواء في حجم البطالة والفقر ام في استشراء الاستيطان وشح الموارد وتآكل الارصدة وعودة حواجز الاذلال وقبل ذلك ان يباشر في وقف الاعمال الارهابية (بواسطة حوار مع حماس) لنصل بعد ذلك الى المرحلة الاولى (...) من خريطة الطريق كما قال شاؤول موفاز وزير الدفاع الاسرائيلي.

فأين الرئيس الجديد من هنا ومن هذه الملفات الضخمة والمعقدة؟