لندن من معد فياض: دافع رئيس المؤتمر الوطني العراقي الدكتور احمد الجلبي عن الموقف الايراني حيال العراق ، نافيا وجود تدخل ايراني في الشؤون العراقية. ودعا السنة الى المشاركة الواسعة في الانتخابات ليتم سن دستور عراقي لا تستأثر به مجموعة معينة.
وهاجم الجلبي السفير الاخضر الابراهيمي ممثل الامين العام للامم المتحدة الى العراق ، محملا اياه التردي في الاوضاع الأمنية الحاصل اليوم ، منتقدا اداء الحكومة العراقية بالرغم من تأكيده ان رئيسها الدكتور اياد علاوي صديقه «وتربطني به علاقة حميمة».
وفي حديث مع «الشرق الاوسط» عبر الهاتف من بغداد التي عاد اليها بعد زيارة الى طهران، قال الجلبي «قابلنا غالبية المسؤولين الايرانيين وعلى رأسهم الرئيس محمد خاتمي ورئيس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني ووزير الخارجية كمال خرازي ورئيس مجلس الشورى الاسلامي وتباحثنا في السياسة الخارجية والاوضاع الداخلية ومسألة الانتخابات العراقية».
واضاف «ابلغنا الايرانيين قضايا مهمة واساسية ابرزها ان قائمة الائتلاف العراقي الموحد الانتخابية (شيعية) ليست مشروعا لاقامة جمهورية اسلامية في العراق وانما هي مشروع لاقامة حكومة ديمقراطية تعددية تحترم حقوق الانسان. كما قلنا لهم انه اذا فازت هذه القائمة فلن نطلب بسحب القوات الاميركية ، بل سندعو الى التعامل معها وفق قرار مجلس الأمن 1546 والى الاتفاق حول تنظيم وجود هذه القوات في العراق. المسؤولون الايرانيون تفهموا رأينا بان هذه القوات ضرورية لحفظ الأمن في البلد».
وحول تصريحات بعض المسؤولين العراقيين عن التدخلات الايرانية في الشأن الأمني العراقي، قال الجلبي «نحن نتعامل مع هذا الكلام انطلاقا من موقف الحكومة العراقية. ليس هناك خطاب موحد من قبل الحكومة العراقية حول هذه الاتهامات. نحن نعتقد ان بعض الاشخاص يقومون باطلاق هذه التصريحات لاغراض سياسية وللحصول على رضى من يعتقدون انهم يتخوفون من قائمة انتخابية معينة او من اطراف سياسية معينة ويسعون للحصول على دعم اطراف اجنبية لهم». وأضاف قائلا «قلنا للايرانيين اننا لسنا مع هذه التصريحات ونستنكرها ونحن نريد ان تقام علاقات طيبة وممتازة بين البلدين لكننا نرفض في الوقت نفسه الهيمنة من قبل ايران على أي امر سياسي عراقي. نحن نعتقد انه اذا كانت هناك امور جدية فيجب التباحث مع الجهات السياسية والأمنية الايرانية بشأنها لمعالجتها».
ونفى رئيس المؤتمر الوطني العراقي وجود نفوذ ايراني مؤثر على السياسة العراقية وقال، «هناك نفوذ عراقي كبير على ايران. الايرانيون يقدسون الامام علي والامام الحسين، وهما مدفونان في النجف وكربلاء. هناك تأثير عراقي كبير على الايرانيين اكثر من التأثير الايراني على العراقيين».
ودافع الجلبي عن الموقف الايراني قائلا «اعتقد ان القول بان هناك تدخلا سياسيا او مخابراتيا ايرانيا في العراق بعيد جدا عن الحقيقة وليس له أي اثر. كل الدول تحاول الآن ان تفهم ماذا يجري في العراق والشيء الاساسي هو ان ايران، حسب اعتقادي ، تسعى لاقامة علاقات طيبة مع العراق ولا اعتقد ان دولة اصبح لها خبرة سياسية في المنطقة مثل ايران تسعى للقيام باي اجراء يهدد الانتخابات العراقية لانها تعلم جيدا ان غالبية العراقيين ترغب في العيش بسلام وتعاون مع كل الدول المجاورة للعراق وبضمنها الجمهورية الاسلامية، فلماذا تتدخل ايران للاخلال بهذه المعادلة التي ستأتي بشكل طبيعي بحكومة تطلب السلام والتعاون الاقتصادي والحضاري والثقافي مع كل جيرانها وبضمنهم ايران؟».
وشرح رئيس المؤتمر الوطني العراقي اسباب ائتلافه مع الاحزاب الشيعية ضمن قائمة «الائتلاف العراقي الموحد» قائلا «المؤتمر الوطني العراقي له مرشحون من كافة الاطياف في هذه القائمة، سنة وشيعة من منتسبي المؤتمر او مؤيديه. عندما تأسس المؤتمر في اجتماع صلاح الدين اواخر عام 1992 كان كل من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وحزب الدعوة الاسلامية ومنظمة العمل الاسلامي من مؤسسي المؤتمر الوطني العراقي ووافقوا على الخطاب السياسي والنظام الداخلي واهداف المؤتمر التي تدعو لاسقاط النظام الديكتاتوري واقامة دولة تعددية ديمقراطية فيدرالية في العراق» ، مشيرا الى ان «هذه الاطراف متآلفة الان في قائمة حيث تتفق طروحاتهم مع طروحاتنا».
وعن موقف المرجع الشيعي الاعلى آية الله علي السيستاني من قائمة «الائتلاف العراقي الموحد» قال الجلبي «السيد السيستاني قام بجهد كبير بتعيين لجنة ساعدت على اعداد هذه القائمة وهو يبدي آراءه عبر من يخولهم بنفسه ، وحسبما تشير التصريحات والدلائل فانه ينظر بعين الرضا لهذه القائمة»، مشيرا الى ان «السيد السيستاني يعرف وظيفته ودوره في المجتمع. والسيد المرجع استقبل وفدا من السنة من الذين اشتركوا في هذه القائمة ورحب بهم وكان له موقف ايجابي معهم لاشتراكهم في هذه القائمة ، وهذا يؤكد انه أب لكل العراقيين. وانا اعتقد ان للسيد السيستاني الفضل الاكبر في اجراء الانتخابات في العراق وكذلك في عودة السيادة اضافة الى موقفه الصلب الذي اعلنه منذ الشهر الرابع من العام الماضي وهو ان الدستور يجب ان يسن ويكتب من قبل جمعية وطنية منتخبة. السيد السيستاني يؤيد الانتخابات ونحن اقنعنا الطرف الاميركي بالتنازل عما كانوا ينوون القيام به ، وهو سن الدستور قبل الانتخابات ووافقوا على عودة السيادة اولا ومن ثم اجراء الانتخابات وسن الدستور، وها نحن على ابواب اجراء الانتخابات».
ودعا الجلبي كافة الاطراف السياسية في العراق وابناء الشعب العراقي «وبصورة خاصة اخواننا السنة للمشاركة في هذه الانتخابات وانتخاب من يمثلهم ، لاننا نعتقد ان عملية كتابة الدستور هي لا تجري بالاكثرية او الاقلية ، على اسس طائفية او اثنية او عرقية. الدستور يجب ان يتوج التوافق السياسي على الامور الاساسية لمكونات الشعب العراقي، وقيام هذا التوافق هو الذي يحفظ وحدة العراق». واستبعد رئيس المؤتمر الوطني العراقي قيام حكومة شيعية في العراق وقال «اتوقع قيام حكومة ممثلة لكل مكونات الشعب العراقي في المستقبل القريب ونحن ضد استئثار أي فئة او طائفة في العراق وكفانا ذلك. يجب ان تمثل كل الاطراف السياسية في هذه المرحلة في الحكومة العراقية لتتمكن من اعادة اللحمة بين ابناء الشعب العراقي بعربه وكرده وشيعته وسنته وجميع الاطراف وانا اعتقد انه لا مستقبل لحكومة طائفية في العراق».
واشار الجلبي الى ان هذه الانتخابات تجري بناء على قانون ادارة الدولة وقرار مجلس الأمن 1546 الذي جاء لاقرار ما ورد في القانون الذي يحدد جدولا زمنيا للعملية السياسية في العراق ويحرم التلاعب في هذا الجدول او تأجيله وليس هناك أي اساس دستوري لتأجيل الانتخابات فكيف يدعون اليها؟». واعتبر ان الحكومة الحالية «ستفقد الشرعية في 31 الشهر الحالي فمن سيحكم العراق بشكل شرعي وكيف؟ هذا يعني اننا سندخل في دوامة جديدة وتوافق سياسي جديد في ظل هذه الاوضاع الأمنية الصعبة».
ودعا الجلبي الحكومة العراقية الى تأمين الاوضاع الأمنية لاجراء الانتخابات وضمان مشاركة واسعة من قبل العراقيين فيها، وقال «ان من الركائز التي جاءت عليها هذه الحكومة هي توفير القدر المناسب من الأمن ليتسنى للشعب العراقي ممارسة حقه في الانتخابات ونحن ندعو الحكومة الالتزام بهذا الامر ونؤيدها بقوة لتوفير الأمن في البلاد».
واوضح رئيس المؤتمر الوطني العراقي رأيه بالحكومة العراقية التي ابعد من المشاركة فيها قائلا «هذه الحكومة تألفت نتيجة نزوات بعض الاطراف الخارجية غير العراقية. لا تنسى ان الاخضر الابراهيمي كان له دور كبير في تأسيس هذه الحكومة وقد تصديت لدوره عندما جاء الى العراق لأنني كنت أرى ما سيحصل، وفعلا حصل ما كنت اتوقعه. كنت ارى ان الحالة الأمنية سوف تسوء وان عودة البعثيين الى اجهزة الأمن التي كان يدعو اليها الابراهيمي تسبب انهيار الوضع الأمني مثلما حاصل الان، وكان من الطبيعي ان يعلن الابراهيمي قبل وصوله الى العراق انه سوف يستبعدني عن تشكيلة الحكومة وانا في الوقت الحاضر لا احسد من هو في الحكومة». وتحدث عن اداء الحكومة العراقية قائلا «الشعب العراقي يعاني من فقدان الأمن والخدمات. ليس هناك وقود ولا كهرباء ولم تتم معالجة مشكلة البطالة والاضاع الصحية. وهناك فساد اداري كبير في كل مرافق الدولة وهذا امر يتبرأ منه ابناء الشعب العراقي». لكنه بالرغم من ذلك وصف علاقته برئيس الحكومة الدكتور اياد علاوي بانها «علاقة صداقة متينة»، وقال «الدكتور اياد علاوي صديقي منذ سنوات طويلة والاختلاف السياسي لا يفسد للود قضية وانا اعتقد ان الاختلاف في وجهة النظر السياسية ظاهرة صحية». واكد الجلبي انه لا يريد سوى ان يكون عضوا في الجمعية الوطنية المقبلة ليشارك في سن الدستور العراقي، «اريد ان يسن دستور يحافظ على الحريات ويحرم الطائفية السياسية والاستئثار العنصري والطائفي بالحكم في العراق وكذلك يحترم الهوية الاسلامية للشعب ووضع العراق ووجوده في هذه المنطقة ويحافظ على سيادة البلد».