أقطــــــــع ذراعــــــــــي! دخل جهنم اربعة اشخاص، سمح لهم بالاتصال بذويهم الاحياء على الارض. فدفع الروسي »٠١« آلاف روبل ثمنا للمكالمة، ودفع الامريكي ألف دولار، ودفع الانجليزي »٠٠٥« جنيه. ولما جاء دور السوداني - وكان جعفر نميري ما يزال في الحكم - لم يدفع سوى »٥« قروش فقط، فاحتج الآخرون، فكان الرد: - انها مكالمة محلية. هذه نكتة قديمة لكنها تتجدد مع كل العهود، والفرق هو في الانظمة الديكتاتورية، والتي هي والحمد لله لا تنتهي من العالم الثالث. لكن وضوح النكت ومعانيها واهدافها يقابله غموض حول مبدعي النكت بشكل يجعلهم اكثر جوانب دراسات النكتة في العالم غموضا! وفي محاولة لفك الغموض حول صانعو النكتة بحث استاذ جامعي مصري هو د. معتز سيد عبدالله فوجد ان هناك من يرى ان النكتة ابداع شعبي جماعي يشترك فيه عدد من الافراد وليس فردا واحدا، حيث يضيفون اليها او يحذفون منها او يعدلون فيها الى ان تصل الى شكلها المتقن المعروف. وهناك تفسيرات اخرى تقول ان المنتج الاساسي للنكتة ليس هو الشعوب بل الحكومات وخاصة اجهزة الامن والمخابرات فيها، فهي التي تؤسس الاجهزة الخاصة التي تنشط في ابداع النكات بهدف امتصاص احباط الناس او معرفة مدى تقبلهم للاتجاهات والافكار التي تحتويها هذه النكات، كما تقوم ايضا بتحليل النكات المتداولة ودراستها بهدف معرفة الاتجاهات السائدة لدى الناس. وثمة من يقول ان النكتة يتم ابداعها في اجواء ومواقف يتحرر فيها العقل من الرقابة ومن الخوف، ومن بين هذه المواقف جلسات تعاطي المخدرات وما شابهها من جلسات، وقد يتم النقل احيانا لبعض النكات الشائعة في التراث القديم ومن خلال الترجمة وتحويرها بما يتناسب مع الظروف الحالية. غير ان البحث حول النكتة لم يواجه غموضا في الازمات والمشكلات التي تتعامل معها النكتة وخاصة المصرية، فأهم تلك الازمات المشكلات المرتبطة بالفساد بشكل عام، سواء كان فسادا سياسيا او اجتماعيا او اقتصادياً او تربويا او سلوكيا او ما شابه ذلك من انماط الفساد، كما جاءت الممارسات الخاصة بالحياة الزوجية في مرتبة متقدمة، وفي بعض الاحيان سبقت الممارسات المتعلقة بالاحداث السياسية وتعاطي المخدرات، ثم جاءت بعد ذلك الازمات والمشكلات الخاصة بالتعليم والاسعار والمواصلات وغيرها من الموضوعات المرتبطة بالازمات. وتزداد النكت وتحكى حسب رأى الباحث المصري في الجلسات الودية بحميمية وخاصة التي تجمع بين الاصدقاء، فهنا تنطلق النكت وتحكى من اجل تحقيق اكبر قدر من الاستمتاع بالوجود معا والصحبة الجميلة. اما بعد ذلك فتأتي مواقف اخرى يكثر فيها حكاية النكت - على سبيل المثال - اثناء مشاهدة التلفزيون وخاصة عندما تكون البرامج التي يعرضها مملة ولا تبعث على الاندماج والتسلية، وايضا اثناء الحديث في التلفون، واثناء تناول الطعام، وربما اثناء العمل او عبر وسائل المواصلات خلال الوجود مع آخرين في رحلات تتسم بالحميمية وخلال ما شابه ذلك من المواقف. وتأكد الباحث ان النساء اكثر حبا للاستماع الى النكت وتذوقها، بينما الرجال اكثر ميلا الى ابداع النكت وتأليفها. اخيرا رسم زعيم عربي وشماً على ذراعه، يصور خريطة فلسطين المحتلة، فلما سئل عن السبب، قال: - حتى لا انسى - لكن.. ماذا ستفعل لو تحررت فلسطين، والوشم لا يمحى؟ - اقطع ذراعي. ويبدو ان النكتة ستبقى نكتة خالدة لان احدا لن يقطع ذراعه!
- آخر تحديث :
التعليقات