الإلتباس الذي وقع فيه الذين أخذوا على الانتخابات الرئاسية الفلسطينية الاخيرة انها لم تشمل فلسطينيي «الشتات» هو ان السلطة الوطنية ، التي أصبح محمود عباس ( أبو مازن ) رئيسها بموجب هذه الانتخابات ، جهاز من اجهزة منظمة التحرير وان منظمة التحرير وفقاً لقراري قمتين عربيتين ، الأولى قمة الجزائر والثانية قمة الرباط في العام 1974، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني كله .
ويبدو أيضاً ان بعض المنظمات الفلسطينية لا تعرف ولا تدرك ان منظمة التحرير ، التي هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بموجب قرارات المجلس الوطني أيضاً ، هي التي فاوضت في أوسلو وفي جميع محطات المسار الفلسطيني _ الإسرائيلي اللاحقة وان المجلس الوطني وفي عدد من الدورات المتلاحقة ، اهمها دورة غزة ، هو الذي اعترف بالدولة الاسرائيلية في حدود ما قبل الرابع من يونيو «حزيران» 1967 .
ثم ويبدو أيضاً ان هذه الفصائل ، التي نأت بنفسها عن الانضمام الى الآخرين في إطار هذه المنظمة ، لم تدرك ان ترشيح محمود عباس ( أبو مازن ) الذي أصبح رئيساً شرعياً للسلطة الوطنية بموجب الانتخابات الاخيرة جاء محصلة لإنتخابه رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية وأن أبو عمار ، رحمه الله ، لم يكن يفاوض ولم يوقع الاتفاقيات التي وقعها لا بإسم حركة «فتح» ولا بإسم السلطة الوطنية وإنما بإسم منظمة التحرير ، التي هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وفقاً لقرارات القمم العربية وإعتراف المجتمع الدولي ومباركة المجلس الوطني الفلسطيني في عدد من دوراته المتلاحقة .
ولذلك فإن الانتخابات التي جرت في الضفة الغربية وقطاع غزة جرت بقرار من منظمة التحرير ، التي هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، ولذلك أيضاً فإن أي إتفاقات مستقبلية مع إسرائيل ، بما في ذلك المتعلقة بالقدس واللاجئين ، ستبرمها هذه المنظمة وليس السلطة الوطنية التي هي جـهاز من أجهزة المنظمة المذكورة مثلها مثل السفارات الفلسطينية في دول العالم .
ربما لم يدرك البعض ولم تدرك بعض الفصائل المعارضة موجبات احتفاظ فاروق القدومي ( أبو اللطف ) بمهمة وصِفَةِ وزير الخارجية بينما جرت تسمية نبيل شعث منذ ان أنشئت السلطة الوطنية وزيراً للتعاون الدولي .. فإن هذا يعني ان الاول عندما يحضر المؤتمرات الدولية والعربية يحضرها بإسم منظمة التحرير وبالتالي بإسم الشعب الفلسطيني كله بينما الثاني يتولى مسؤولية علاقات السلطة الوطنية في المجالات الخارجية .
لقد أعلن أبو مازن ، وهو ربما لم يكن مضطراً لهذا الإعلان لأنه رئيس منظمة التحرير التي تمثل الفلسطينيين كلهم ولأنه بالتالي رئيس هؤلاء الفلسطينيين جميعهم ، أنه قبل أن يبرم أي إتفاق يتعلق بالقدس وبحق العودة سيستفتي الشعب الفلسطيني كله ، الذي في الداخل والذي في الشتات وهنا فإن إجراء مثل هذا الاستفتاء لن يكون سهلاً فهناك فلسطينيون في الخارج أصبحوا من مواطني الدول التي يقيمون فيها وهذا يعني ان مشاركتهم في هكذا إستفتاء ستؤثر حتماً على طبيعة مواطنتهم وستفتح أبواباً جديدة كانت أُغلقت منذ عقود سابقة .
وبهذا وفي ضوء هذا كله فإنه ليس أمام ، الذين أثاروا جملة التساؤلات التي أثاروها بالنسبة للإنتخابات الأخيرة ، سوى إما ان يلتحقوا بمنظمة التحرير ويصبحوا جزءاً من نسيجها ويؤيدوا ويعارضوا من داخل أطرها الشرعية وإما ان يسعوا الى حل هذه المنظمة وإلغائها وإلغاء حق تمثيلها للشعب الفلسطيني وإستبدالها بمنظمة جديدة ولذلك وبغير هذه الخيارات فإن الحديث عن الوحدة الوطنية سيبقى حديثاً للإستهلاك وسيبقى شبح الانقسام مخيماً على شعب نزف بما فيه الكفاية وهو بأشد الحاجة الى الوحدة في مثل هذه الظروف الصعبة الخطيرة.