ما دام ما ماشيه معانا في الكرة هذه الأيام، فليس لنا إلا السياسة، والمراوحة بين مصطلحات الرياضة والسياسة والمفارقات بين لعبة السياسة واللعبة الرياضية، فهناك الخصم الرياضي والخصم السياسي، الأول مواجهته لمدة ساعة ونصف الساعة أما الآخر فمجابهته حتى يحلّ عنا وعن سمائنا، هناك الحكم الرياضي والحكم السياسي، الأول حازم جازم وبطاقاته في جيبه، والآخر مهادن مراوغ وجلده أملس كالثعبان، هناك القوانين التي تحكم الرياضة، وهناك القوانين التي تمط حالها كرماً لعيون السياسة، في الرياضة وقت ضائع، ويمكن استغلال الفرص، وفي السياسة الوقت هو الفرص واستغلالها واجب وملزم، خط التماس وخط الدفاع في الرياضة متجاوران، وفي السياسة متحاربان، هناك الجناح في الرياضة الذي يمكن أن يصنع هدفاً أو يسجل هدفاً، وهناك الجناح السياسي المعتدل والمتطرف والمستقل، وجميعهم يسجلون أهدافاً في الحكومة، وهناك الهجوم الرياضي والهجوم السياسي، الأول يمكن أن يجعل شباك الخصم نظيفة، ويصوم عن التسجيل ويعد متعادلاً، والآخر إن لم يحرز هدفاً أو يسجل تقدماً في المباحثات والمشاورات عد خاسراً، هناك فريق رياضي، وهناك فريق انتخابات سياسي، هناك مشجع رياضي يبح صوته ولا يعرف نتيجة المباراة، وهناك مشجع سياسي يقبض ثمن صوته، هناك العنف الرياضي الذي يظهر كإصابات الملاعب، وهناك العنف السياسي الذي يفتك بالشعوب، الرياضة بحاجة إلى فن وتكتيك، والسياسة صلبها التكتيك وفنها فن الممكن، الرياضة محبوبة الجماهير والسياسة عدوة الشعوب، في الرياضة هناك فريق مكون من اليمين واليسار والوسط، وفي السياسة هناك التقسيمات ذاتها·
في الرياضة هناك احتياط وفي السياسة هناك حكومة ظل، هناك ضغط سياسي وهناك ضغط جماهيري، في الانتخابات السياسية هناك حشود المؤيدين والمعارضين والمخربين، وفي الرياضة هناك حشود جماهيرية ومشجعون ومخربون على طريقة التشجيع الإنجليزي، هناك جواسيس السياسة وهناك جواسيس الملاعب، رؤساء الرياضة يعتزلون قبل الأربعين ورؤساء السياسة يبدأون اللعب بعد الأربعين، هناك المراقبون الرياضيون الذين ذمتهم ناصعة، وهناك المراقبون السياسيون الذين ذمتهم لك عليها ·
هناك الروح الرياضية، لكن لم نسمع عن الروح السياسية، الهزيمة في الرياضة تعوض والهزيمة في السياسة لا تعوض، في الرياضة يمكن أن تستعين بحكام أجانب، أما في السياسة فلا يمكن أن تستعين بـ حكام أجانب·· وغداً نكمل حديث الرياضة والسياسة··